السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهدي وأبو عيسى والخطيب ومندوب الميرغني والسفير المصري في تأبين البابا شنودة بالخرطوم
نشر في سودانيات يوم 10 - 06 - 2012

أقامت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالسودان تأبينا لقداسة البابا شنودة الثالث بابا الكنيسة القبطية والذي توفي مارس الماضي، واحتوى التأبين على كلمات من رموز البلاد وممثل الكنيسة القبطية والسفير المصري تلاه معرض لكتب البابا الراحل ثم أناشيد من تأليف البابا وأداء كورال الكنيسة القبطية بمشاركة الفنانة آمال النور، وتخللته ملحمة تروي قصة حياته منذ مولد الطفل نظير جيد عام 1923م بمنطقة أسيوط بصعيد مصر والذي صار بعد رهبنته انطونيوس السرياني ثم البابا شنودة الثالث.
وقد حضر التأبين قادة المجتمع السوداني من أحزاب سياسية ومجتمع مدني وأصدقاء الطائفة القبطية بالسودان.
(حريات) حضرت الحفل وتنقل الجزء الأول منه اليوم على أن تنشر الجزء الثاني غدا.
كلمة الإمام الصادق المهدي
وكانت أولى الكلمات للإمام الصادق المهدي إمام الأنصار وزعيم حزب الأمة القومي الذي قال:
الحمد لله والصلاة والسلام على إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد خاتم انبياء الدوحة الإبراهيمية، أما بعد-
أخواني وأخواتي، ابنائي وبناتي
مع حفظ الالقاب والمقامات لكم جميعا، السلام عليكم، أما بعد-
رحم الله البابا شنودة الثالث وأحسن عزاء الكنيسة القبطية الارثوذكسية في مصر والسودان وأثيوبيا وإريتريا وفي كل مكان، أحسن عزاء اساقفتها وكافة رعاياهم.
كان البابا الراحل رجلاً عابداً على سنة و(مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) . وكان مصلحاً اجتماعياً على سنة (وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) . كان ينتمي لحركة الإصلاح الديني المسيحي التي أسسها أمثال نجيب جرجس مثيل الشيخ محمد عبده في الإطار الإسلامي، وكان وطنياً يدافع بحرارة عن مصالح مصر، وكان مخلصاً للقومية العربية رفض بشجاعة اتفاقية كامب ديفيد ورفض مرافقة الرئيس المصري السادات في رحلة القدس عام 1977م بل منع الحج المسيحي للقدس الأسيرة، وكان يوفق توفيقاً لطيفاً بين هويته المسيحية وبيئته الإسلامية تواصلاً في المناسبات الدينية وقد سمعته مراراً يخطب في احتفالات البلاد بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
إن كل انجاز تاريخي يكمن في جدلية تأليف المتناقضات، فاستحق اعجاباً عريضاً في كل تلك المجالات التي أثراها بعطائه.
ولكن تحفظ على عطائه قوم:
علمانيون مسيحيون يرون على نهج د. مراد وهبة ألا دور للدين في الحياة العامة، وهو تصور غير واقعي لم يستطع تحقيقه حتى أولئك الذين نصوا على إبعاد الدين في دساتيرهم العلمانية. أعدم لويس السادس عشر في فرنسا لأنه رفض إجازة القوانين التي سنها الثوار ضد الكنيسة وبعد فترة من العنف الثوري الذي أطلقه اليعاقبة آلت الأمور لنابليون الذي سارع بعقد صفقة تفاهم (الكونكوردات) مع بابا الفاتيكان. واليوم في أمريكا قيل عن رجل الدين جيري فالول من فرط خوضه في السياسة إنه قد ضم الرب نفسه إلى يمين الحزب الجمهوري. ولا يخفى على أحد الخلطة الدينية السياسية التي تمثلها الحركة الصهيونية ومقولة إن اللوبي الإسرائيلي في أمريكا هو أقوى حزب سياسي فيها.
الحقيقة أن عبارة علمانية محملة بخصوصيات أوربية ومثاقيل فلسفية ينبغي استبعادها من معجم الفكر في ثقافتنا وإحلال الديمقراطية والعقلانية والتعددية محلها.
وخالفه أقباط مهجريون جعلهم استلاب الغربة يتخلون عن ضوابط الوطنية المصرية.
وجافاه مسلمون من الغلاة محترفي التكفير الذين يرون معاداة أهل الكتاب واجباً دينياً ويجاهرون بعداوتهم فلا يجوز إلقاء السلام عليهم، ولا تهنئتهم على أعيادهم، ولا حق لهم في القصاص يجردونهم من مقولة الإسلام: (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) ، هؤلاء خرجوا عن تدبر النهج القرآني الآمر بالبر والعدل مع غير المسلمين المأمور به قرآنياً: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) . بل القرآن يؤكد التوادد بين المسلمين والمسيحيين تحديداً مقارنة ببقية أهل الملل ويمتدحهم، قال تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) .
النهج الإسلامي الصحيح يقوم على تزاوج بين الواجب الذي يعلم اجتهاداً لا تقليداً، والواقع الذي يعلم إحاطة لا انتقاءاً. وإذا سادت فترات عداء بين أهل الملل فتلك أمة قد خلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت.
ولكن اليوم هنالك أسباب كثيرة أهمها ضرورة التضامن بين الإيمانيين ضد الملاحدة والدهريين، وهنالك ضرورة للاعتراف بالتنوع الديني لأنه (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) . كما إن التعايش بين الأديان من استحقاقات الوحدة الوطنية، وفي القرآن ما يحث على ذلك: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) ، وكذلك قال النبي محمد (ص): “إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ أُخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ، دِينُهُمْ وَاحِدٌ وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، أَوْلَاهُمْ بِي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ رَسُولٌ".
كان البابا الراحل مثقفاً وشاعراً وأديباً وكاتباً ومفكراً في وقت يعاب فيه على كثير من رجال الدين تبلداً ثقافياً وجفوة للآداب والفنون، مع أن الجمال من أغراض الكون كالكمال: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ) :
الدين إيمان وفيض سماحة فأسعد واسعد لا تكن منحوسا
تجمعنا بأمة المسيح عليه السلام روابط لا ينكرها إلا خفاش ينكر ظهور ضوء النهار هي:
أولا: نحن وهم أمة توحيد.
ثانيا: نحن وهم نقدس قيما أخلاقية مشتركة هي: الصدق، والأمانة، والوفاء، والعفة، وإنكار الذات، والحكمة، والتضحية، والمروءة، والشجاعة، والكرم. مكارم الأخلاق فطرية في النفس الإنسانية إنما تكملها وتحث عليها وترتب عليها جزاءاً أخروياً فالخلق كلهم يستجيبون لمقولة الحكيم:
إِنّي لَتُطرِبُني الخِصالُ كَريمَةً
طَرَبَ الغَريبِ بِأَوبَةٍ وَتَلاقٍ
وَيَهُزُّني ذِكرى المُروءَةِ وَالنَدى
بَينَ الشَمائِلِ هِزَّةَ المُشتاقِ
ثالثا: هم ونحن جزء من المنظومة الإبراهيمية فعهد الله مع إبراهيم عليه السلام شمل ابنيه إسماعيل واسحق. جاء في ما قاله الرب لإبراهيم عليه السلام في سفر التكوين 17/20: (أما إسماعيل فقد سمعت قولك فيه وها أنذا أباركه وأنميه وأكثره ويلد اثناعشر رئيساً واجعله أمة عظيمة). إن ديننا يؤكد أصله الإبراهيمي: (مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ) ونحن في صلاتنا في تحياتنا نصلي على إبراهيم وآل إبراهيم عدة مرات في اليوم.
رابعا: وللعلاقة بالاقباط بالإضافة لتلك الروابط المشتركة مع المسيحية عامة جانب خاص فهم يمثلون غرساً أصيلاً في المكونات الثقافية والروحية لسكان مصر والسودان وأثيوبيا وإرتيريا، هؤلاء يمثلون جزءاً كبيراً من سكان حوض النيل. إن العلاقات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية بين سكان حوض النيل جزء لا يتجزأ من تكوين إرادة مشتركة في حوض النيل لتكوين رؤية مشتركة لصالح دول الحوض وتكامل المصالح بينها.
إن الذين ينكرون هذه العلائق ويسعون للتفرقة بين المسلمين والمسيحيين في بلادنا هم دعاة فتنة وزراع لها يضرون بالوطن.
البابا شنودة من حكماء مصر وقادة الرأي داخل البلاد وخارجها. ومصر اليوم تمر بمرحلة حرجة هي في أشد الحاجة لحكمة حكمائها.
كانت الثورة المصرية حدثا تاريخياً فريداً أدهش العالم وشد إليها إعجابه. ومع أن الثورة أطاحت بنظام فساد واستبداد وحققت للشعب الكرامة والحرية وانتشر أثرها خارج حدود مصر فإن الثورة لم تكتمل، والمفاجأة التي حلت بالجميع جعلت كثيرين يرتكبون اخطاءً. إن غياب قيادة موحدة للثورة وبرنامج محدد أدخل البلاد في حالة مرتبكة فصار بعض الناس ينادون بثورة ثانية لاستكمال ما فات الأولى، الثورة الثانية إذا حدثت لن تكون كالأولى بل سوف تكون أكثر دموية.
الخيار الأسلم هو تثبيت ما تحقق من إنجازات يجسدها دستور جديد، دستور مدني ديمقراطي تكون المواطنة فيه هي أساس الحقوق والواجبات للبلاد ووضع خريطة طريق لبناء الوطن على أن يترك للعملية الانتخابية الحرة حسم ولاية الأمر المقيدة بالمؤسسات وبضوابط الدستور، هذا النهج العقلاني يتطلب تعاون قوى البلاد السياسية، والعسكرية، والمدنية، والنقابية، والدينية لتحقيق هندسة مجتمعة لبناء الوطن. هندسة كان للبابا الراحل مكانا في تحقيقها ويرجى الآن أن يساهم فيها خليفته على كرسي البابوية.
نعم هنالك تنافس بين شخصين ولكنهما صارا واجهتين لقوى اجتماعية مختلفة لا يتحقق السلام الاجتماعي في البلاد إلا بمشاركتها في تقرير المصير الوطني.
المد الديني ظاهرة عالمية في كل الأديان لا سيما في مصر ولا بد من إيجاد معادلة توفيقية بين التطلعات الدينية والدولة المدنية.
ألا رحم الله البابا الراحل ووفق خليفته القادم وأحسن عزاء الكنيسة القبطية في السودان وفي كل مكان أساقف وجماهير وحفظ الله مصر وألهم أهلها الصراط المستقيم (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) .
والسلام عليكم.
السفير المصري عبد الغفار الديب
وتحدث السفير المصري عبد الغفار الديب شاكرا الكنيسة القبطية على تنظيم تأبين البابا شنودة الذي يعد رمزا مصريا يجتمع عليه الشعب المصري وقال إنه لا يحب الحديث عن شعب قبطي فليس هناك شعب قبطي أو مسلم بل هناك الشعب المصري الذي ينضم له الجميع وقد كان البابا شنودة من أوائل الداعين لهذا الخط، وهو الذي قال ليست مصر بلد نعيش فيها بل إنها بلد تعيش فينا، وتحدث عن المناسبات التي جمعته بالبابا شنودة داخل مصر وخارجها وذكر زيارة البابا لأمريكا حيث كان ضمن اللجنة المنظمة لزيارته، وذكر وطنيته ومروءته وتحدث عن الكنيسة القبطية في السودان والرباط الذي تقوم به بين الشعبين المصري والسوداني، وشكر كافة الحضور من زعماء الأحزاب السودانية على مشاركتهم في تأبين البابا شنودة الرمز المصري، وإشارة لحديث السيد الصادق المهدي قبله حول الإشفاق على مآل مصر أكد أن شعب مصر قادر على اجتياز كافة التحديات والسير نحو الاستقرار مطمئنا كافة المشفقين على مصر. كما تحدث عن مواقف البابا الوطنية المشهودة وتمسكه بوحدة وطنه وتعايش أبناءه.
السيد صلاح سر الختم مندوب الميرغني
وتحدث الأستاذ صلاح سر الختم مندوبا عن السيد محمد عثمان الميرغني ووصف حكمة البابا شنودة وقال إنه عبرها درأ كثيرا من الفتن، وقال إنهم في الحزب الاتحادي الديمقراطي أطلقوا مبادرة قبل استفتاء الجنوب تعتمد على تدخله هو والإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف لزيارة الجنوب والتبشير بالوحدة، ولدرء دواعي التطرف في المسجد والكنيسة. وقال إنهم في الحزب الاتحادي الديمقراطي لا يزالون يحلمون بتوحد الشعبين المصري والسوداني. وقال إننا بموت البابا شنودة نفتقد رمزا عروبيا، وتحدث عن تبنيه نضال شعبنا في فلسطين وقد حمل هذه الراية ونحن نعده شهيدا من شهداء النضال والتحرير لمسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسقط رأس المسيح. وقد كان ناصرا ومرشدا ومعينا من خلال توجيهه لأبنائه في السودان ليعملوا من أجل وحدة الصف ونشهد الله أننا لم نشهد منه إلا خيرا، ويعد فقدانه فقدا للقوى الناشدة للوحدة والنابذة للفرقة والتطرف.
كلمة الأستاذ فاروق أبو عيسى
وتحدث رئيس هيئة قيادة قوى الإجماع الوطني الأستاذ فاروق أبو عيسى قائلا:
كان هذا الرجل عملاقا وكان فنانا وكان وطنيا من الدرجة الأولى، وكان قوميا عميق الحب لأهله صارما في العداء لمن يعادي العروبة، وكان إنسانا عظيما يتدفق محبة للجميع، وقد عرفته عن قرب وكان لي شرف أن أكون احد أصفيائه فكان يدعوني للجلوس معه وللحديث في كل شيء تقريبا. وكان يحفظ الشعر العربي ويقرضه، ويتحدث في الموسيقى وفي كل شيء حديث العالم المتعمق.
في كل لقاءاتنا كان اهتمامه الأول متابعة ما عليه أهل السودان، خصوصا في العقدين الأخيرين وكان يتألم لألمنا ويقاسي ما يقاسيه أهلوه، وكان حريصا على التواصل مع كل القيادات السودانية عندما تزور مصر.
وكان هذا الرجل حصنا منيعا للوحدة والوطنية وسدا للمتربصين من المتطرفين في هذا الصف أو ذاك، وكان حريصا على الحفاظ على الأمة من التآمر الذي عانت منه.
وكان ديمقراطيا يحترم قيم التعدد والرأي والرأي الآخر، وكان ملتزما بقيم الديمقراطية وسيادة حكم القانون، وكان شفيف القلب، وكان رمزا لعزة مصر ولعمق وأصالة حضارة مصر.
عندما انتقل للرفيق الأعلى لم يفقتده شعب مصر فقط بل نحن أهل السودان بالمثل، بل كل الخيرين والطيبين في المعمورة افتقدوه.
وأقول إن شعب مصر ذو حضارة عريقة ومهما عانى من ظروف فإنه في النهاية لا يفقد البوصلة التي تسوقه للأمام.
وقدم تعازيه للكنيسة القبطية ورعاياها في السودان ومصر وفي العالم أجمع.
كلمة محمد مختار الخطيب سكرتير الحزب الشيوعي
وتحدث سكرتير الحزب الشيوعي الجديد محمد مختار الخطيب وقال: يسرني ويشرفني أن يكون أول خطاب عام لي بعد اختياري في النادي القبطي، وقال إن البابا شنودة خدم الأكليروس بتفان واهتم بخدمة قضايا المرأة الشباب. وإن حزبنا يثمن مواقفه الوطنية ورفضه لاتفاقية كامب ديفيد ورفضه السفر مع السادات إلى إسرائيل عام 1977م، وإعلانه على الملأ في عهد السادات دون وجل اضطهاد الأقباط في وطنهم وجراء ذلك تحمل ما تحمل من ظلم نظام السادات بسبب مواقفه حتى وصل حد تحديد إقامته في وادي النطرون.
إن الشيوعيين في السودان قد تابعوا بإعجاب مواقفه الصلدة.
وتحدث عن الكنيسة القبطية والتعايش بين المسلمين والمسيحيين في السودان وفي الإسلام وذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج ماريا القبطية وأنجب منها ابنه إبراهيم وأن مسيحيي القدس طلبوا من الخليفة عمر بن الخطاب أن يصلي في كنيسة القدس ولكنه رفض وصلى خارج الكنيسة خوفا من فتنة تأتي في مقبل الأيام، وقال إن مسيحيي الشرق وقفوا مع المسلمين ضد مسيحيي الغرب في هجماتهم الصليبية.
وتحدث عن المسيحية في السودان وقال إنه وجدت ممالك مسيحية عاشت قرونا في السودان، وإن مسيحيي السودان صوروا المسيح وأمه مريم ببشرة سمراء، ولم تعترض الكنيسة على ذلك فالدين ليس في اللون ولا الصورة وإنما في الكرامة الإنسانية.
وقال إن المسلمين والعرب دخلوا السودان وانتشر الإسلام فيه سلميا، وإنه لا زالت بعض الأعراف المستمدة من المسيحية يتعامل بها مسلمو السودان دون حرج.
وتحدث عن دور الأقباط في الحركة الوطنية وأنهم انطلقوا من أن وادي النيل كله أرض لأهل النيل، وأنهم أسهموا في الحركة الوطنية وفي تحقيق استقلال السودان ولهم وجود في كل الأحزاب السودانية، وذكر بعضهم في الحزب الشيوعي السوداني كالدكتور موريس سدرة وسمير جرجس مشيدا ببلائهم داخل الحزب.
وقال إن الحزب يعتز بعلاقاته المميزة مع الطائفة القبطية، ثم تساءل: من أين أتى هؤلاء المتطرفون دينيا وعرقيا الذين عملوا على إشعال الفتن في السودان؟ وأجاب بأنه أكيد أنهم نتاج فكر مستورد لا يشبه أهلنا في السودان وليس من تراب هذا الوطن، شارحا بأنهم يرفضون الآخر حتى المثل مما ينم عن عقلية مريضة فهم يحرفون الكلم ويحرقون القباب ويقتلون المصلين المتعبدين في المساجد ويحملون السيخ في الجامعات، وقال إن هذا الأمر يتطلب شن حرب فكرية ونشر الاستنارة في المجتمع.
وقال: نحن نعلن رفضنا اتجاه النظام فرض دستور إسلامي أحادي وإقامة دولة دينية وإقصاء الآخرين وتقسيمهم إلى مواطنين ورعايا، ونسعى لدولة مدنية تكون الحقوق والواجبات فيها على أساس المواطنة ودستور يتواضع عليه أهل السودان جميعا.
يرفض الحزب كذلك زرع الفتن.
وقال في النهاية: المجد لله في الأعالي، وبالناس المسرة، وعلى الأرض السلام، مرسلا تعازيه للكنيسة القبطية ورعاياها في مصر والسودان.
(غدا ننشر الجزء الثاني من حفل التأبين) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.