تتسع الهوة يوميا بين تصريحات نافذي الحكومة السودانية وواقع الأوضاع الاقتصادية التي تشهد ترديا متصلا منذ عدة أشهر ، ويشكو السودانيين على مدي الاشهر الاخيرة من تصاعد جنوني في اسعار السلع الاستهلاكية الرئيسية دونما ضابط او رقيب للاسواق ، ولاتبالى حركة السوق الى تطمينات مستمرة من نافذي الحكومة السودانية بان الاوضاع في طريقها للتحسن. يعاني السودان من موجة غلاء غير مسبوقة وبلغ سعر كيلو لحم الضأن الأيام الأخيرة (65) جنيهاً، قياساً ب (45 ) جنيهاً في يناير الماضي ، بزيادة بلغت (33-44 %)،بينما بلغ كيلو لحم البقر مابين 45-50 جنيهاً بنهاية سبتمبر مقارنة ب 32 جنيهاً بداية العام الحالي بمعدل زيادة (40- 56%). وشمل الإرتفاع أيضاً الألبان ، بنسبة تجاوزت ال 50% منذ بداية العام ، كما طال الارتفاع اسعار الخضروات ، ورغيف الخبز وزيوت الطعام والحبوب . غير ان وزير المالية السوداني بدر الدين محمود، أعلن خلال إجتماع ضم وزراء المالية بالولايات نجاح البرنامج الثلاثي الاقتصادي (2012-2014) في تحقيق معدلات نمو موجبة،وقال لولا هذا البرنامج لارتفع معدل التضخم إلي 156% . وعلى ذات النسق مضى صندوق النقد الدولي مشيرا الى ان الخطط الخاصة بخفض معدل التضخم إلي 14% في 2014 مقارنة ب 41.8%في نهاية العام الماضي 2013 تتسم بالواقعية. واضطرت الحكومة السودانية في سبتمبر من العام الماضي الى رفع الدعم عن الوقود ، ما فجر موجة احتجاجات عمت عددا من مدن السودان كان اقواها فى مدينتى الخرطوم وود مدنى ، حيث ادى تعامل القوات الحكومية المفرط مع المحتجين الى سقوط ما لايقل عن مائتى شخص وفقا لتقديرات منظمات دولية . واثر الارتفاع المضطرد في الضرائب والرسوم الجمركية والرامي لجلب إيرادات إضافية للموازنة العامة، علي تكلفة السلع المنتجة محلياً. وطبقا لمراقبين اقتصاديين فان الحكومة لن يكون امامها مخرج سوى فرض زيادات جديدة على أسعار المحروقات وهو ما ألمح اليه وزير المالية هذا الأسبوع حين تحدث عن هيكلة دعم المحروقات،بما يعنى الرفع التدريجى للدعم عنها . وشكك الحزب الشيوعي في بيان اصدره بالرابع والعشرين من سبتمبر في وجود اى دعم من الاساس وقال انها " أكذوبة حكومية " لتبرير رفع أسعار السلع من أجل تمويل الإنفاق الحكومي المتعاظم علي الحرب وآلة القمع. وقال الحزب في بيانه (نظام المؤتمر الوطني وبصفته وكيلاً للرأسمالية العالمية،لا يدعم أي سلعة علي الإطلاق،وفيما يتعلق بالبترول فالأرقام الحكومية تشير إلي أن عائدات البترول سنوياً (بعد انفصال الجنوب) لاتقل عن 12.7 مليار جنيه،وعليه فالحكومة تربح المليارات من بيع المشتقات البترولية بالأسعار العالية.إلا أنها لا تدخل الخزينة العامة بسبب الفساد ونهب المال العام حيث بلغت جملة المبالغ المنهوبة فقط في عام واحد (2011) ما قيمته 63 مليار جنيه، بحسب تقرير المراجع العام.) . واعتبر الحزب أن النتيجة الحتمية لسياسات النظام الاقتصادية هي المزيد من التجويع والإفقار،ودعا الجماهير للإحتجاج عليها. وكان إقتصاديون رهنوا تحسن الاقتصاد السوداني بالاستقرار السياسي. و نقلت وكالة الانباء السودانية الرسمية في 25 سبتمبر عن د.محمد الجاك أحمد أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم قوله ان الاستقرار السياسي من شأنه ان يفتح الباب واسعا امام استقطاب الاستثمارات الوطنية والاجنبية بجانب وقف هروب رؤوس الاموال الوطنية الى خارج البلاد خاصة دولة اثيوبيا . وطالب الجاك بضبط الصرف العسكري والأمني مع إعطاء الأولوية لتثبيت سعر الصرف بتخصيص جزء مقدر من موارد النقد الاجنبى المتوفرة فى القنوات الرسمية لإدارة سعر الصرف مشددا على ضرورة وضع ضوابط صارمة لحركة رؤوس الأموال الخارجة والداخلة الى البلاد مع توجيه آليات السياسة النقدية لاستهداف التضخم داعيا الى توجيه الموارد المتاحة فى الراهن الاقتصادي لدعم القطاع الزراعي والصناعي لتعزيز القدرة التنافسية للصادرات السودانية كخطوة أولى على طريق الاصلاح الاقتصادي الشامل فى البلاد. ويمثل ارتفاع سعر صرف العملات الاجنبية في مقابل الجنيه السوداني معضلة اقتصادية كبيرة تؤدى بدورها الى اضطراب الاسواق والزيادة الكبيرة في اسعار السلع والاحتياجات ، لكن مسؤولين في الحكومة توقعوا ان يشهد سعر الدولار الامريكى تراجعا امام الجنيه السوداني . ويعزو وزير الدولة بوزارة المالية عبد الرحمن ضرا الانخفاض لجملة عوامل بينها استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد. وسجل الدولار، الأحد الماضي، 9,100 جنيهاً مقارنة ب 9,500 في السابق، في ظل مخاوف التجار من توالي الانخفاض، ما حال دون حدوث مضاربات في الأسواق، بينما تراجع سعر الريال السعودي إلى 2,3 جنيه. وأكد تجار عملة ل"سودان تربيون" إن سعر الدولار في طريقه للانخفاض نحو 8 جنيهات.