تأملات هل ترضاها لنفسك يا برنس؟! كمال الهِدي [email protected] . لقد فتحت علينا يا برنس باباً يأتي برياح عاصفة. . ورأيي أن من واجبك أن تقفل هذا الباب في التو واللحظة. . فالهلال لا يحتمل مثل هذه الرياح العاتية في هذا الوقت بالذات. . وأنت أدرى الناس بما عاناه الأهلة في الفترة الأخيرة. . ولا أظنك ستسعد بأن يزداد الطين بللاً. . أقدر حجم المعاناة والضرر النفسي الذي سببته لك مؤامرات ودسائس الوسط الرياضي. . وأشعر بما تحس به كنجم كبير قضى السنوات الطوال فارساً لا يشق له غبار مع النادي الذي أحب ومع منتخب الوطن. . فأنا أحد أدرى الناس بحجم مآسي هذا الوسط. . وأعرف جيداً كيف يتآمر ضعاف الثقة بالنفس فيه على كل من يثق بنفسه وقدراته. . ولأن الكبير لابد أن يظل كبيراً، فإن قدرك يا هيثم أن تتحمل المزيد من المعاناة. . وعليك يا برنس أن تتخير الوقت المناسب لحسم الأمور بالشكل الذي يريحك ويرضيك. . قلت في التصريح الذي تلقفته جميع صحفنا ومنتدياتنا الرياضية بالأمس " أن هناك من عجلوا بقرار اعتزالك بسبب أكاذيبهم وافتراءاتهم وأخبارهم المضللة." . وأضفت " أن بينكم في الدارالبيضاء أحد الصحفيين بسببه ومن يحومون حوله وينشرون الأكاذيب اتخذت قرار الاعتزال." . وأنت يا سيدا سيد العارفين بما يدور وراء جدران مباني بعض صحفنا الرياضية وتعلم جيداً طريقة تفكير البعض في هذا الوسط. . ولا تنسى أنك من أطلق عبارة " صحافة الفول" وهذا يؤكد معرفتك العميقة بمرامي والغايات غير النبيلة لبعضهم ، ولا أقول كلهم لأن هناك قلة يهمها الشأن العام حقيقة ولا تنزلق لمنزلقات نفخ الذات على حساب القيم والمبادئ أو ظلم الآخرين. . ويا لها من مفارقة عجيبة أن تسهم صحافتنا الرياضية في صناعة اسم البرنس خلال بداياته الأولى وتكون نفس هذه الصحافة سبباً في اتخاذه قرار الاعتزال. . وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على انعدام النزاهة وضعف موضوعية بعض العاملين في هذا المجال. . كما يشير ذلك بوضوح لا لبس فيه إلى أنهم يكتبون انطلاقاً من دوافع ذاتية لا علاقة لها بمصلحة الهلال أو نجم الجماهير الأول البرنس أو حتى الوطن بأكمله. . لكن لا يليق بفارس مثلك أن يترجل بسبب مؤامرات كاتب أياً كان حجمه. . لست ممن يرون أن ابن مصطفى كرار ( رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته) فوق النقد. . فأنت بشر، وأي كائن بشري عرضة للخطأ ويجب أن يُنتقد حين يخطئ حتى يعينه ذلك على تصحيح المسار. . لكنني ضد، بل أشمئز تماماً ممن يحاولون مسح تاريخ رموز البلد في أي مجال من المجالات. . وأكره جداً أن يهبط أي كاتب إلى درك هكذا درك سحيق. . والدرك السحيق هنا أعني به أن يتحول النقد إلى مؤامرات ودسائس لأسباب شخصية لا علاقة للعامة بها. . هيثم مصطفى كرار قائد لاعبي هلال السودان ومنتخب الوطن. . نسعد بما تقدمه في الملاعب، وتثلج صدورنا تصرفاتك النبيلة كقائد للفريق فنعبر عن ذلك بكل أريحية. . ونتوقف عند بعض الملاحظات السلبية في أدائك فننتقدك بكل أدب وبصورة تحفظ لك حقك كواحد ممن أثروا الملاعب السودانية بالفن الأصيل على مدى ثمانية عشر عاماً. . لكن لا يجوز لأي منا أن يحاول التشفي ممن سكب العرق وسالت منه الدماء وضحى بالكثير من أجل إسعاد جماهير كرة القدم السودانية عامة وليس الأهلة وحدهم. . خلال تلك الضائقة المالية التي ألمت بالهلال بسبب أساليب الإدارة الخاطئة، قال لي أحدكتاب المريخ الكبار بالحرف الواحد " لو لا هيثم الهلال كان اتفرتق.. فقد تمكن الفتى من حشد لاعبي الهلال حوله وأقنعهم بأن يتحملوا المشاكل المالية من أجل الجماهير التي تطوقهم بحب لا نظير له." . وأضاف الكاتب المريخي " لاعبو الهلال يحترمون كلمة هيثم ولذلك تناسوا مشاكلهم المادية وانخرطوا في التدريبات." . هذا الفعل من هيثم يمنحه حق أن تطلق عليه جماهير الهلال لقب القائد الاستثنائي. . ولأنه قائد استثنائي نتوقع منه أن يعمل على لم الشمل في هذا الوقت بالذات. . والصفة أعلاه تفرض عليك يا برنس ما لا يتوقعه الناس من بقية زملائك اللاعبين أو القادة العاديين. . ودعني أقول لك بكل صراحة أن التصريح الذي تناقلته عنك الصحف لم يكن موفقاً في توقيته. . صحيح أنك لم تعقد حتى اللحظة مؤتمرك الصحفي الذي سمعنا بأنك تخطط له بعد وصولكم للبلاد بالسلامة. . ورغم أنني لا أحبذ تناول القضايا الشائكة إلا بعد الاستماع المباشر لأصحاب الشأن فيها، بحكم أن صحفنا الرياضية عودتنا على الزيادة والنقصان في التصريحات و( شتل ) بعضها. . إلا أنني أعلم أن مثل هذا التصريح لا تستطيع أي صحيفة أن( تشتله ) أو تغير فيه. . فمعظمهم يهابون اسمك الكبير يا برنس. . وعليك أن تقف طويلاً أمام فكرة اسمك الكبير هذه. . فقد صرت مثل الفتنة في الهلال يا برنس، لدرجة أن بعض الأهلة يقول لك " إن ذهب البرنس للمريخ فسوف أشجع المريخ وأترك الهلال". . أقول لك مثل هذا الكلام حتى تتأكد أكثر أن الكبير قدره أن يظل كبيراً تحت كل الظروف. . ولابد أن تثبت للصحفي الذي قصدته في تصريحك ومن يحومون حوله أنك أكبر عقلاً ودراية وتجربة مما يتصورون. . وتأكد أن اعتزالك في هذا الوقت وبهذه الطريقة سيحقق لهم ما أرادوا. . هم يريدون ذهاب من قدم للهلال بهذه الطريقة المهينة، بينما يبقوا هم من تكسبوا على حساب الهلال ليواصلوا مسيرة الهدم. . أعد النظر في قرارك وستكتشف أن ترجلك في هذا التوقيت سيتيح للبعض الفرصة للمزايدة على الهلال. . سيصنع البعض لأنفسهم بطولات وهمية وسيتعاركون من أجل ضرب بعضهم ببعض. . فضعاف النفوس يتصرفون هكذا دائماً يا برنس. . ومن العيب أن ينسحب الأقوياء تاركين الساحة خالية للضعفاء. . لو أن معاركهم ستنال منهم لوحدهم لما فكرنا في أمرهم، لكن كل ذلك سينعكس سلباً على الهلال. . الهلال الذي عشقته وبذلت من أجله الغالي والنفيس لا يكفيه أن تسلم شارة قيادة لاعبيه بعد أن بلغ الفريق ربع نهائي بطولة أفريقيا الأولى. . فالفترة القادمة أصعب. . وبدلاً من أن يستعد لها الفريق - الذي يعاني مجلس إدارته وجهازه الفني أصلاً من ضعف الحيلة – سينقسم الأهلة بين رافض لمجرد النقاش في قرار اعتزالك وبين مؤيد له. . كما أنه لا يليق بفارس مثلك أن يترجل بهذه الطريقة يا هيثم. . على المستوى الشخصي أرى أن هذه السنة مناسبة جداً لاعتزالك الكرة، لأنني أؤمن بسنة الحياة وأعرف أنك لن تركض في الميادين إلى ما لا نهاية. . لكنني أريد لك اعتزالاً يليق بمكانتك في القلوب وبما قدمته لفريقك وبلدك طوال الثمانية عشر عاماً الماضية. . لا يجدر بنا كأهلة وكسودانيين أن نودع نجماً مهولاً مثلك وفي عينيه دمعة حزن. . نريد لذلك اليوم أن يكون احتفالياً لا بكائياً. . نرغب في أن نراك تلوح للجماهير التي طوقتك بكل هذا الحب بفرح ممزوج بالحزن، لا العكس. . فمن الطبيعي أن يحزن أي لاعب كرة لوداع جماهيره بعد سنوات طويلة قضاها بينها. . قلت أنني أرى أن السنة الحالية مناسبة جداً لاعتزالك يا برنس، لكن ليس الآن. . ليس قبل أن تقود لاعبي الهلال معنوياً وفنياً وإدارياً في ربع النهائي الصعب. . وتذكر يا هيثم أن أي فريق كرة قدم يأتي من الوراء البعيد تصبح حظوظه أكبر في المنافسة على اللقب. . وقد عانى الهلال كثيراً قبل أن يتمكن من حجز مقعده ضمن الأربعة الكبار. . حتى الأمس القريب لم نكن راضين عن طريقة الأداء في آخر مباراة للفريق، لكنه تأهل رغماً عن ذلك. . ورغم صعوبة المهمة التي تنتظر الهلال أمام الترجي، إلا أن كرة القدم لا تعترف بكل الحسابات المنطقية. . يظل التوفيق أحد عناصر التقدم في البطولات. . لكن لأن ديننا الحنيف قد أوصانا بأن نعقلها ونتوكل، فلابد أن يعمل الأهلة بجد واجتهاد خلال الأسابيع المتبقية لبدء الدور القادم من المنافسة. . وحتى يتسنى لهم ذلك لابد من التركيز. . وكيف لهم أن يركزوا في هدف وحيد وهم يتناقشون طوال ساعات اليوم عن قرار اعتزالك! . إن أصريت على الاعتزال الآن فسوف تضيع كل فرص الهلال في البطولة. . سيخرج الأزرق خالي الوفاض كما حدث في السنوات الماضية. . لذلك أرى أن الأفضل والأجدر بك أن تواصل مهمتك، وبعد أن تنتهي البطولة تكون اللحظة المناسبة قد حانت. . ووقتها إن أردت الترجل فسوف أكون أول من يوافقك على قرارك. . لن أتحدث بعاطفية البعض وأطالبك بالاستمرار أكثر وأكثر لأنك في نهاية الأمر بشر من لحم ودم. . أنت بشر له مشاعره وهمومه وتطلعاته وأحلامه التي لابد أن نحترمها ولا نتعامل مع صاحبها بأنانية مفرطة. . تذكر دائماً أن الكبار في كرة القدم يترجلون في لحظات الانتصار لا الانكسار. . فأعمل بجد مع زملائك لاعبي الهلال على الظفر بكأس أفريقيا ليكون ذلك آخر وأعظم انجاز لهيثم مصطفى في ميادين الكرة. . حينها تكون قد أديت المهمة على أكمل وجه وستحفظ لك جماهيرك الجميل مدى الحياة. . وسيذهب ذلك الصحفي الذي عنيته إلى مذبلة التاريخ. نشر بتاريخ 20-09-2011