[email protected] لقد فتحت علينا يا برنس باباً يأتي برياح عاصفة. ورأيي أن من واجبك أن تقفل هذا الباب في التو واللحظة. فالهلال لا يحتمل مثل هذه الرياح العاتية في هذا الوقت بالذات. وأنت أدرى الناس بما عاناه الأهلة في الفترة الأخيرة. ولا أظنك ستسعد بأن يزداد الطين بللاً. أقدر حجم المعاناة والضرر النفسي الذي سببته لك مؤامرات ودسائس الوسط الرياضي. وأشعر بما تحس به كنجم كبير قضى السنوات الطوال فارساً لا يشق له غبار مع النادي الذي أحب ومع منتخب الوطن. فأنا أحد أدرى الناس بحجم مآسي هذا الوسط. وأعرف جيداً كيف يتآمر ضعاف الثقة بالنفس فيه على كل من يثق بنفسه وقدراته. ولأن الكبير لابد أن يظل كبيراً، فإن قدرك يا هيثم أن تتحمل المزيد من المعاناة. وعليك يا برنس أن تتخير الوقت المناسب لحسم الأمور بالشكل الذي يريحك ويرضيك. قلت في التصريح الذي تلقفته جميع صحفنا ومنتدياتنا الرياضية بالأمس " أن هناك من عجلوا بقرار اعتزالك بسبب أكاذيبهم وافتراءاتهم وأخبارهم المضللة." وأضفت " أن بينكم في الدارالبيضاء أحد الصحفيين بسببه ومن يحومون حوله وينشرون الأكاذيب اتخذت قرار الاعتزال." وأنت يا سيدا سيد العارفين بما يدور وراء جدران مباني بعض صحفنا الرياضية وتعلم جيداً طريقة تفكير البعض في هذا الوسط. ولا تنسى أنك من أطلق عبارة " صحافة الفول" وهذا يؤكد معرفتك العميقة بمرامي والغايات غير النبيلة لبعضهم ، ولا أقول كلهم لأن هناك قلة يهمها الشأن العام حقيقة ولا تنزلق لمنزلقات نفخ الذات على حساب القيم والمبادئ أو ظلم الآخرين. ويا لها من مفارقة عجيبة أن تسهم صحافتنا الرياضية في صناعة اسم البرنس خلال بداياته الأولى وتكون نفس هذه الصحافة سبباً في اتخاذه قرار الاعتزال. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على انعدام النزاهة وضعف موضوعية بعض العاملين في هذا المجال. كما يشير ذلك بوضوح لا لبس فيه إلى أنهم يكتبون انطلاقاً من دوافع ذاتية لا علاقة لها بمصلحة الهلال أو نجم الجماهير الأول البرنس أو حتى الوطن بأكمله. لكن لا يليق بفارس مثلك أن يترجل بسبب مؤامرات كاتب أياً كان حجمه. لست ممن يرون أن ابن مصطفى كرار ( رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته) فوق النقد. فأنت بشر، وأي كائن بشري عرضة للخطأ ويجب أن يُنتقد حين يخطئ حتى يعينه ذلك على تصحيح المسار. لكنني ضد، بل أشمئز تماماً ممن يحاولون مسح تاريخ رموز البلد في أي مجال من المجالات. وأكره جداً أن يهبط أي كاتب إلى درك هكذا درك سحيق. والدرك السحيق هنا أعني به أن يتحول النقد إلى مؤامرات ودسائس لأسباب شخصية لا علاقة للعامة بها. هيثم مصطفى كرار قائد لاعبي هلال السودان ومنتخب الوطن. نسعد بما تقدمه في الملاعب، وتثلج صدورنا تصرفاتك النبيلة كقائد للفريق فنعبر عن ذلك بكل أريحية. ونتوقف عند بعض الملاحظات السلبية في أدائك فننتقدك بكل أدب وبصورة تحفظ لك حقك كواحد ممن أثروا الملاعب السودانية بالفن الأصيل على مدى ثمانية عشر عاماً. لكن لا يجوز لأي منا أن يحاول التشفي ممن سكب العرق وسالت منه الدماء وضحى بالكثير من أجل إسعاد جماهير كرة القدم السودانية عامة وليس الأهلة وحدهم. خلال تلك الضائقة المالية التي ألمت بالهلال بسبب أساليب الإدارة الخاطئة، قال لي أحدكتاب المريخ الكبار بالحرف الواحد " لو لا هيثم الهلال كان اتفرتق.. فقد تمكن الفتى من حشد لاعبي الهلال حوله وأقنعهم بأن يتحملوا المشاكل المالية من أجل الجماهير التي تطوقهم بحب لا نظير له." وأضاف الكاتب المريخي " لاعبو الهلال يحترمون كلمة هيثم ولذلك تناسوا مشاكلهم المادية وانخرطوا في التدريبات." هذا الفعل من هيثم يمنحه حق أن تطلق عليه جماهير الهلال لقب القائد الاستثنائي. ولأنه قائد استثنائي نتوقع منه أن يعمل على لم الشمل في هذا الوقت بالذات. والصفة أعلاه تفرض عليك يا برنس ما لا يتوقعه الناس من بقية زملائك اللاعبين أو القادة العاديين. ودعني أقول لك بكل صراحة أن التصريح الذي تناقلته عنك الصحف لم يكن موفقاً في توقيته. صحيح أنك لم تعقد حتى اللحظة مؤتمرك الصحفي الذي سمعنا بأنك تخطط له بعد وصولكم للبلاد بالسلامة. ورغم أنني لا أحبذ تناول القضايا الشائكة إلا بعد الاستماع المباشر لأصحاب الشأن فيها، بحكم أن صحفنا الرياضية عودتنا على الزيادة والنقصان في التصريحات و( شتل ) بعضها. إلا أنني أعلم أن مثل هذا التصريح لا تستطيع أي صحيفة أن( تشتله ) أو تغير فيه. فمعظمهم يهابون اسمك الكبير يا برنس. وعليك أن تقف طويلاً أمام فكرة اسمك الكبير هذه. فقد صرت مثل الفتنة في الهلال يا برنس، لدرجة أن بعض الأهلة يقول لك " إن ذهب البرنس للمريخ فسوف أشجع المريخ وأترك الهلال". أقول لك مثل هذا الكلام حتى تتأكد أكثر أن الكبير قدره أن يظل كبيراً تحت كل الظروف. ولابد أن تثبت للصحفي الذي قصدته في تصريحك ومن يحومون حوله أنك أكبر عقلاً ودراية وتجربة مما يتصورون. وتأكد أن اعتزالك في هذا الوقت وبهذه الطريقة سيحقق لهم ما أرادوا. هم يريدون ذهاب من قدم للهلال بهذه الطريقة المهينة، بينما يبقوا هم من تكسبوا على حساب الهلال ليواصلوا مسيرة الهدم. أعد النظر في قرارك وستكتشف أن ترجلك في هذا التوقيت سيتيح للبعض الفرصة للمزايدة على الهلال. سيصنع البعض لأنفسهم بطولات وهمية وسيتعاركون من أجل ضرب بعضهم ببعض. فضعاف النفوس يتصرفون هكذا دائماً يا برنس. ومن العيب أن ينسحب الأقوياء تاركين الساحة خالية للضعفاء. لو أن معاركهم ستنال منهم لوحدهم لما فكرنا في أمرهم، لكن كل ذلك سينعكس سلباً على الهلال. الهلال الذي عشقته وبذلت من أجله الغالي والنفيس لا يكفيه أن تسلم شارة قيادة لاعبيه بعد أن بلغ الفريق ربع نهائي بطولة أفريقيا الأولى. فالفترة القادمة أصعب. وبدلاً من أن يستعد لها الفريق - الذي يعاني مجلس إدارته وجهازه الفني أصلاً من ضعف الحيلة – سينقسم الأهلة بين رافض لمجرد النقاش في قرار اعتزالك وبين مؤيد له. كما أنه لا يليق بفارس مثلك أن يترجل بهذه الطريقة يا هيثم. على المستوى الشخصي أرى أن هذه السنة مناسبة جداً لاعتزالك الكرة، لأنني أؤمن بسنة الحياة وأعرف أنك لن تركض في الميادين إلى ما لا نهاية. لكنني أريد لك اعتزالاً يليق بمكانتك في القلوب وبما قدمته لفريقك وبلدك طوال الثمانية عشر عاماً الماضية. لا يجدر بنا كأهلة وكسودانيين أن نودع نجماً مهولاً مثلك وفي عينيه دمعة حزن. نريد لذلك اليوم أن يكون احتفالياً لا بكائياً. نرغب في أن نراك تلوح للجماهير التي طوقتك بكل هذا الحب بفرح ممزوج بالحزن، لا العكس. فمن الطبيعي أن يحزن أي لاعب كرة لوداع جماهيره بعد سنوات طويلة قضاها بينها. قلت أنني أرى أن السنة الحالية مناسبة جداً لاعتزالك يا برنس، لكن ليس الآن. ليس قبل أن تقود لاعبي الهلال معنوياً وفنياً وإدارياً في ربع النهائي الصعب. وتذكر يا هيثم أن أي فريق كرة قدم يأتي من الوراء البعيد تصبح حظوظه أكبر في المنافسة على اللقب. وقد عانى الهلال كثيراً قبل أن يتمكن من حجز مقعده ضمن الأربعة الكبار. حتى الأمس القريب لم نكن راضين عن طريقة الأداء في آخر مباراة للفريق، لكنه تأهل رغماً عن ذلك. ورغم صعوبة المهمة التي تنتظر الهلال أمام الترجي، إلا أن كرة القدم لا تعترف بكل الحسابات المنطقية. يظل التوفيق أحد عناصر التقدم في البطولات. لكن لأن ديننا الحنيف قد أوصانا بأن نعقلها ونتوكل، فلابد أن يعمل الأهلة بجد واجتهاد خلال الأسابيع المتبقية لبدء الدور القادم من المنافسة. وحتى يتسنى لهم ذلك لابد من التركيز. وكيف لهم أن يركزوا في هدف وحيد وهم يتناقشون طوال ساعات اليوم عن قرار اعتزالك! إن أصريت على الاعتزال الآن فسوف تضيع كل فرص الهلال في البطولة. سيخرج الأزرق خالي الوفاض كما حدث في السنوات الماضية. لذلك أرى أن الأفضل والأجدر بك أن تواصل مهمتك، وبعد أن تنتهي البطولة تكون اللحظة المناسبة قد حانت. ووقتها إن أردت الترجل فسوف أكون أول من يوافقك على قرارك. لن أتحدث بعاطفية البعض وأطالبك بالاستمرار أكثر وأكثر لأنك في نهاية الأمر بشر من لحم ودم. أنت بشر له مشاعره وهمومه وتطلعاته وأحلامه التي لابد أن نحترمها ولا نتعامل مع صاحبها بأنانية مفرطة. تذكر دائماً أن الكبار في كرة القدم يترجلون في لحظات الانتصار لا الانكسار. فأعمل بجد مع زملائك لاعبي الهلال على الظفر بكأس أفريقيا ليكون ذلك آخر وأعظم انجاز لهيثم مصطفى في ميادين الكرة. حينها تكون قد أديت المهمة على أكمل وجه وستحفظ لك جماهيرك الجميل مدى الحياة. وسيذهب ذلك الصحفي الذي عنيته إلى مذبلة التاريخ.