عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    إجتماع بسفارة السودان بالمغرب لدعم المنتخب الوطني في بطولة الأمم الإفريقية    رئيس مجلس السيادة القائد العام والرئيس التركي يجريان مباحثات مشتركة بشأن دعم وتعزيز علاقات التعاون المشترك    شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    شاهد بالفيديو.. الفنانة ميادة قمر الدين تعبر عن إعجابها بعريس رقص في حفل أحيته على طريقة "العرضة": (العريس الفرفوش سمح.. العرضة سمحة وعواليق نخليها والرجفة نخليها)    شاهد بالفيديو.. أسرة الطالب الذي رقص أمام معلمه تقدم إعتذار رسمي للشعب السوداني: (مراهق ولم نقصر في واجبنا تجاهه وما قام به ساتي غير مرضي)    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    بعثه الأهلي شندي تغادر إلى مدينة دنقلا    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيهما يموت أولا د. الحاج آدم يوسف ...الإنقاذ... أم السودان؟!!
نشر في سودانيات يوم 22 - 09 - 2011


[email protected]
الدكتور الحاج آدم يوسف خرج من وزارة الزراعة مستقيلا وانضم إلى المؤتمر الشعبي، وعلى الرغم من أن الرجل لم يكن بدعا من الذين خرجوا على الحكومة واختاروا المعارضة، فقد واكب خروج الرجل جلبة كبيرة أحدثها سوء المعاملة التي لقيها لدى خروجه، فقد قامت السلطات بإخلائه من المنزل الحكومي بالقوة وألقت بأسرته وأثاث منزله في العراء قبل أن يتمكن الرجل من تهيئة مكان بديل لإيواء أسرته، وكانت تلك المعاملة القاسية البداية فقط لسيناريو تصاعد المواجهة بينه وبين حكومة الخرطوم، فقد أصبح الرجل ضيفا على المعتقلات السياسية في فترات متطاولة وفي العام 2004 اتهمته الحكومة بانه كان وراء محاولة إنقلابية قالت بان المؤتمر الشعبي دبرها، وقبل ذلك كانت تقارير الأجهزة الامنية تترى عن تولي الرجل مهام العمل العسكري للمؤتمر الشعبي – حسب زعمها- وعن علاقته بالحركات المسلحة في دارفور، وخلال الأشهر الأخيرة من عام 2004 أصبح الرجل المطلوب الأول للأجهزة الأمنية التي اعتقلت العشرات من كوادر المؤتمر الشعبي، وبينما ظل الرجل مختفيا حتى ظهوره في العاصمة الأرترية أسمرا فقد ملأت صورته نشرات الأخبار الرئيسية وصفحات صحف الخرطوم تتصدر إعلان الأجهزة الامنية للمساعدة في القبض عليه.
وما لبث الرجل في أسمرا إلا قليلا فعاد إلى ممارسة نشاطه السياسي مع المؤتمر الشعبي وممارسة مهنته أستاذا بجامعة الخرطوم، بل والترشح لمنصب والي ولاية جنوب دارفور في الإنتخابات التي جرت في أبريل 2010، ومثله مثل غيره أشتكى من تجاوزات المؤتمر الوطني في الإنتخابات التي فاز فيها الحزب على الرغم من أن ولاية جنوب دارفور كانت الوحيدة التي استعصت على تلك التجاوزات فقد كانت الولاية الوحيدة من بين ولايات الشمال الست عشر التي دفعت بنواب لا ينتمون إلى حزب الحكومة.
ثم ما لبثت الأنباء أن رشحت عن اتصالات وحوارات بين الدكتور الحاج آدم وبين متنفذين في حزب الحكومة، وكان مثار الدهشة ليس في الإتصالات بل في أشخاص المتصلين، فقد غلب عليهم الطابع الامني العسكري في إشارة إلى تصديق الحكومة لتقارير الأجهزة الأمنية بشأن تولي الرجل ملف العمل العسكري لحزب المؤتمر الشعبي، ومعلومات أخرى رجحت لدى الأجهزة الأمنية أن الرجل الذي جرب الخروج مرة ربما يخرج مغاضبا هذه المرة ميمما وجهه شطر الحركات المسلحة في دارفور.
المهم أن خطوات الرجل قادته مرة أخرى إلى حزب الحكومة وسط تكهنات بقرب التوصل إلى صفقة بشأن أزمة دارفور، وهمس عال بأن الرجل في مهمة إختراقية من قبل الشيخ الترابي، وسرعان ما صعد نجم د. الحاج آدم في دست قيادة المؤتمر الوطني مرة أخرى خلاف سابقيه من الذين عادوا من المؤتمر الشعبي كالأستاذ بدرالدين طه والأستاذ محمد الحسن الامين، فقد دلف الدكتور الحاج آدم مباشرة إلى المكتب السياسي لحزب الحكومة.
وما لبث الرجل أن بدأ يملأ فراغا ظاهرا في أداء الحزب السياسي والإعلامي، فالحزب الحكومي ظل يعاني من غياب الحضور الإعلامي والمبادرة السياسية، ولكن هل كان الحزب في حاجة إلى مبادرة سياسية أو حضور إعلامي؟! ذلك سؤال يبدو أن الحاج آدم يوسف لم يسأله لنفسه وهو يبدأ بمباشرة مهامه السياسية في الحزب، فمنذ أن أصبح رئيس الحمهورية رئيسا للحزب والدكتور نافع نائبا له صار مفهوما أن الحكومة تريد حزبا بمقاس، أو حزب عند اللزوم ومهما اشتكى بعض أعضاء الحزب من غياب المؤسسية داخله، فقد تم قمع الأصوات الشاكية بقوة وطلب منها أن تتناول حبوب " البندول" حتى يزول عنها الصداع الطارئ وتنجلي امامها صورة الحزب كما تريده الحكومة لا كما يرد في مخيلتها المصدوعة.
لقد تزامن رجوع الرجل إلى المؤتمر الوطني مع إحتدام صراع الإرادات، فالخلاف بين الرئيس ونائبه لم يعد سرا تهمس به المجالس، وأطماع مدير الامن السابق في تعزيز سلطته الداخلية وإستعراض مقدراته للقوى الخارجية مشت به مجالس الخرطوم قبل وكيليكس، أما الخلاف الأخير بين الرئيس ومساعده فقد خرج على الناس في الصلاة الجامعة حين أعلن الرئيس رفضه للإتفاق الإطاري الذي وقعه مساعده مع السيد مالك عقار رئيس الحركة الشعبية في الشمال ووالي ولاية النيل الأزرق في اديس أباب في يونيو الماضي.
ولكن الأطراف المتنازعة كانت تمسك بخناق بعضها وعينها على القادم الجديد ترغب تحركاته بحذر، فالرجل قادم بروح جديدة لا تشبه روح الإنكسار التي تعتري كوادر وقيادات حزب الحكومة التي لم ينجو احد منها من موقف مهين، بين الذي عزل من رئاسة الامن ثم لم يلبث أن عزل من منصب المستشار وصودرت مستشاريته، وبين الذي حفظت إستقالته أشهرا عددا ثم تم عزله أشهرا أخرى ثم إعادته إلى مكتب وسيارة ومرتب بلا وظيفة، وبين الذي تمت دحرجته من وزارة الخارجية إلى وزير دولة في وزارة هامشية وذاك الذي خرج من المكتب السياسي المركزي للحزب إلى المكتب السياسي للحزب بولاية.
في مثل هذا المناخ فان وجود رجل تحوم حوله شكوك الولاء وتهم التدبير لمحاولة انقلابية، في المكتب السياسي للحزب هي مخاطرة غير محسوبة العواقب، فاي موقع سيتيح للرجل حرية الحركة والصولة لخدمة أهدافه المستترة مثل هذا الموقع الحر؟!! لذلك كان لابد من التفكير بصفة عاجلة في معالجة الامر، وهكذا تقرر أن يذهب د. الحاج آدم إلى القصر وهناك سيكون تحت عين وبصر الحراسة المشددة على مدار الساعة كيف لا والرجل نائبا للرئيس في بلد تدور فيها رحى الحرب في جميع جنباتها. عدا عن ذلك فالتعيين محسوب على قضية دارفور التي يحسب الرجل عليها، ولكن هل يملك الرجل شيئا لدارفور؟!! وهل يمكن للجماعات المتنافرة داخل الحكومة أن تتيح للرجل من السلطات والصلاحيات ما يمكنه من المبادرة لإستثمار علاقاته الوطيدة بقادة الحركات المسلحة في سبيل تحقيق سلام في دارفور؟!! الإجابة قطعا بالنفي. فتعيين الرجل في هذا المنصب لم يكن بقصد المبادرة بالحسنى تجاه دارفور بقدر ما هو حرق تام لسفن الرجل الراسية في شاطئ القضية ، فالحكومة تعلم تمام العلم أن الرجل يتفق مع كثير من أطروحات الحركات المسلحة بشأن دارفور ، بل إن أطرافا متطرفة في الحكم تعتقد أن الرجل لا يختلف مع الحركات المسلحة في مشروعية حمل السلاح بقدر إختلافه في أسلوب ونتائج العمل المسلح.
وإذا أخذنا في الإعتبار المعلومات التي أدلى بها الدكتور الحاج آدم نفسه في أول حوار معه بعد تعيينه ، وقوله بانه سمع خبر تعيينه من الإعلام مثله مثل الآخرين، فالسؤال الذي يتبادر للذهن هو: إذا كان تعيين الرجل الثالث في الدولة يتم دون إستشارة فأي الأمور تتم فيها الإستشارة ويجري حولها التداول الحر؟ وإذا قيل بان الإستشارة تمت دون أن يسمع بها د. الحاج آدم وهو في موقعه من قيادة الحزب، فأي امور أخرى لم يعلم بها الحاج آدم ولم يشارك في إتخاذ قرار عليها؟!
ربما لا أجانب الحقيقة إن زعمت بأن الأغلبية الساحقة من السودانيين يحفظون عن ظهر قلب قصة الشيخ فرح ود تكتوك التي صارت مثلا جاريا، والتي ملخصها ان ملكا ظالما طلب إلى شيخ تعليم حماره القراءة والكتابة في مدة زمنية محددة تختلف الروايات في تحديدها، وكان الناس يستغربون قبول الشيخ تلك المهمة المستحيلة، فكان الشيخ يتعلل بالقول بانه حتى حلول الموعد المضروب من قبل الحاكم، فإن إرادة المولى ستكون قد سبقت على أحد أضلاع المثلث ( يا في البعير، يا في الفقير، يا في الأمير) كما عبر الشيخ.
وفي بلاد الشايقية في شمال السودان يحفظ الناس قصة الشيخ حمد " شيخ الحيران" الذي رفض دفع الضرائب الباهظة التي فرضها الحاكم التركي، فما كان من الحاكم إلا أن أمر عمدة المنطقة بجلد شيخ الحيران أسوة ببقية المواطنين الذين يرفضون دفع الضرائب، ولما كان بين العمدة وبين شيخ الحيران ما صنع الحداد، فقد ابتهج العمدة للأمر وأمر مرؤسيه بان يبلوا جريد شجر التمر حتى إذا كان الصباح جلدوا شيخ الحيران أمام الناس، ووقع الخبر على الناس موقعا جللا فراحوا يتوسلون للعمدة ألا يفعل، فلما استيأسوا راحو يتوسلون لشيخ الحيران أن يسمح لهم بدفع الضرائب نيابة عنه، ولكن الشيخ كان يردد: ( يتفضل السيد لامن يتبل الجريد) – أي يجري أمر الله إلى حين يسفر الصباح- وتقول الرواية أن العمدة اصابه ما أصابه من ليلته تلك (وتفضل عليه السيد) فاصبح صريعا، وكان على الناس أن يفكوا قيد شيخ الحيران ليؤم صلاة على الميت في الموعد المضروب لجلده.
ذكرت بان الراحل جون قرنق داعبنا مرة في مجلسه بانه سمع بالثورات التي تأكل بنيها ولكنه لأول مرة يشاهد ثورة تأكل أبيها، وكان ذلك في معرض تعليقه على الإعتقال المتطاول للدكتور حسن الترابي عقب توقيع مذكرة التفاهم بين المؤتمر الشعبي والحركة الشعبية في فبراير 2001، ولكن قرنق كان مخطئا .... فالإنقاذ أكلت أبائها وبنيها وبني أخواتها وبني اخوانها وربايبها اللاتي في حجورها، والرجال غير أولي الإربة من السلطان .... أكلت أكثر الحركات الإسلامية تنظيما وتجديدا وإنفتاحا، ثم أكلت الرجال فشاهدنا إستقالة المفكرين عن الفكر وعطالة الشيوخ عن الفقه، وتقاعد المجاهدين عن كلمة حق في وجه سلطان جائر، ثم لما لبثت أن صبت المحسنات والمقبلات والمشهيات على ميتة عصبية القبيلة المنتنة والتهمتها ثم ها هي رأسها وألف سيف أن لا تقوم من مائدة الطعام قبل أن تحلي ببني هلبة!!
نشر بتاريخ 22-09-2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.