على شاشة قناة النيل الأزرق ليلة الخميس الموافق 27/12/ 2012 م احتفلت شركة زين باستقلال السودان بقاعة الصداقة بعنوان ( ليلة في حب الوطن ) تم في هذه الليلة تكريم كوكبة من الرعيل الأول الذين عايشوا تلك الحقبة بل شاركوا في حدث الاستقلال ، وما أغلى دموع الرجال عندما تنهمر تلك الدموع حبا للوطن وبكاءًًًًًًً على ما آل إليه حاله الآن ، والمقارنة بين تلك السنين التي عاش فيها السودان والمواطن السوداني مجده وعزه في كل مناحي الحياة ، ثقافة وفنا وشعرا واقتصادا ووطنية حقة ، والناظر المتفحص للأوضاع ما بين تلك الشخصيات التي حققت الاستقلال يجد البون شاسعا حتى في الوجوه ناهيك عن الأفعال فتلك وجوه تألفها وتحبها وتخلص لها الود وتجلها وتكرمها وكل هذا ليس منة منك ، وكلن تفرضه تلك الوجوه عليك وهو حق من حقوقها علينا جميعا ، وفي المقابل تجد الآن وجوه تثير السخط والاشمئزاز والكراهية والبغض بسبب ما تتلفظ به في وجوهنا . في مقدمة الحضور للاحتفال في جانبه الرسمي د. نافع علي نافع . وقد ألقى كلمة بهذه المناسبة والعجيب والغريب أنه لم يكن كعادته ولم يتجشأ فيها تلك الأبخرة الفاسدة في بطنه من روائح الثوم والفجل والبصل التي اعتاد أن يطلقها في وجه الجماهير التي يتم حشدها بمختلف الطرق ليخاطبها ، ليفسد فرحة من قاموا بحشد الجماهير وهم من يقفون إلى جواره بالمنصة قبل غيرهم فيفسد عليهم نشوة الحشد الذي صرفوا فيه الملاين من عرق الشعب . ما لفت نظري في هذا الاحتفال عندما صعد الفنان القدير سيف الجامعة وتغنى بعازة حيث أثار في الحضور والمتابعين شجونا وأحزانا على وطن تسرب من بين الأيادي كالماء البارد . حيث وقف كل من بالقاعة يرفع أياديه لذلك النشيد . ودلف الفنان وتغنى ب ( طبل العز ضرب يا السرة قومي خلاص ) فلاحت أن نافع امتقع لونه وشحب وجهه واصفر الدم في عروقه وضاقت به القاعة بما رحبت ولم يستطع مواجهة تلك الكلمات التي كأنها مصوبة نحوه شخصيا فآثر الخروج من القاعة وشيعه الفنان بالمقطع ( يا ويل من ظلم هذا البلد يا ناس ) فتعثرت قدماه وضجت القاعة تردد مع الفنان المقطع . فخيل إلي أن د. نافع ندب حظه التعيس وهو يسمع هذا المقطع الذي توعده فيه الفنان ومن قبله الشاعر ومن خلفهم جميعا الجمهور داخل القاعة وخارجها ( يا ويل من ظلم هذا البلد يا ناس ) فتوعدهم بالويل والثبور وعظائم الأمور وسوء الخاتمة . وظني به وهو يردد في غرارة نفسه : أين المفر وكيف المخرج من هذه الورطة التي حشرنا فيها أنفسنا ومن قبل حشرنا فيها الوطن والمواطن ، وكأني به وقد استعرض وفي لحظة وقفة من النفس كيف يكون مصيره وعاقبته إن خرج هذا المارد من غمغمه وتمطى وهو يراقب تحرك المارد داخل الغمغم وكأني به وهو يستعرض كل أملاكه وعماراته وأبراجه في السودان وخارجه ومزارعة هل ستنقذه من المصير المحتوم وقد أطل برأسه . يا ويل من ظلم هذا البلد يا ناس