رأي البيان تنذر التطورات الميدانية بين دولتي السودان وجنوب السودان بتطور النزاع الحدودي بينهما إلى حرب مفتوحة من شأنها أن تستنزف أرواح ومقدرات السودانيين على جانبي الحدود. وهذا البلد الذي يتمتع بثروات طبيعية وبشرية كبرى، استنزفت الحرب ثرواته وإمكاناته غير العادية، على مدى سنوات طويلة، وحولت أراضيه الزراعية إلى ساحات للحرب ومعسكرات للاجئين، ليس بعيداً اليوم عن خطر اندلاع حرب بينه وبين جارته الحديثة دولة جنوب السودان، والسبب في ذلك عدم الاحتكام إلى لغة الحوار واعتماد فرض الأمر الواقع على الأرض. من الواضح أن الموضوع السوداني معقد إلى حد كبير، وتتداخل فيه عوامل جغرافية وإثنية وتاريخية، وليس من السهل على جوبا والخرطوم قبول الأمر الواقع الحالي، ولذلك لابد من الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وفتح جميع الملفات دون استبعاد أي ملف وطرح القرائن والأدلة للوصول إلى قتاعات من شأنها أن تشكل أرضية مناسبة لإحلال السلام على جانبي الحدود، وعدم تفجر أي بؤرة نزاع في المستقبل، لأن التأجيل لا يعني الانتهاء من المشاكل العالقة بل نقلها إلى فترة زمنية أخرى بانتظار أن تجد لها متنفساً وفرصة للتفجر من جديد. المطلوب من طرفي النزاع السوداني أن يجلسا إلى طاولة الحوار أولاً، ومن ثم وضع آلية وجدول زمني لإنهاء هذا الملف بجميع ذيوله ومرتكزاته، والإقرار بمبدأ القبول بنتيجة المفاوضات، لأن عسكرة الصراع بهذه الطريقة التي اتجه اليها في الأيام الماضية منذ بدء المعارك في هيغليغ والتهديد بالزحف إلى ابيي لا يفيد أي من الطرفين. لقد فشلت كل تجارب النزاعات المسلحة على امتداد خريطة العالم في فرض الأمر الواقع بالقوة، وأظهرت هذه التجارب أن الحوار من شأنه أن ينزع فتيل التوتر وأسباب التفجر التي تستهلك الطاقات وتضيع إمكانيات التنمية. لدى السودان تجارب كثيرة على صعيد النزاعات الداخلية، ولديه ملف ضخم من الحروب الصغيرة والكبيرة. وقد آن الأوان لهذا البلد أن يرتاح، وأن يلتفت إلى تنميته الداخلية وبناء اقتصاده بشكل يسهم في تقدم وازدهار عموم المنطقة.