[email protected] كنت أظن أن أمريكا وحدها التي تستخدم أسلوب العصا والجزرة مع الدول التي لا ترغب في بسط يد المساعدة لها أو لتلك التي تسبب لها صداعاً نصفيا كصداع الشقيقة الذي حير الأطباء0 وقد صار معروفاً لدى الكثيرين أن هذه السياسة، إضافة إلى هدف التخويف والإذلال، تعني إظهار غير ما يبطن المرء0 ونحن عندنا مثل قديم يقول بان فلان صاحب عصا قائمة وأخرى نائمة للإشارة إلى أنه غير واضح القرار أو التصرفات وبالتالي لا نصدقه أو نعتد كثيراً بقوله وربما بصورة أو أخرى يقع شخوص الأستاذ مصطفى أبو العزائم، (حجر) و (مسعود) وما سيأتي تحت طائلة هذا الفهم0 ولعل ما رشح مؤخراً وفجأة من معلومات حول تغيير العملة في الجنوب رغم الاتفاق بين الدولتين على استخدام الجنوب لعملة الشمال لفترة ستة شهور ثم الكشف بأن الجنوب يملك عملة جديدة جاهزة للتداول الفوري أبان لنا أن الجنوب كان يدفن العصا لكي يفاجئ الشمال ويترتب على ذلك ضرب لاقتصاده حسبما سيتضح لاحقاً، غير أن الشمال لم يكن غافلاً عن تلك النية المبيتة وعمل سراً بدوره لتغيير عملته أيضا0ً لكن قبل أن نعلم بذلك كانت إجابة وزير المالية، على سؤال بجريدة السوداني حول مصير العملة السودانية المتداولة بالجنوب بعد التغيير، غير منطقية ومقلقة فضلاً عن أنها تجهل الكثير من التبعات إذ قال باقتضاب: (ما عندنا (شغلة) بالعملة التي سيتم استبدالها بالجنوب) وهو يعني هنا عملة السودان0 كيف لا تكون عندنا (شغلة) بعملتنا المنتشرة في الأحراش والغابات وأيادي مواطني دولة أخرى وبنوكها؟ لعل راعي الضان يعلم انه إذا استبدل الجنوب عملة الشمال فوراً ولم يعيدها للشمال ستكون في حوزة جمهورية جنوب السودان كتلة نقدية لا يستهان بها ومن الممكن تهريبها للشمال ليتم بها شراء الدولار من السوق الأسود مثلاً ومن ثم تهريبه للجنوب، وهنا ما أكثر المغامرين المتاجرين الذين بنجاحهم في هذه الخطوات يدمرون إقتصادنا0 هذا فهم الإنسان العادي فماذا يقول خبراء الاقتصاد الذين لم نسمع منهم شيئاً؟ هل اقتنعوا برد وزير المالية وفهمه المحدود لهذا الأمر الكبير أم ماذا؟ ولولا أن حكومتنا كانت تدفن عصاها أيضا وتنبهت لمثل هذه الخطوة من جنوب السودان وقامت بطباعة عملة جديدة لكان (الضحك شرطنا)0 قد يقول قائل بأن الوزير يعلم ذلك ولم يشأ أن يجاهر بالقول قبل إعلانه بواسطة رئيس الجمهورية ولكن مثل هذه الأشياء لا تحتمل التأخير، وحتى بعد الإعلان عن العملة الجديدة ستكون هناك فرصة للتهريب من الجنوب إن لم نسبقه باستبدال عملتنا وقبلها ونعمل على استعادة عملتنا بأي كيفية تكفلها النظم القانونية الدولية التي لا أعتقد أنها تغفل مثل هذا الحق الذي ليس بحاجة إلى فهامة0 آخر لحظة 23/7/2011 نشر بتاريخ 24-07-2011