تعهد عمر البشير بعد اكثر من ( 22 ) عاما علي حكمه بمكافحة الفساد وتقوية الاجهزة العدلية . وقال في افتتاح دورة الانعقاد الخامسة للمجلس الوطني امس (نحن مصممون على المضي قدما في استكمال منظومة النزاهة الوطنية، من خلال سد الثغرات في التشريعات بمبادرات الحكومة، على الرغم من إدراكنا أن بعض خصومنا السياسيين يريدون تحويل حملة مكافحة الفساد، إلى حملة للبهتان والادعاءات الكاذبة، والاغتيال المعنوي للقيادات. ) واضاف أنه ينبغي ألا يؤخذ الناس بالشبهات وألا يصدر الإعلام الأحكام دون تثبت . ونشرت وسائل الاعلام مؤخرا عددا من وقائع الفساد الموثقة ، بما فيها وثائق تثبت تورط اشقاء عمر البشير في الفساد ، الامر الذي اكد بان الفساد في الانقاذ يتم بالتواطؤ والحماية من رئيس النظام نفسه . وكان عمر البشير حاول بعد ثورات الربيع العربي تحسين صورته باعلان الحرب علي الفساد ، واوردت ( حريات ) حينها بان مكان اعلان الحملة – وهو مسجد ال البشير بكافوري وقد بني علي الفساد – يؤكد بان الحملة حملة علاقات عامة لذر الرماد في العيون . ولاحقا حين بدأت تنشر تقارير الفساد بكثافة ، واتضح بان مركز الفساد الرئيسي مرتبط بعمر البشير واسرته ، بدأ في كفكفة الحديث عن الفساد ، وعين احد كبار المفسدين ( ابو قناية ) من ذوي الصلة بفساد اسرته كرئيس لآلية مكافحة الفساد . والجدير بالملاحظة ان فساد الانقاذ لا يرتبط ب (امير المؤمنين ) واشقائه وحسب ، انما كذلك باهم المؤسسات ( الاسلامية ) ، مثل ادارات الاوقاف والحج والزكاة !! مما يؤكد ان الادعاءات الاسلامية عملت كغطاء للفساد والافساد !!! ومع تحصين الفساد بالاغطية الاسلامية فان فساد الانقاذ فاق فساد جميع الانظمة السياسية السابقة في تاريخ السودان الحديث ، وذلك ما تؤكده تقارير منظمة الشفافية العالمية – السودان رقم خمسة من حيث الدول الاكثر فسادا في العالم – و ما اكده صادق عبد الله عبد الماجد – احد مؤسسي جماعة الاخوان المسلمين والمتحالف مع النظام ، وكذلك الاسلامي المستقل الدكتور الطيب زين العابدين ، واكده عراب تجربة الانقاذ الدكتور حسن الترابي . وغض النظر عن الادعاءات فان الفساد في الانقاذ فساد مؤسسي وشامل يرتبط بكونها سلطة أقلية ، تحكم بمصادرة الديمقراطية وحقوق الانسان ، وتحطم بالتالي النظم والآليات والمؤسسات الكفيلة بمكافحة الفساد ، كحرية التعبير ، واستقلال القضاء ، وحيدة اجهزة الدولة ، ورقابة البرلمان المنتخب انتخاباً حراً ونزيهاً . كما يرتبط بآيدولوجيتها التي ترى في الدولة غنيمة ، علاقتها بها وبمقدراتها بل وبمواطنيها علاقة ( امتلاك) وليس علاقة خدمة . وبكونها ترى في نفسها بدءاً جديداً للتاريخ ، فتستهين بالتجربة الانسانية وحكمتها المتراكمة ، بما في ذلك الاسس التي طورتها لمكافحة الفساد . وحين تنعدم الديمقراطية ، لفترة طويلة ، كما الحال في ظل الانقاذ ، يسود أناس بعقلية العصابات ، ويتحول الفساد الى منظومة شاملة تعيد صياغة الافراد على صورتها ، فتحول حتى الابرار الى فجار ، واما أدعياء (الملائكية) فانهم يتحولون الى ما هو أسوأ من الشياطين !