كان من المأمول أن تكون حكومة القاعدة العريضة حكومة ائتلافية بين المؤتمر الوطني و القوي السياسية التي قبلت المشاركة في الحكومة من حكومة تتقلص عدد الوزارات الاتحادية و وزراء الدولة بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها البلاد و التي أدت إلي ارتفاع جنوني في الأسعار و يبقي التحالف بين القوي السياسية المشاركة في الحكومة تحالف حول البرنامج السياسي الذي تريد أن تنفذه الحكومة ذات القاعدة العريضة و لكن جاء تشكيل الحكومة قرابة الستة و ستين وزيرا اتحاديا ووزراء دولة و توزعت علي 15 حزبا أغلبيتهم هي أحزاب من صناعة الإنقاذ نفسها و رغم أن هناك برنامجا سياسيا قد وقع بين الحزب الاتحادي الأصل و المؤتمر الوطني و حتى بعض ما أعلن من بنود ما في الاتفاقية السياسية تؤكد أن الاتفاقية ما هي إلا أداة لحفظ ماء الوجه للشركاء الجدد للإنقاذ و لكنها لا تحمل بين طياتها جديدا يمكن أن يغير ملامح الإنقاذ في رسالتها السياسية أو حتى تؤدي لتغيير لمصلحة الديمقراطية بل هي جاءت لكي تدعم الخط السياسي للإنقاذ و تسهم في تنفيذ البرنامج الانتخابي للإنقاذ. و كما قال عدد من المواطنين الذين إستطلعتهم عدد من الصحف حول التشكيل الوزاري الجديد قال بعض منهم " أنهم لا يعرفون الوزراء الجدد و ماذا يحملون معهم من جديد و كانت الحكومة السابقة باقية و يزداد الغلاء و هل هؤلاء الوزراء الجدد سوف يوقفون عجلة الغلاء" لا اعتقد من خلال الحكومة التي أعلنت أن هناك أمل في حل المشكلة الاقتصادية الحادة التي تواجهها البلاد باعتبار أن القوي الجديدة التي تم التحالف معها لا تحمل معها عصي سحرية و ليس لديها رؤية لحل المشكلة و قيادات الإنقاذ أنفسهم يعلمون أن هؤلاء لا يملكون حلولا لمشاكل السودان إن كانت داخلية أو خارجية أو ربما أن بعض قيادات الإنقاذ يأملون في " فاتحة قوية" من قبل السيد الميرغني تزلل كل الصعاب و ترسل المن و السلوى علي الفقراء الذين طحنتهم عجلة الغلاء و لا أعتقد أن الميرغني سوف ترقي فاتحته علي مستوي دعوة سيدنا عيسي عليه السلام إلي الله " الهم أرسل علينا مائدة من السماء تكون عيدا لأولنا و لأخرنا" صدق الله العظيم و سياسيا أن الميرغني سوف يكون مزعزعا بين نخب قليلة داخل الحزب و الطائفة تؤيد مشاركته رغبة في تحقيق الذات و ليس رغبة في انجاز إصلاح سياسي و اقتصادي و أغلبية ترفض المشاركة بعضهم يتطرف في اتخاذ المواقف ضد الميرغني و آخرين تلزمهم الطائفة بالتعبير عن موقفهم فقط بالرفض " Passive " دون أن يكون للموقف فعل Action"" رغم أن الإنقاذ كما ذكرت سابقا هي تريد أسم الميرغني و ليس أتباعه. أن مشاركة القوي السياسية التي أعلنها الدكتور نافع علي نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني في مؤتمر صحفي تؤكد أن الهدف من تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة و المعلنة أن الهدف منها ليس العمل من أجل البحث عن حلول للمشاكل و التحديات التي يواجهها السودان أنما الهدف أبعد من ذلك يتعلق باستمرارية الإنقاذ في السلطة و البحث عن أية تعطيل إذا كانت هناك عوامل تتفاعل لانتفاضة أو ثورة ضد الإنقاذ و هذا ما أكدته عدد من قيادات النقاذ منهم نائبي رئيس الجمهورية أن الإنقاذ قد وسعت مواعين المشاركة فيها مما جعل الرضي عند العامة و بالتالي تكون قد مهدت الطريق للاستقرار و لكن هناك حديثا مخالف و واقعي يبين أن هناك ما تزال تحديات تواجه الإنقاذ هو حديث رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني الدكتور قطبي المهدي في حديثه الذي نقلتها “SMC" و عددا من الصحف السودانية حيث قال " أن الاتفاق الذي وقع مع الحزب الاتحادي الأصل في المجالات السياسية و الاقتصادية فضلا عن إيجاد دستور قومي بجانب حل أزمة دارفور و المناطق الثلاث و غيرها لا يعني بالضرورة إنهاء دعوة بقية القوي السياسية الأخرى للالتحاق بالحكومة العريضة التي دعا لها الرئيس" و أضاف قائلا " أن حزبه لازال يجدد دعوته للقوي السياسية المختلفة للانخراط معه في حلحلة القضايا الوطنية بجانب مواجهة التحديات الخارجية التي تستهدف البلاد في كل الاتجاهات" هذا القول يؤكد أن هناك تحديات و أن التحالف الحالي الذي يشكل الحكومة ليس كافيا لمواجهة تلك التحديات و حقيقة أن القوي المتحالفة مع المؤتمر الوطني بما فيهم الاتحادي الأصل بقيادة السيد الميرغني لا يملك تصورا أو رؤية لحل تلك المشاكل و ليس لها علاقات خارجية واسعة تمكنها من أيجاد حل للتحديات الخارجية و أن القوي التي تتهمها الإنقاذ أنها عميلة للغرب هي تملك بالفعل القدرة علي الحركة الخارجية من خلال علاقات مبنية مع عدد من المنظمات و الشخصيات المؤثرة في دولها و تستطيع أن تحدث اختراقات في الخارج و لكن مادامت النزاعات مستمرة في السودان ستظل الإنقاذ و القوي المتحالفة معها يدورون في دائرة مفرقة لا تحدث أية اختراقات تبشر بسماع صوتها في الغرب أو لصناع القرار في الخارج و لذلك كان الدكتور قطبي المهدي صائبا عندما تحدث أن يجعل الباب مواربا لدخول قوي أخري تستطيع أن تساعد في الحل و لكن هناك رؤية أخري مخالفة لرؤية الدكتور قطبي داخل المؤتمر الوطني. أن حديث الدكتور مصطفي عثمان إسماعيل في ندوة جامعة النيلين يعد مخالفا للدكتور قطبي المهدي و يعتقد أن تشكيل الحكومة قد أوصد الباب تماما أمام القوي السياسية الأخرى المعارضة خاصة المؤتمر الشعبي و قوي اليسار الأخرى و قال في حديث نقلته جريدة " آخر لحظة " قال " أن أحزاب اليسار أصبحت كالأيتام في موائد اللئام و أنها ارتمت في أحضان الغرب و تخوفنا بأوكامبو و الجنائية و نحن نقول مفخرة لنا لآن الجنائية آلية يحتمي بها الغرب" و إذا كان الدكتور إسماعيل يعتبر هذه القضايا مفخرة نجد أن الدكتور قطبي المهدي يعتبرها تحديات تستهدف البلاد في كل الاتجاهات و أن الدكتور قطبي واقعي يبحث عن حلول عن التحديات حيث أنها مقيدة بالفعل حركة بعض القيادات السياسية و خاصة السيد رئيس الجمهورية و التي فقدت الإنقاذ من خلالها 75% من حركتها الدبلوماسية بعدم حركة رئيس الدولة باعتبار أنها حركة ضرورية لتنمية العلاقات مع دول العالم و البحث عن مصادر للتمويل و التعامل مع مشاكل السودان خاصة العالقة مع دولة الجنوب بحيادية تحفظ للكل حقوقه و مصالحه و لكن في ظل الوضع القائم أن التحديات الخارجية تؤثر سلبا في حل مشاكل السودان و التي لم يستطيع الدكتور مصطفي إسماعيل رئيس دبلوماسية الإنقاذ في وقت سابق أن ينظر إليها بموضوعية في ظل واقع إقليمي حتما سوف يؤثر علي الوضع السياسي في المستقبل الأمر الذي جعله يفقد الموضوعية في حديثه و يرسل رسائل ليست الإنقاذ في حاجة إليها الآن و ربما أعتقد الدكتور إسماعيل إن تشكيل الحكومة ذات القاعدة العريضة هي الهدف في ذاتها و ليس وسيلة تحاول الإنقاذ بها البحث عن حلول للقضايا العالقة التي وصفها الدكتور المهدي بإنها تحديات و لكن السؤال المهم ما هي الأسباب التي جعلت الدكتور مصطفي إسماعيل أن يتخلي عن الكلام الدبلوماسي و ينحرف إلي الفاظ ما كانت قديما في قاموس الرجل عندما كان يشغل رئاسة الدبلوماسية السودانية؟ كان الدكتور إسماعيل أكثر الناس أقتناعا أن العلاقة مع الغرب ضرورية لعملية التنمية و السلام و الاستقرار في السودان وسعي لتحسين العلاقات معها و لكن بتقديم الاتهام الجديد من قبل المدعي العام للمحكمة الجنائية لوزير الدفاع الفريق عبد الرحيم محمد حسين يؤكد أن المعارضة صوتها مسموعا أكثر من الحكومة في الغرب و هي قضية ليس لها علاقة بالمفخرة بقدر ما هي قضية تحتاج إلي دراسة و هو الأمر الذي يشغل الدكتور قطبي بينما بدأ الدكتور إسماعيل خارج دائرة الاهتمام الموضوعية. و في جانب أخر متعلق أيضا بجانب المشاركة نقلت بعض الصحف السودانية الصادرة في الخرطوم و الصحف السودانية الالكترونية أن السيد محمد عثمان الميرغني سوف يتولي حل مشكلة ولايتي النيل الأزرق و جنوب كردفان و قضية المناصير و هي من القضايا الساخنة و خاصة قضية الحركة الشعبية قطاع الشمال و الحروب الدائرة في الولايتين في الوقت الذي أعطي المؤتمر الوطني الضوء الأخضر لعدد من قيادات الحركة الشعبية قطاع الشمال علي رأسهم دنيال كودي و محمد المعتصم حاكم إعادة تشكيل الحركة و تسجيلها ثم أعلن الدكتور نافع علي نافع أن الحركة الشعبية سوف يشاركون في الحكومة ذات القاعدة العريضة ريثما تنتهي عملية التسجيل أو ربما يعطي السيد الميرغني فرصة للقيام بدور لحل المشكلة و لكن للذين يعرفون السيد الميرغني و قدراته في حل مشاكل سياسية معقدة مثل هذه يعرفون أن قدراته لا تسعفه في الوصول لحل كما أن الرجل لا يملك تصورا لحل المشكل غير أنه يطلب من قيادات الحركة الشعبية الجلوس مع المؤتمر الوطني حول مائدة التفاوض لحل المشكلة أي أنه وسيط و هو الحل الذي كانت قد قبلته قيادات الحركة الشعبية و رفضه السيد رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الوطني كما أن السيد الميرغني أصبح جزءا من الحكومة ليس قوي سياسية محايدة تستطيع أن تكون وسيطا مقبولا للطرفين و ليس هناك من هو الدكتور جون قرنق بين قيادات الحركة الشعبية يستطيع أن يتماشي مع رؤية السيد الميرغني حيث أن الظرف الحالي قد فضي كل التحالفات القديمة و التصورات السياسية المشتركة للواقع و تحليله حيث هناك قيادات جديدة ربما تتعارض رؤيتها مع السيد الميرغني كما أن السيد الميرغني لم يعد زعيما للمعارضة أو قوي سياسية ذات برنامج مخالف مطروح للاستقطاب أنما السيد الميرغني أصبح يمثل برنامج الحكومة و رؤيتها و لكي يحدث التناغم لأداء الحكومة التي هو جزءا منها يجب عليه الالتزام ببرنامجها السياسي و عدم معارضته أو الخروج عنه و اعتقد أن تجربة السيد الميرغني في العمل السياسي تجعله مدرك لدوره الجديد و يعرف حدود حركته و بالتالي لا يستطيع أن يلعب دورا بعيدا عن رؤية الحليف المؤتمر الوطني. إذن انتهت قضية تشكيل الحكومة دون أن تكون هناك أية مفاجأة من حيث تقليص عدد الوزارات و التي كان متوقعا حدوثها للظرف الاقتصادي الذي يمر به السودان و حتى من حيث الشخصيات التي سوف تدخل الحكومة حيث أن المؤتمر الوطني أعاد أغلبية وزرائه و أحتفظ بأغلبية الوزارات السيادية و الوزارات الخدمية المهمة ثم مشاركة أغلبية أحزاب التوالي التي تمثل ذات رؤية المؤتمر الوطني مع ثلاثة وزارات اتحادية للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل و لكن الملاحظ من خلال وزارات الاتحاديين إن كانوا يمثلون الأصل أو المسجلين هي وزارات ليس لها مساحة في أن تلعب دورا مهما في حل المشاكل أن كانت داخلية أو خارجية و هذا يؤكد أن المؤتمر الوطني يعلم إمكانيات المتحالفين معه و قدراتهم و المساحة التي يمكن أن يتحركوا عليها و من هذه المعرفة حددت الوزارات التي يستطيعون أداء المهام من خلالها ليس كما قال السيد حاتم السر في تصريحه الصحفي أن المشاركة من أجل انجاز برنامج سياسي متفق عليه و حاتم كان من المفترض أن يدرك أن المؤتمر الوطني متمسك بنتائج الانتخابات الأخيرة و هذا التمسك يفرض عليه أن يتمسك ببرنامجه السياسي الذي أيدته الجماهير حسب تصور قيادات المؤتمر الوطني و بالتالي هم لا يستطيعون تنفيذ برامج سياسية تخالف ما وعدوا الجماهير بها كما أن قيادة المؤتمر الوطني مدركة أن حلفائهم و خاصة الميرغني لا يملك أية قاعدة أو أداة للضغط عليهم لكي يجعلهم أن يعدلوا موقفهم و بالتالي تتوسع عندهم مساحات التكتيك حتى في التوقيع علي برنامج يعتقدون أنه يمثل جزءا من برنامجهم و لكن لا يستطيعون أن ينفذوا برامج تبعدهم عن السلطة أو تخفف قبضتهم عليها إذن الاتحادي الأصل دخل المشاركة بعد ما خلعت كل أظافره و أنيابه و الحليف " المؤتمر الوطني " هو الذي يملك كل وسائل الضغط بعد ما قبلت القوي السياسية المشاركة و انخرطوا في مؤسساتها و لكن للجميع نسال الله التوفيق.