عماد عبد الهادي-الخرطوم لا تزال الردود تتوالى في السودان بعد وفاة عدد من المشردين بالعاصمة الخرطوم بسبب تناولهم على الأرجح مواد كحولية تستخدم للأغراض الصناعية والطبية. ومع ارتفاع عدد الموتى إلى أكثر من سبعين، تشتعل الساحة بالكثير من الآراء والمعلومات المتضاربة خاصة أن الأمر تكرر للمرة الثانية خلال فترة لم تتعد الثلاث سنوات. ويبدو أن أعداد الموتى ستتزايد طالما كانت المادة القاتلة مطروحة بالأسواق للاستخدامات التجارية العادية بحسب خبراء في ذات المجال. اللواء محمد علي قال إن الشرطة اعتقلت عددا من المشتبه ببيعهم المادة القاتلة (الجزيرة نت) انتفاء الجريمة مدير الإدارة العامة للمباحث والجنايات بولاية الخرطوم اللواء محمد أحمد علي استبعد أن يكون للحادث أي أبعاد سياسية أو جريمة منظمة ومدبرة من جهة محددة، مشيرا إلى أن ذلك "مرتبط كله بالمشردين الذين تناولوا جرعات كبيرة من الإيثانول المركز". وقال للجزيرة نت إن التقارير الطبية أفادت بأن تسمما كحوليا (سببه الإيثانول) كان سببا في الوفاة بين المشردين، مشيرا إلى أن الشرطة ألقت القبض على بعض المشتبه فيهم ببيع المادة القاتلة. وأوضح أن التحريات أثبتت أن المشردين تناولوا أيضا مواد مخدرة أخرى كالبنزين والسيلسيون التي تسببت في حالات التسمم، مؤكدا وجود نحو خمسة وعشرين مشردا ما زالوا يتلقون العلاج بالمستشفيات. وقال إن الشرطة ألقت القبض على ستة من المشتبه في تورطهم في بيع المادة للمشردين قبل أن تطلق سراح اثنين منهم، مبينا أن هذه المادة دخلت البلاد عبر تهريبها من إحدى دول الجوار دون ذكرها. محمد الدرديري شكك في أن يؤدي تناول الإيثانول لهذا العدد من القتلى (الجزيرة نت) تحفظ وإيواء وأوضح أن الشرطة تحفظت على نحو ألف مشرد في معسكرات ودور للإيواء بجانب تسليم أكثر من ألف وخمسمائة مشرد لذويهم. من جهته شكك الخبير في مجال علوم وتكنولوجيا الأغذية معاوية محمد الدرديري برواية أن تكون مادة الإيثانول سببا في تسمم المشردين، معتبرا أنها غير قاتلة "بهذه السرعة". ولم يستبعد في حديثه للجزيرة نت تورط بعض الجهات التي لم يسمها في تسميم المتشردين بمادة أخرى هي الميثانول، "لأن الإيثانول مادة مسكرة وغير قاتلة كما أن مادة السليسيون مادة قد تؤدي إلى إتلاف الرئة بعد وقت طويل وحسب حجم التعاطي". واستصعب إمكانية الحصول على تلك المواد إلا من معامل متخصصة بحسب قوله، مشيرا إلى أن حجم الوفيات كبير جدا مقارنة بحجم مادة الإيثانول المتداولة في الأسواق. مؤامرة مجتمعية أما أستاذ علم الاجتماع بجامعة الشارقة عثمان سراج الدين فحمل المجتمع المسؤولية بغض النظر عن كونها عملية مقصودة أو غير مقصودة، معتبرا أن العملية مؤامرة مجتمعية "من مجتمع لم يستطع حتى اليوم حماية وإيواء أطفاله". وأشار للجزيرة نت إلى تزايد نسبة التشرد في الخرطوم، مؤكدا توفر مادة الإيثانول "وبأسعار زهيدة". وكرر "أن المجتمع مسؤول عن أطفال مهملين ليس لديهم أسر تعولهم"، مشيرا إلى ما اعتبره غيابا كاملا للدولة عن رعايتهم وتربيتهم بأسلوب يتماشى مع العصر. قمر هباني أكدت تحرك كافة الجهات المختصة لمنع تفاقم المشكلة (الجزيرة نت) تسرب من جهتها أشارت الأمينة العامة للمجلس القومي لرعاية الطفولة قمر هباني إلى تسرب مادة الميثانول إلى المشردين في عدد من المواقع، مؤكدة تحرك "كافة الجهات المسؤولة لوقف المشكلة". وقالت للجزيرة نت إن متعاطي مادة الإيثانول كانوا يتناولونها بصورة معتادة "لكن هذه المادة دخلت كعنصر جديد ضمن تركيبة العطور وأصبحت متوفرة في الأسواق بأسعار زهيدة". وأشارت إلى أن المتعاطيين تناولوا المادة عن طريق الخطأ لاعتقادهم بأنها الإيثانول مما أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا إلى 71 شخصا بعد وفاة أربعة مشردين اليوم. وقالت إن المجلس وضع خطة لإرشاد المشردين عن طريق أربعين باحثا اجتماعيا وتوعيتهم بمخاطر تناول المواد الكحولية بأنواعها.