سوق السودان ،هو بحق يستحق هذا الاسم ،السوق العربي اصبح في الآونة الاخيرة وتحديدا بالتزامن مع السياسة الاقتصادية التى انتهجها النظام ،اصبح السوق العربي ساحة حرب مباشرة ضد مايطلق عليهم ( الباعة المتجولين) مجازا نستخدم هذا الوصف ،المهم أن محلية الخرطوم جندت كل قدراتها وكثفت نشاطها في عمليات مطادرة وترصد وانتهاك وازلال هؤلاء الناس ،فالكشة اصبحت مؤسسة رسمية لها زيها الرسمي (يونى فورم) ،فالحالة التى اتحدث عنها لن يستطيع أى قلم أن يعبر عنه وأن ينقل الصورة كما هي ،فهي تفوق كل وصف ،وأي نقل ،فما يحث ليس له وصف الا بشيئ واحد ،انها حرب ،حرب ،بكل ماتعني الكلمة ،فما يقوم به باشبزق المحلية في عمليات الاغارة بالدفار وهم مصحوبين بافراد من الشرطة وبعض عناصر الأمن والمخابرات بزيهم المدنى يعتبر بكل معنى الكلمة عملية حربية ،فهم يقومون بمصادرة مايفترشه هؤلاء الباعة ويتركونهم يلعقون المرارة والقهر والزُل، هذا اذا لم يتركونه جثة هامدة كتلك بائعة الشاى التى ماتت في احى الغارات وفي احشائها جنين على وشك الاكتمال ،هذا المشهد الذي تراه في أعين هؤلاء الباعة لن تراه الا ماتنقله الحكايات عن حملات البازنقرا والباشبوزق والانكشارية ،والجنجويد ، انها عمليات ازلال وتضيق مقصودة ومهندسة بعناية ،وسياسة ليس المقصود بها التنظيم بقدر ماهي سياسة طرد وتضيق على هؤلاء الناس الذين هم بحق ينطبق عليهم وصف الوجوه التى عليها غبرة ترهقها قترة ،ربما تظن محلية الخرطوم أن هؤلاء هم الكفرة الفجرة التى وردت في الآية ، فهؤلاء الناس هم في الأساس ضحايا حرب فعلية وهم من شردتهم النزاعات والحروب من أنحاء السودان المختلفة ، وليس أمر المواطنين في الخرطوم بحاجة الى شرح ،فهم لو قلنا فيهم أنهم مجرد مواطنين سودانين لكفاهم هذا ليحظو وينالو كل الاستثناءات وتحسين الظروف الملائمة لممارسة الانشطة الاقتصادية التى تخرجهم من خانة الفقر والعوز والضياع ،ولكن لأن الدولة هي دولة حرب ،وحرب ضد السودانيين لابد وأن تكون الكشات بهذه الصورة ،فالظروف في وسط السوق العربي هي ظروف تستحق بحق أن نطلق عليها الارض الخراب ،أو المدينة اليباب ،انها كوميديا دانتى ،فهذا الواقع غرائبي بكل ماتحمل الكلمة من معنى ، ربما تظن وأنت تتجول في هذا السوق أنك في الجحيم ،وبعيدا عن التطرف في المبالغة لكن بعد واقع السوق العربي والصورة الماثلة التى نراها وحجم التناقضات في حياة (العاصمة ) لاينتابك شك بأن هناك اوصاف لأهل جهنم وسقر ،بل حتى القيامة لايمكن أن تجدها الا هنا في السوق العربي. لذلك فانى ادعو للآتي : بما أن الأزمة في السودان هي أزمة حقوق وحريات ،فأن قضية الباعة وضحايا محليات الخرطوم هى تمثل صلب قضية التغير في السودان ،إذ لابد وأن يتم اقرار وضمان وصيانة الحقوق الاساسية للمواطنين ،وهى ضمن الحقوق الاقتصادية في العهد الدولي لحقوق الانسان ،بدلا عن استغراق الطبقة السياسية في قضايا لاتمت لحياة المواطن بصلة ،بالاضافة الي أن التغير لابد وأن يتأسس على قاعدة قوى شعبية محددة ،لذلك فانى ارى أن هؤلاء الناس يمثلون قوى شعبية لايستهان بها ،وهم في الاساس بحاجة الى من يأخذ بيدهم او يتبنى قضيتهم ، وهم اصلا ضحايا اخفاق تاريخى قادتهم الى هذه المزالق التى تمتهن كرامتهم وتزلهم بيد سلطة ظلت تبشط وتفتك بهم بكافة مؤسساتها ونظمها ،بالاضافة الى أنى لم ألتمس حتى اليوم اى توجه هادف من قوى التغير الصاعدة اى شعور تجاه بث الوعي الحقوقي ،والوعي الثورى في اوصال قطاعات هي صاحبة المصلحة في التغير ،لذلك فانى ارجو أن لاتكون حالة احلام البرجوازية الصغيرة التى تسيطر على القوى الشبابية هى المنتجة والمحددة لموضوعات التغير وقضاياه ،بل يجب استصحاب هؤلاء المقهورين في طريق النضال من اجل التغير ،وحتى يبعدو شبح الازلال الذي عاشوه طويلا ،وحتى تكون المقاومة ذات اثر راسخ في كل القطاعات والقوى الشعبية ،وحتى نحافظ على مسيرة التغير الذي يقوم عللى دعائم الحق والبواجب ،كان من الطبيعي أن تتصدى جهات حقوقية لمظالم هؤلاء الناس ولكن للطبيعة البيروقراطية وحالة الافندية التى يعيش فيها القانونين السودانين وعدم وجود منظمات مناصرة ،بالضافة الى حالة غياب القانون في المؤسسات القضائية فان الوعي الحقوقي غائب تماما ،بالاضافة الى أن هذه القضية لم تحظى حتى اليوم بالتحقيق الصحفي الجاد والعميق ،وكله أمر طبيعيس جدا ،لذلك فأن اخراج هذه القضية للسطح لن يتم الا اذا تبنته جهة نزرت نفسها للدفاع عن حقوق الناس ومناصرة المظلومين ، لذلك فأنا بصفتى الشخصية والتنظيمية في حركة امبيبي للتغير سابزل كل ما ادخره من طاقة في سبيل التغير وفي سبيل المستقبل لذلك الوطن الذي نحلم به ونزرنا كل احلامنا واشواقنا في سبيل تحقيقه وساكرس جهدى للدفاع عن هؤلاء الناس وساجعل من قضيتهم قضيتى الشخصية احتراما لحقهم في الحياة وحقهم أن يتم معاملتهم بكرامة وبدون ازلال ،وارجو أن تنضم طاقات اخرى في جوانب مهمة كتوثيق ومعالجة عمليات الكشات في قوالب فنية وابداعية اذ أنها لاتخلو من سخرية القدر وهي بحق كما ظللت اقول أن حياة المواطن السوانى في السوق الكبير هى الكوميديا الالاهية التى عناها دانتى ،او الأرض الخراب كما كتبها توماس اليوت ، فالمعالجة الجادة لابد وانها ستشعل ثورة حقوق وستشعل ثورة تغير على صعيد وعي الناس بأن يعيشو بكرامة . القضية الآن هي تصلح أن تدشن بها صفحة جديدة في قضايا التغير ،وتصبح السياسة ممارسة عملية وليست تهويمات تطفح بها الكيبورتات وتموت على الاسافير ،بينما شعبنا على أرض الواقع يرزح تحت استبداد المحليات ،والتى لو حللناها جيدا لوجدنا أنها سياسة رسمية للدولة واستراتيجية للنظام ،فالدولة تنقلب على التزاماتها الدولية في استراتيجية محاربة الفقر التى التزمت بها أمام صندوق النقد الدولي ،فمعالجة هذه الحرب وعكسها للرأى العام توضح الوجوه المخفية لهذا النظام . المهم أن الأمر زو شًعب متعددة ووجهه مختلفة يمكن النظر من خلالها ،ولكن نسبة لحساسية المسألة والقضية فانى ارجو أن اكون قد نقلت قضية للرأى العام ورؤية نستند عليها نحن في حركة امبيبي للتغير وارجو أن نخلق شراكة شاملة لكل المدافعين عن حقوق الانسان ،والنشطاء السياسين الساعيين للتغير .