بعد أن لف عمامته وتوشح بالشال و إرتدى مركوب جلد النمرو تعطر و تأبط الأبانوس، خرج متبختراً ليخطب لإبنه إحدى حسان القرية المجاورة..هناك، بعد السلام والضيافة والموافقة المبدئية، سألوه من باب الأنس والتعارف : ( يا حاج طيفور والله ده شرف لينا، إلا ندور نسألك : ولدك ده بيدخن ؟)، فنفى وإستنكر سؤالهم..وقبل أن يعتذروا له ولإبنه ، أكمل النفي بمنتهى البراءة ( بس مرات لمن يشرب ليه كاس كاسين مع اصحابو، بيخمس معاهم)..فشكروه على صراحته وعاتبوه على وقاحة ابنه، ثم رفضوا قبول طلبه وسحبوا تلك الموافقة المبدئية، وقالوا : ( وإنت مارق اقفل الباب وراك )..!! ** وبالخرطوم، العاصمة والصحيفة، خبر عريض تحت عنوان : (مؤامرة لحرمان سودانير من نقل الصادر).. والمؤامرة - هذه المرة - ليست أمريكية ولا إمبريالية، ولا ذات صلة بوثيقة الفجر الجديد والقوى الموقعة عليها.. فالمسماة بالمؤامرة، حسب وصف وشرح عبد الله صافي النور، تحيكها جهات ناشطة في مجال الشحن الجوي، وقد إكتمل الطبخ بحيث يكون القرار المرتقب ( منع سودانير عن نقل الصادر)..هكذا الحدث والحديث حسب تصريح رئيس لجنة تسيير إدارة سودانير.. لولا هذا الخبر لما عرفت أن هناك لجنة تسيير تدير إدارة سودانير، أي الإدارة ذاتها - وليست الشركة - تديرها (لجنة تسيير)، وكأنها رابطة طلابية أكملت دورتها وتأخر موعد انتخاب الدورة التالية..هذا الوضع الإداري البائس وحده يكفى لحرمان سودانير من نقل الصادر..وبالمناسبة، أين الصادر؟، ومانوعه؟، وكم حجمه ؟..لله أعلم، ربما أثمر إعلان مكتب أبوجمال بالإنتباهة صادراً تتنافس في تصديره شركات الطيران..!! ** المهم، أي ما سبق ليس مهما..نرفض وندين ونشجب ونستنكر - وبكل نونات جامعة الدول العربية وحكومتنا الفتية - حرمان شركة سودانير من نقل الصادر، هذا لو ( أصلاً في صادر)..سودانير كما أي شركة طيران - أجنبية أو محلية - يجب أن تقدم للجهات المصدرة عروض نقل الصادر، أي تنافس في الهواء الطلق وتحظى بنصيبها من النقل حسب عرضها..ودستوريا - ما لم يكن قد تم تعديله بدون علم البرلمان - لاتملك أية جهة سلطة حرمان سودانير أو غيرها من حق النقل، راكباً كان هذا المنقول أو صادراً..وعليه - بكل اللغات الحية والرطانات الميتة - نعلن كامل تضامننا مع صافي النور ولجنته التسييرية والإدارة التابعة للجنته، ونشد من أزرهم ونقف معهم في صف واحد - وكمان في الخندق ما عندنا مانع- لمجابهة هذا القرار الجائر والمراد بها حرمان سودانير من نقل الصادر، (والله أكبر والعزة لسودانير).. أها، إفتكر كده ما قصرنا.. يلا، نسأل صافي النور من باب الأنس والتعارف، أي كما حال أهل تلك الفتاة مع حاج طيفور : ( سودانيركم دي بتدخن ؟) ** لا، هي لاتدخن، ولكنها للأسف ( بتخمس بعد كأس كاسين)..إذ تقول بقية أسطر خبر الحرمان بالنص ( يشار إلى أن الناقل الوطني - سودانير- ظل يحتكر نقل الصادر منذ سنوات طويلة لأسباب سيادية وللعائد المجزي الذي يصل إلى عشرات الألاف من الدولارات خلال اليوم الواحد)، هكذا بقية الخبر..سودانير ترفض حرمانها من نقل الصادر، فقبلنا رفضها مبدئياً، ولكن سودانير ذاتها تحتكر نقل الصادر و تحرم شركات الطيران الأخرى من هذا الحق منذ سنوات طويلة، ولذلك علينا أن ( نسحب القبول المبدئي)، كما فعل أهل تلك الفتاة، ونشكر صافي النور على صراحته ونعاتبه على أنانية شركته.. فالأسباب السيادية الوارد ذكرها في الخبر، كلمة حق مراد بها ( باطل الإحتكار)..والعائد المجزي والمقدر - يوميا - بعشرات الألاف من الدولارت، هو الغاية التي تسعى إليها سودانير بوسيلة ( الإحتكار).. وعليه، فليصدر القرار المرتقب عاجلاً، ليس بحرمان سودانير من حق النقل، بل بتجريدها من إحتكار هذا الحق..نعم، صافي النور لا يتوجس من الحرمان، أوكما يجتهد في تضليل الرأي العام بغرض كسب التعاطف والتضامن، بل يتوجس من المنافسة الشريفة..!!