أخذ الزميل عادل الباز مقتطفات من تعليق سريع كتبته في "فيسبوك" أدنت فيه العنف في مصر والذي أدى لسقوط ضحايا مدنيين، وانتهى إلى أنني أمارس اللولوة والازورار والتناقض، وفي ذلك أن موقفي من إدانة العنف وقتل المدنيين غير حقيقي ومتأخر. مثل حديث عادل هذا منتشر بكثرة هذه الأيام، حيث تمتلئ صفحات الأسافير بمن يحاضروننا، من إسلاميي السودان، عن الديمقراطية وضرورة احترامها وإدانة العنف واحترام حق التظاهر السلمي. وقد كتبت عشرات الأعمدة والمقالات والتعليقات في الصحف والمواقع الإسفيرية عن ما يحدث في مصر، وأيدت، ولا زلت أؤيد، الحراك الجماهيري للإطاحة بمحمد مرسي وحكم مكتب ارشاد جماعة الأخوان المسلمين. لكنني تحفظت على تدخل الجيش، وفي ظني أنه أعاق الحراك الجماهيري المتصاعد وقطع عليه طريق التطور الطبيعي، وقد كان على هذا الحراك الذي قاده تحالف مدني واسع أن يواجه الجماعة في الشارع، ولا يترك ذلك للسطة والأجهزة الأمنية والعسكرية. واتساقا مع هذا الموقف أدنت الاستخدام المفرط للقوة والعنف في مواجهة المعتصمين والمتظاهرين، مما أدى لسقوط ضحايا مدنيين، وقد كان ينبغي أن تمتلك هذه الأجهزة القدرة على التعامل مع الموقف، ومع المجموعات المسلحة، بطريقة تجنب المدنيين السلميين نتائج العنف. أقول هذا لأني على قناعة بوجود مجموعات مسلحة من الأخوان وسط المدنيين، ولأنهم اتخذوا النساء والأطفال رهائن يحتمون بهم. ودعني أقول للزميل عادل الباز ولغيره من الإسلاميين قدامى وحديثين، في كل الدنيا، لكن في السودان خصوصا، أنني لست مدينا لهم لا باعتذار ولا توضيح ولا تبرير لأي مواقف، فموقفي ببساطة أنهم غير مؤهلين أخلاقيا وسياسيا وفكريا ليساءلوا احدا أو ليحاكموا موقفا، لا عن وأد الديمقراطية أو ممارسات العنف أو قتل المدنيين، فهم والغون في ذلك حتى أعناقهم. وقد ظلوا طوال عمرهم يقفون ويؤيدون أنظمة وزعامات تلطخت أيديهم تماما بدماء المتظاهرين السلميين، حقيقة وليس مراء. وهم انقلبوا على الديمقراطية وساموا الناس العذاب، وفعلوا بهم ما لم يفعله الأعداء الخارجيون، وأولى بهم أن يواروا سوءتهم في صمت. لقد سقط ضحايا مدنيين سلميين في كجبار، حيث لا ممتلكات للحكومة ليتم تخريبها، وفي بورتسودان، وسقط أكثر من عشرين طالبا في نيالا في العام الماضي، فماذا كان موقف هؤلاء من الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان. لم تكن هناك متاريس ولا طلقات خرطوش ولا حرق كنائس ولا ممتلكات عامة، بل كانت تلك مظاهرات سليمة مطلبية بسيطة ووجهت بعنف غير عادي، سكت عليها كل هؤلاء، ليخرجوا اليوم، بلا خجل، لإدانة قتل المتظاهرين في رابعة والنهضة. نحن يا استاذ عادل نخطئ ونصيب لأننا بشر، نحاسب أنفسنا ماوسعتنا الطاقة البشرية ونأخذها بالشدة حتى تستقيم في مواقفها واعتقاداتها، وقد تأخذنا العاطفة والهوى عن طريق الحق، فنلتمس إصلاحا وتصويبا أينما وجدناه أخذناه، لا ندعي لأنفسنا هدى فوق مستوى البشر ولا صوابا مطلقا، ولا قداسة لمعتقدات وأفكار، فكلها اجتهادات بشرية قابلة للتعديل والتطوير. وليتكم ترجعون إلى أنفسكم مرة ومرتين، قبل أن توزعوا صحائف الاتهامات وصكوك البراءة للناس، ففي ذلك خير لكم قبل ان يكون لنا، هدانا الله وإياكم على طريق الحق والعدل والحرية. [email protected]