مظاهرات في السودان دعمًا للجيش    منع نقل البضائع يرفع أسعار السلع في دارفور    مجلس السيادة يدين هجوم كادقلي    كامل إدريس يُحيِّي جموع الشعب السوداني على الاصطفاف الوطني خلف القُوّات المُسلّحة    الخرطوم .. تواصل نقل رفاة معركة الكرامة للأسبوع الثاني على التوالي    المريخ السوداني يصدر قرارًا تّجاه اثنين من لاعبيه    مناوي: قمت بتنوير الخارجية الألمانية بموقف الحكومة السودانية    بسبب ليونيل ميسي.. أعمال شغب وغضب من المشجعين في الهند    فريق عسكري سعودي إماراتي يصل عدن    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    كارثة إنسانية قبالة اليونان وغالبية الضحايا من مصر والسودان    إحباط عمليه إدخال مخدرات الى مدينة الدبة    ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين    المريخ " B"يكسب ودنوباوي بخماسية نظيفة والقائد يغادر إلى القاهرة    كورتوا ينقذ الريال من هزيمة كبيرة    السعودية والأردن إلى نصف النهائي    مقتل قائد بالجيش السوداني    شاهد بالفيديو.. آخر ظهور لفنان "الدعامة" إبراهيم إدريس يظهر وهو يحتفل وسط جنود المليشيا قبل أيام قليلة من إغتياله    شاهد بالفيديو.. آخر ظهور لفنان "الدعامة" إبراهيم إدريس يظهر وهو يحتفل وسط جنود المليشيا قبل أيام قليلة من إغتياله    الإعلامية والشاعرة داليا الياس ترد على إتهام الجمهور لها بالتسبب في فصل المذيع الراحل محمد محمود حسكا من قناة النيل الأزرق    شاهد بالصور.. فنان الثورة السودانية يكمل مراسم زفافه بالقاهرة    بعد مباراة ماراثونية.. السعودية تقصي فلسطين وتحجز مقعدها في نصف نهائي كأس العرب    لجنة التحصيل غير القانوني تعقد أول اجتماعاتها    رئيس الوزراء يشهد تدشين الربط الشبكي بين الجمارك والمواصفات والمقاييس    أطعمة ومشروبات غير متوقعة تسبب تسوس الأسنان    جود بيلينغهام : علاقتي ممتازة بتشابي ألونسو وريال مدريد لا يستسلم    إليك 7 أطعمة تساعدك في تقليل دهون الكرش طبيعياً    شاهد بالفيديو.. بطولة كأس العرب تشهد أغرب لقطة في تاريخ كرة القدم    الدونات واللقيمات ترفع خطر السكري بنسبة 400%    الإعلامية سماح الصادق زوجة المذيع الراحل محمد حسكا: (حسبي الله ونعم الوكيل في كل زول بتاجر بي موت زوجي.. دا حبيبي حتة من قلبي وروحي انا الفقدته وفقدت حسه وصوته وحبه)    حَسْكَا.. نجمٌ عَلى طَريقته    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    وفاة إعلامي سوداني    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    هيئة مياه الخرطوم تعلن عودة محطة كبيرة للعمل    شاهد بالفيديو.. العروس "ريماز ميرغني" تنصف الفنانة هدى عربي بعد الهجوم الذي تعرضت له من صديقتها المقربة الفنانة أفراح عصام    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    رئيس مَوالِيد مُدَرّجَات الهِلال    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل البشير والإسلاميين قدرنا..؟!
نشر في سودانيات يوم 05 - 06 - 2013

قبل حوالي عشرون عاما من إسقاط الفرعون المخلوع حسني مبارك قال له الشيخ الشعراوي، رحمه الله وقدس سره، في جمع من العلماء والناس وفي ختام حديثه وهو يمسك بكتفه: إذا كنت قدرنا فاليوفقك الله، وإذا كنا قدرك فاليعينك الله على أن تتحمل..!!. الكثير لم يلحظوا للمعنى الدقيق للكلمات بسبب التأثير الكبير للشيخ الشعراوي بأن كل ما يقول صواب بسبب قناعتهم العقلية التي تجردت من النظرة الإنتقادية فصارت إنطباعية.
القليل إنتقدوا الشيخ الشعراوي على هذا الحديث الإستسلامي للطغاة، بأن يوفقهم إذا كانوا قدرنا، وأن يعينهم الله على أن يتحملونا إذا كنا نحن قدرهم!!.
وأنا مع القليلين بأن هذه المقولة إنهزامية وسلبية للغاية. فهي مع الحاكم، مهما كان ظالما و طاغية، فاليوفقه –طبعا الشيخ يقصد للإصلاح-. أما إذا إذا كان هو عادلا فاليتحمل إذا كانت الرعية مشاغبة ومارقة. وفي الحالتين انا ضايع. وفي النهاية فاليجثم الحاكم مهما كان إلى ما شاء الله لأنه كله قدر في قدر.
فهل هذا قدرنا؟. هل أنت مقتنع بهذه المقولة؟.
القضاء والقدر من أركان الإيمان ولكن نحن مسؤولون عن أفعالنا وما يترتب عليها. فليس كل ما نفعله نقول إنه قضاء ومن ثم نعلق نتيجته على شماعة القدر. بدأت هذه القضية تأخذ رواجا مع الدولة الأموية التي كانت لديها مشكلة مع شرعية حكمها في كونها نصبت لعلي كرم الله وجهه، وقتلت إبنه الحسين ونفر من آل البيت عليهم جميعا الصلاة والسلام. فقمعوا وبطشوا الناس بأنهم هم خلفاء الله وطاعتهم واجبة وعلى الناس أن تستسلم لقضاء الله وقدره. ولكن نسي بنو أمية أن هذا البطش والقمع الجسدي لا يمكن أن يقمع الفكر الذي هو أصدق أنباء من السيف.
فظهرت جماعة تسمى القدرية تقول فكرتهم: إن الله عادل، أعطى للناس حرية الإختيار أو القدرة، فهم مسؤولون عن كل ما يفعلونه. لا حساب إلا مع قدرة على الاختيار. وقد قاوم خلفاء بني أمية هذا الفكر لأنه ضد إنفرادهم، فهم بشر. مثلا، فرض معاوية للناس دعاء يقولونه دبر كل صلاة: اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع الجدِّ منك الجدُّ. دعاء حق ولكن أريد به شيئ آخر حتى تتم عملية الترويض بنجاح. وظهرت جماعة الجبرية التي تدحض فكر القدرية وتقول فكرتهم: كل الأفعال مكتوبة على الإنسان وهو مجبور على فعلها. وكان هو الفكر الذي يناسب السلاطين.
إستمرت مقاومة القدرية للفكر الجبري. فلقي معبد الجهني حتفه على يد الحجاج بعد سلسلة من العذاب الأليم. كان يهشم عظامه، ويقول له هذا ما كتبه الله عليك، هذا قضاء وقدر. ولكن معبد كان يقول له بمنتهى رباطة الجأش: هذه قدرتك أنت وفعلك أنت وليس فعل الله تعالى. إلى أن كسر كل عظام أطرافه ثم فكه ليموت بعدها.
وجاء بعده غيلان الدمشقي والذي قيل ان الخليفة هشام بن عبدالملك عندما سمع بأفكاره التي يراها محرضة أتى به في مجلسه. فزعق فيه قائلا: مد يدك. فمدها، وضربها بالسيف. فقال له: هذا قضاء الله وقدره. فرد عليه غيلان بكل جسارة قائلا: بل هذا فعلك أنت. فزعق مرة اخرى وضرب رجله فأغمى عليه. وحين افاق وجد نفسه في وسط دمشق والذباب ملموم حول يده ورجله المقطعوتين. فقال له أحد المارين ساخرا: هذا هو القضاء والقدر. فقال له: كذبت؛ لا والله هذا ليس قضاء الله وقدره، هذا فعل الخليفة الظالم وحده ولا ينسب إلى الله تعالى البتة. فلما سمع عيون الخليفة بأنه مازال حياً أتو به وصلبوه في إحدى أبواب دمشق ودمه يقطر ولكنه يقول: العدل العدل، العقل العقل. أيها الناس قوموا قومة رجل واحد وأنفضوا ظلم هشام وصحبه. إنهم يفترون على الله عز وجل ويلصقون افعالهم القبيحة من التجبر والقهر والظلم به...فلم يدعه يكمل فقطعوا يده ورجله السليمتين ومن ثم لسانه فمات.
طبعا خيم زلزال الصمت على الناس ورضو بأن الخليفة قضاء وقدر وما يفعله هو أيضا قضاء الله وقدره. ولكن الأفكار لا تموت فكانت القدرية جذوة تتقد في الأذهان وبذرة نمت من جديد فى العصر العباسي على يد فرقة أخرى إسمها المعتزلة. وبدون الخوض في التفاصيل حجر الأساس عندهم هو العدل. ان الله عادل، لا ينبغى أن ينسب إليه ما ليس عدلًا. ولكن معارضيهم يقولون مَن الذى يحدد ما هو عدل وما ليس عدلًا. فكل فعل يفعله الله عدل، حتى لو ألقى البشرية كلها فى الجحيم هذا عدل. فلا مفهوم للعدل يأتى من البشر ويفرض على الله.
ما رأيك؟ كلتا وجهتي النظر تبدو منطقية وكل منهما يمكن أن يأتي لك بالدليل الشرعي. ولكن ما هو الأقرب لعقلك ويمكن ان نسقطه في الواقع.
المعتزلة خُطئوا في مسائل كثيرة وهذا ليس مبحثنا، إنما مبحثنا هو هذا النزوع إلى العقلانية، والتحدي لفعل الأشياء الدنيوية بجدية بشرية مع الإيمان بأن الدنيا دار ابتلاء يمتحن فيها كل فرد، والنجاح فى الإمتحان فردى بحت. فإذا أصابوا خيرا وإذا اخطأوا لم يستسلموا للقضاء والقدر ويقولون أصلو كتب علينا. بل يعيدون المحاولة بطريقة أخرى. أي منهجهم العمل العمل مع الإختيار (الفعل أوالترك).
ولكن إذا لاحظت، هذا الفكر لا يمكن أن يكون من غير الحرية، لكى يعمل ويبدع، ويكون مستحقا للثواب إذا أصاب وللعقاب إذا أخطأ. ومن هنا أيضا تتولد فكرة التسامح فيما بيننا، لأن كل ما يقوم بيننا هو أفعال بشرية محض قدرتنا وإرادتنا نحن وليس لله عز وجل تدخل إلا بالظروف المحيطة بالأفعال والتي يجب ان نتصرف بمقتضاها.
لكن الطغاة الحاكمون بأمرهم وليس بأمر الله ومن خلفهم علماء السلطان لم يتركوا مجال لهذه النظرة العقلانية في الحياة. فكفروا وزندقوا وطاردوا وحرقوا الكتب. وبها وأدوا محاورة الأفكار التي تولد الفكر المتجدد. فخسَّروا الأجيال اللاحقة قوة العقل بل وأورثوها عقل أمة متحجر عادة ما يفكر في إتجاه واحد فقط.
وللمعلومية، المعتزلة هم من أحدث النهضة الفكرية التى لا يزال، حتى االإسلاميون، يتباهون بها فى تاريخ المسلمين. وقيل أن المأمون الذى أنشأ دار الحكمة، ودشن حركة الترجمة وأخوه المعتصم (وا.. معتصماااه!) كانا من المعتزلة. أما عن العلماء الحقيقيين الذين اعتقدوا اعتقاد المعتزلة، فافرد الخيط لتجمع حبات اللؤلؤ: الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد. ولكن طغى فكر إلجام العوام عن علم الكلام فسكت الجميع سكتة رجل واحد ولم نسمع بعالم من ذيك الأيام.
ونرجع للموضوع الأساسي والخلاصة. هل البشير والإسلاميين قدرك؟. وقدر هذا السودان ليكون وطنا تعيسا وشعبه محطم ومشرد ومقهور ومظلوم؛ وما علينا إلا أن نصبر ونتحمل!. أم نحن هذا الشعب المفتري، الذي يريد أكثر من حقوقه، وهو قدر البشير المسكين، والإسلاميين الطيبين فعليه أن يتحملنا وعليهم أن يحكموننا بأي شكل ويتحملوننا!..
هم لديهم وجهة نظر ولكن ما هي وجهة نظرك؟. لا تقل لي كما تكونوا يولى عليكم!! هذه العبارة الأخرى الخاطئة والمضللة. هو أساسا نحن كنا ليولى علينا!. فنحن لم نكن أساسا، و لو كنا، دائما نكون كما كنت.
فإذا هي الحرية أولا. ولكن اعلم انك لو ساومت وأضطررت للتوسل إلى رجل آخر من أجل حريتك فأنت لن تنالها أبداً. وليس من الضروري أن تقتله لتنعتق وتصبح حرا، ولكن الأهم من قبل ذلك كله أن لا يكون سجنه محيطا ومبنياً داخل عقلك.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.