عندما اختار ابناء دارفور خيار حمل السلاح لمواجهة المركز كانوا يدركون افرازات خيارهم السالبة على اقليمهم مع ذلك صمموا على حملها لان كل الخيارات البديلة باتت بالفشل الذريع. واول زخيرة اطلقت تنفيذا لخيار السلاح كانت في جبل مرة وابوقمرة وبعدها تمددت رقعة العمليات الى ان وصلت العاصمة وما زالت تتمدد وستظل تتمدد الى جميع انحاء البلاد المعمورة ما فتئت اسباب التي جعلت تراوح مكانها ما زالت سيدة المشهد السوداني. وفي بداية العمليات العسكرية بين الثوار والحكومة كان هنالك طرف اكثر تاثيرا من طرفي الصراع المتواجهتين . الطرف هو ذاك الطلاب الذين كانوا بعيدين عن قرائهم وذويهم ومن دون سابق الانذار سمعوا ان مناطقهم تحولت الى مناطق ساحنة تنتشر فيها القتل والخطف والاغتصاب والتهجير . ومن هولاء الطلاب شخصي الضعيف انذاك كنت بعيدا عن منطقتي كرنوي فكنت طالب ادرس في الثانوية بالفاشر . وكان تصلني اخبار عن بلدتي كرنوي من شاكلة (طائرة انتنوف شن غارات جوية مكثفة على المنطقة حيث استهدف سوقا او بئرا او مسجدا وادت الى مقتل اناس عزاز علي بصورة بشعة وبينما اخرين من اهلي العزاز اصابوا بجروح خطيرة حالهم يدمع القلب قبل العين واهلى هاجروا المنطقة الى الكهوف والوديان المجاورة للحيلولة دون تعرضهم للمزيد من المجازر ايذانا لاتخاذ قرار اللجوء والنزوح قسرا . وكانت مثل هذه الاخبار السيئة كالصاعقة على روؤسنا كابناء المنطقة طلاب المتواجدين بالفاشر وكل الفينة تلو الاخرى تاتينا اخبار التى يزلزل اركاننا وتقطر قلوبنا الما وغيظا ودما لان الذين يتعرضون للمذابح هم من لحمنا ودمنا . بينما نحن في حالة يرثى لها وصلتنا من الاتحاد العام لطلاب الولاية انباء تفيد بان والى الولاية عثمان كبر يريد ان يلتقي بنا وكان هذا خبر اخر وقع كالصاروخ على روؤسنا المثقلة بالهموم وادمغتنا التى تتبخر ياسا وقلقا لاننا على يقين جازم بان كبر لا يرجى خيره واللقاء به لا طائل منه الا سماعة مزيد من ما يسيل جليد الحزن بدواخلنا بجرافة وعدم اللقاء به سنظل طريدين من قبل مليشياته الى ان يلقون القبض علينا ويرشقوننا الى بيوت الاشباح ولذلك قابلناه في زمان والمكان المحددين وكان خطابه كالاتي (يا عيال كرنوي عليكم الله اهلكم ديل نصاح شوفوا بعد دا ما تلوموني _لوموا اهلكم لانهم قومو قيامتكم _اخوانكم مجانين ديل هم فاكرين مواجهة الحكومه دا حاجه هينه _شوفو يا طوابير خامس وخلايا نائمه بتاع تورو بورو واسمعوا كلامي ده كويس بعد دا ما تحلموا لاهلكم القعدين بى غادي تاني وانتو كمان موقعكم سجن شالا وفي الايام الجاية تشوفوها بعيونكم وامطرنا بوابل من الاهانات اللفظية وسب الدين ). وفور خروجنا من الاجتماع اتحولنا من كتل حزن متحركة الى جثث غامدة حية ووقتذاك كان عمرى 15سنة والان عمري 25سنة وما زال قلبي تنبض بذاك الذكرى المؤلمة وعندما يبعث الي ذاكرتي فلاشات من تصريحات ديناصور معتوه مجنون عثمان كبر الاستفزازية يقشعر جسدى واصاب بالغثيان ولكني على يقين جازم بان ستشرق شمس الحرية التي تذهب بزمن الطغاة الذين تطاولوا على الشعب والوطن حين من الدهر . وقفة كثير من الناس عاشوا لحظات عصيبة كهذه لكنهم صامتوت صمت القبور _بعض منهم خوفا من العقاب والبعض الاخر حفاظ على مصالحهم التافهة ولكني لا اخاف الا من الذي بسط الارض ورفع السماء وخلقني وخلق كبر من العدم . من يوميات شاب مهمش جاري وراء سندوتش تامية /تاج الدين عرجه على شباب فيس بوك السودان جيل التغيير