بقلم : د.عمر إسماعيل حسن [email protected] يعتبر إخفاء مرض الرئيس أو الحاكم أو الكذب بشأنه يعتبر شكلا من أشكال التلاعب في الحق الديمقراطي للشعوب في الدول الديمقراطية المتقدمة. ولذلك لقد حرصت معظم القوانيين والدستاير في الدول التي يحكمها النظام الرئاسي وتتمتع فيه مؤسسة الرئاسة بسلطات واسعة مثل الولاياتالمتحدة وفرنسا وبعض الدول الحديثة علي تحديد مواصفات الحاكم أو رئيس الدولة لكي تطمئن الجماهير علي سلامة وحكمة من يتولي أمر وقيادة البلد. بل وذهبت بعض الدساتير والقوانيين الي تحديد تفصيلات دقيقة ترتبط بالظروف التي يستمر فيها أو لا يستمر الرئيس أو الحاكم. وتاريخ ملئ بالبيانات الرسمية التي أصدرت عن بعض الدول والخاصة بمرض رؤسائها وحكامها وملوكها، والذي غالبا ما كان يخفي أغراضا أخري بغرض التموية لتحقيق أهداف سياسية محلية أو خارجية. في عام 1962 أعلن البيت الأبيض مرض الرئيس الأمريكي جون كيندي وأخذ البيت الأبيض يصدر بيانات يومية عن حاله الصحية للرئيس. ثم ثبت بعد ذلك أن الرئيس جون كيندي لم يكن مريضا وكان في تمام الصحة والعافية. وكانت رواية المرض مجرد خطة وغطاء لإعطاء الرئيس الفرصة لإدارة معركة الصواريخ الكوبية بهدوء ونجاح. كما تروي الحكايات الكثيرة والمثيرة عن مرض الطويل والقاتل الذي أصاب الرئيس السوفيتي الاسبق ليونيون جنيف والذي ظل قابعا في السلطة قرابة عشرين عاما ويقود هذه الدولة العظمي وكان عاجزا تماما من الناحية الجسدية والذهنية علي اتخاذ القرارات الحاسمة. وكثير ما أستخدم هذا السلاح – مرض الحكام والرؤساء للتموية في قضايا سياسية محلية أو خارجية. والأمثلة كثيرة علي تجاوزات جرت لرؤساء وحكام وملوك وأمراء في عالمنا العربي حيث تم إخفاء مرضهم أو التموية وأستمروا من الناحية الرسمية علي رأس السلطة رغم عجزهم الكامل من اتخاذ القرار وخير مثال لذلك الرئيس جمال عبدالناصر التكتم الشديد الذي فرض علي أخبار صحته بعد هزيمة سنة 1967 والذي أدي لصدمة جماهيرية واسعة بعد موته سنة 1970. ولذلك إهتمت الدول الديمقراطية بضرورة نشر الحقائق للجماهير بإعتبار أن ذلك أحد حقوقها الرئيسية وضمنتها في الدستاير والقوانيين الخاصة بها. ومتي يجئ إهتمام الشعب بصحة الرئيس ؟ إذا كان الشعب ينعم بحد أقل من الرفاهية والعيش الكريم ويكون هناك حكم ديمقراطي وتداول للسلطة وفيه يطبق الدستور والقانون ومبدأ الشفافية والعدالة ويحترم حق المواطن الصغير قبل الكبير والمرأة قبل الرجل والفقير قبل الغني ولاتنتهك فيه الأعراض ولا تستباح فيه النفوس ولا تدمر فيه اليابس و الأخضر ولا تشن فيه الحروب عند إذ يجئ الإهتمام بصحة الرئيس أو الحاكم. أما إذا كان الحاكم ليس مهتم برعيته وهذا الشعب مريض منذ قدوم ثورة الإنقاذ الي السودان عام 1989 أكثر من عقدين هو مصاب بأمراض كثيرة واصبح يموت وهو في الفراش من الذل والفقر والجوع والانكسار الذي أصابه في عهد هذا النظام الفاسد الذي لا يراعي حرمة النساء والأرامل و الأطفال وأصبح السوداني منبوذ داخل وطنه ويحترم في خارجه. وخرج المتحدث الرئاسي عماد سيد أحمد ليعلن للشعب دون مراعاة "إن الرئيس البشير في صحة جيدة وأنه يتمتع بصحة جيدة ولم يتعرض لأي مشاكل صحية ويؤدي واجباته السياسية والإجتماعية والأمنية اليومية طبقا لجدول أعماله المعتاد" أين هو مبدأ الشفافية مع الشعوب وماهو حق الجماهير إن كان لها حق أصلا في معرفة صحة الرئيس من عدمه. هذا زمن العجايب مع نظام هضم كل الحقوق التي كفها له الدستور وموجود في كل الأشرع السماوية..اللهم لا شماته في المرض..لكن حسبنا لله ونعم الوكيل من رئيس لا يرحم شعبه وينتهك جهاز أمن النظام حقوق المواطن وخير مثال ما أصاب الصحفية الأرملة "سمية إبراهيم هندوسة" والتي فقدت فلذات أكبادها زوجها وبنتها وأبنها في عام واحد.. وتهان أخيرا هي كأم وإمراة وصحفية علي يد بلطجة ثورة الإنقاذ والدمار.