شغلت قضية وفيات عدد كبير من المواطنين نتيجة تعاطي مواد مسكرة مسمومة او ما اصطلح عليه (وفيات الأسبرت)، شغلت الرأي العام طوال الأسبوعين الماضيين، خاصة لإرتباطها بقضية أخرى خطيرة هي قضية المتشردين، وقامت العديد من المنابر بتناول الظاهرة، ومن بينها تنظيم جلسة مناقشة الإدمان وخطره على المجتمع الخميس الماضي بقاعة الشهيد الزبير محمد صالح، حيث نفت شرطة ولاية الخرطوم، ضلوع أية جهة حكومية في حادثة ضحايا (الأسبرت)، وقالت إنه ليس للحادثة أية أبعاد خاصة من المتهمين الذين تم إلقاء القبض عليهم إلا بسبب جمع المال. وكشف اللواء محمد أحمد علي مدير دائرة الجنايات بشرطة الولاية، أن شرطة الولاية ألقت القبض على عدد من المتهمين وبحوزتهم (150) برميلا من مادة (الإيثانول) دخلت عن طريق التهريب، ولفت إلى أنه تم حجز الكمية بعلم النيابة، وشكلت لجنة تحقيق للوصول إلى بقية المتهمين ومعرفة الكيفية التي دخلت بها هذه الكمية من المادة، وأشار إلى أن الذين اقدموا على إدخالها لا يدركون خطورتها (بالتأكيد). واستعرض اللواء محمد أحمد تاريخ التشرد في السودان وتعريفه في القانون السوداني الجنائي، وذكر أن قانون الطفل لعام 2010م جاء قويا من أجل حماية الأطفال واستمد قوته من البروتكولات والإتفاقيات التي وقع عليها السودان ومن الدستور السوداني، وشدد على العقوبات الرادعة، خاصة في المسائل المتعلقة بجرائم الطفل، وقال إن قانون الشرطة الجنائي لعام 1974م وما قبله استند إلى عقوبات المتشردين والطفل من القوانين الانجليزية والهندية، ولفت إلى أن بهما مادة تجرم التشرد، وأضاف: بعد بزوغ ثورة الانقاذ الوطني وإجراء تعديلات في بعض القوانين لم يعد التشرد جريمة يعاقب عليها القانون، وزاد: حتى قانون النظام العام لعام 1996م حظر التشرد، وتقوم إدارة أمن المجتمع بجمع المتشردين ووضعهم في دور الرعاية، ولاتزال شرطة أمن المجتمع تباشر عملها بصورة يومية. ونفى اللواء محمد أحمد وجود أطفال ضمن ضحايا حادثة (الأسبرت)، وقال كل الجثث التي عثرت عليها الشرطة والمواطنون لشباب فوق سن الثامنة عشرة، وأوضح أن الاطفال المتشردين تحت سن الثامنة عشرة دائما ما يتعاطون (السلسيون) ويشمون البنزين، أما فوق سن الثامنة عشرة فيتعاطون (الإيثانول) و(الميثانول)، وأعلن أن شرطة الولاية وضعت ضوابط مشددة لتداول هذه المواد السامة وسط التجار وأصحاب العطور لخطورة إستعمالها أخيرا، وأضاف ان ادارة امن المجتمع جمعت بعد حادثة الاسبرت عدداً تجاوز (2500) متشرد حتى الثلاثاء الماضي، وقامت بإرجاع عدد منهم لأسرهم حيث سلمت (1500) منهم، ولفت إلى ان عدد المتشردين بالمعسكرات تجاوز (900)، وقال: مازلنا نكثف الحملات لحمايتهم. واشار اللواء محمد أحمد إلى أن الشرطة اخذت (48) عينة طبقت فيها التحاليل أثبتت (10) منها خلط (الايثانول) مع (الميثانول)، وتم ضبط عشرة متهمين قاموا بخلط هذه المادة، وأن التحريات لا تزال مستمرة. ومن جانبه، عدد اللواء د. عوض أحمد الجمل مدير مركز السموم بجامعة الرباط، حالات التسمم الكحولي التي وصفها بأنها تندر في الحوادث الجنائية وتتم عادة مصادفة، وأنها غير مدبرة، واشار إلى أن معظم المحلات التي تقوم ببيع الخمور تضع ديباجات عكس المادة الموجودة داخل الزجاجة مما يؤدي لحالات غش يقود لوفيات، ونوه إلى أنه سبق أن وقعت حادثة في القاهرة توفي على إثرها عدد كبير من بينهم سودانيون عن طريق تسمم كحولي لمشروب (الفودكا) بفندق مشهور. وكشف اللواء الجمل، أن رئيس الجمهورية أصدر قرارا يحظر بيع أية مادة يدخل فيها (الايثانول) أو (الايثيلي)، ولفت إلى أنه سبق ووقعت وفيات في عام 2005م، لكنها لم تكن بهذا الكم حيث بلغ العدد اكثر من (17) شخصا. وعلى الصعيد، اقرت اميرة الفاضل وزيرة الرعاية والضمان الإجتماعي، بتزايد مشكلة المخدرات، واكدت سعي وزارتها لانزال سياسات للحد منها، وقالت اميرة: مازلنا في حاجة لمزيد من التركيز في سياسات مكافحة المخدرات والتشرد من خلال إحكام التنسيق مع الجهات ذات الصلة، واضافت أن قانون الطفل لعام 2010م واضح، لكنه يحتاج الى تفعيل، وشددت على ضرورة سن قوانين رادعة للمخدرات تطال الإتجار والتعاطي، وابدت اسفها لوفاة عدد من المتشردين نتيجة تعاطيهم مادة قاتلة، وكشفت ان الوزارة تعمل على ايجاد كيفية لمنع دخول أعداد جديدة إلى مجال التشرد.