كلام والسلام. هيئة علماء الحكومة! امين محمد سليمان ضحكت حتى بانت (حشوة ضرسي) وأنا أقرأ الخبر المنشور في عدة صحف تحت عنوان (هيئة علماء السودان تبرئ الحكومة من التورط في موجة ارتفاع الأسعار) والذي جاء في تفاصيله (برأت هيئة علماء السودان الحكومة السودانية من التورط في موجة ارتفاع الأسعار والغلاء الشديد الذي يجتاح الأسواق السودانية، وقالت إن الحكومة لا تتحملها منفردة ويشترك معها الأفراد والمجتمع.). وحقيقة لا أعرف ما هي (هيئة علماء السودان) هذه، ومن هم أعضاؤها وكيف يتم اختيارهم؟ الذي أعرفه أن هذا التصريح لا يشبه علماء السودان ولا صلة له بمنطق أو عقل أو دين. والتصريح فيه من التناقض ما يشيء بالعجلة لمخارجة الحكومة من وزر معاناة الناس، إذ كيف تبرئ الهيئة الحكومة من التورط في موجة ارتفاع الأسعار وفي نفس السطر تقول (لا تتحملها منفردة)، وهذا اتهام واضح وصريح بمشاركة الحكومة في وزر (الغلاء الشديد الذي يجتاح الأسواق السودانية). والحقيقة أن الحكومة والحكومة وحدها من يتحمل هذا الوزر في هذه الدنيا، ويوم لا تغني عنها هيئة علماء السودان من الله شئياً. الحكومة باسم الله وتمكين دينه عذبت الناس في المعتقلات والزنازين وبيوت الأشباح باعترافهم، وهيئة علماء السودان صامتة صمت القبور!! الحكومة تستقطع الضرائب بلا خدمات والمكوس بغير وجه حق وتأكل أموال الناس بالباطل وهيئة علماء السودان لا يسمع لها صوت!! فساد المسؤولين الحكوميين يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ويراه الناس في قصورهم ذات المسابح، غابات من الأسمنت في بلاد يتقاسم فيها الفقر والعوز والمساغب مساكن الناس، وهيئة علماء السودان لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم!! الحكومة توهب ملايين الأفدنة من أرضنا للمزارعين للأجانب، تبحث لهم عن التمويل وتزج بنوكها بمزارعينا في السجون، وهيئة علماء السودان لا تهتم!! الحكومة تتبنى سلسلة من السياسات الإقتصادية الخاطئة تؤدي لارتفاع أسعار السلع، فيعم البلاء والغلاء فتخرج علينا هيئة علماء السودان لتبرئ الحكومة وتجرم معها الأفراد والمجتمع!! فلماذا لا تصمت هيئة علماء السودان مثلما صمتت على كل باطل الحكومة، لماذا لا تسكت عن الحق مثلما تفعل دائماً، بدلا من اتهام الأفراد والمجتمع في مشهد من تبرئة الجاني ولوم المجني عليهم لم أرَ له مثيلاً. في الوقت الذي تقتل الحكومة السورية شعبها بالدبابات والبوارج الحربية وتسيل دماء الأبرياء فتملأ دجلة والفرات، يخرج مفتي سوريا قائلاً: (إن متطرفين من المملكة العربية السعودية ومصر ودول أخرى وصلوا الى سوريا، مضيفاً أن الأحداث الأخيرة في بلاده تهدد ليس سوريا فحسب بل المنطقة بأكملها. واتهم المفتي الغرب وبالدرجة الأولى الولاياتالمتحدة بمحاولة إثارة فتنة طائفية في المنطقة، وهذا بهدف تعزيز مواقف إسرائيل). إن هذا والذي جاءت به هيئة علماء السودان ليخرج من مشكاة واحدة. والله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن أن تخرج هذه الكلمات ممن ينسبون أنفسهم للعلماء. غضب سلطان العلماء وبائع السلاطين العز بن عبد السلام من السلطان إسماعيل وأغلظ له في القول فعزله السلطان من الإفتاء، ولما ذهب إلى داره أرسل له السلطان رسولاً ليقول له: ".. بينك وبين أن تعود إلى مناصبك، وما كنت عليه وزيادة، أن تقبل يد السلطان لا غير".. فقال العالم الجليل الممتلئ عزة وأنفة وإباء: "والله يا مسكين ما أرضاه أن يقبل يدي، فضلاً عن أن أقبل يده.. يا قوم أنتم في وادٍ وأنا في وادٍ.. والحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به". يبدو أن هيئة علماء السودان في وادٍ والشعب السوداني في وادٍ آخر، فالحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به. التيار نشر بتاريخ 21-08-2011