«تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    المريخ يكسب تجربة البوليس بثلاثية و يتعاقد مع الملغاشي نيكولاس    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    ((سانت لوبوبو وذكريات التمهيدي يامريخاب))    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهدي وأبو عيسى والخطيب ومندوب الميرغني والسفير المصري في تأبين البابا شنودة بالخرطوم
نشر في حريات يوم 10 - 06 - 2012

أقامت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالسودان تأبينا لقداسة البابا شنودة الثالث بابا الكنيسة القبطية والذي توفي مارس الماضي، واحتوى التأبين على كلمات من رموز البلاد وممثل الكنيسة القبطية والسفير المصري تلاه معرض لكتب البابا الراحل ثم أناشيد من تأليف البابا وأداء كورال الكنيسة القبطية بمشاركة الفنانة آمال النور، وتخللته ملحمة تروي قصة حياته منذ مولد الطفل نظير جيد عام 1923م بمنطقة أسيوط بصعيد مصر والذي صار بعد رهبنته انطونيوس السرياني ثم البابا شنودة الثالث.
وقد حضر التأبين قادة المجتمع السوداني من أحزاب سياسية ومجتمع مدني وأصدقاء الطائفة القبطية بالسودان.
(حريات) حضرت الحفل وتنقل الجزء الأول منه اليوم على أن تنشر الجزء الثاني غدا.
كلمة الإمام الصادق المهدي
وكانت أولى الكلمات للإمام الصادق المهدي إمام الأنصار وزعيم حزب الأمة القومي الذي قال:
الحمد لله والصلاة والسلام على إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد خاتم انبياء الدوحة الإبراهيمية، أما بعد-
أخواني وأخواتي، ابنائي وبناتي
مع حفظ الالقاب والمقامات لكم جميعا، السلام عليكم، أما بعد-
رحم الله البابا شنودة الثالث وأحسن عزاء الكنيسة القبطية الارثوذكسية في مصر والسودان وأثيوبيا وإريتريا وفي كل مكان، أحسن عزاء اساقفتها وكافة رعاياهم.
كان البابا الراحل رجلاً عابداً على سنة و(مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) . وكان مصلحاً اجتماعياً على سنة (وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) . كان ينتمي لحركة الإصلاح الديني المسيحي التي أسسها أمثال نجيب جرجس مثيل الشيخ محمد عبده في الإطار الإسلامي، وكان وطنياً يدافع بحرارة عن مصالح مصر، وكان مخلصاً للقومية العربية رفض بشجاعة اتفاقية كامب ديفيد ورفض مرافقة الرئيس المصري السادات في رحلة القدس عام 1977م بل منع الحج المسيحي للقدس الأسيرة، وكان يوفق توفيقاً لطيفاً بين هويته المسيحية وبيئته الإسلامية تواصلاً في المناسبات الدينية وقد سمعته مراراً يخطب في احتفالات البلاد بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
إن كل انجاز تاريخي يكمن في جدلية تأليف المتناقضات، فاستحق اعجاباً عريضاً في كل تلك المجالات التي أثراها بعطائه.
ولكن تحفظ على عطائه قوم:
علمانيون مسيحيون يرون على نهج د. مراد وهبة ألا دور للدين في الحياة العامة، وهو تصور غير واقعي لم يستطع تحقيقه حتى أولئك الذين نصوا على إبعاد الدين في دساتيرهم العلمانية. أعدم لويس السادس عشر في فرنسا لأنه رفض إجازة القوانين التي سنها الثوار ضد الكنيسة وبعد فترة من العنف الثوري الذي أطلقه اليعاقبة آلت الأمور لنابليون الذي سارع بعقد صفقة تفاهم (الكونكوردات) مع بابا الفاتيكان. واليوم في أمريكا قيل عن رجل الدين جيري فالول من فرط خوضه في السياسة إنه قد ضم الرب نفسه إلى يمين الحزب الجمهوري. ولا يخفى على أحد الخلطة الدينية السياسية التي تمثلها الحركة الصهيونية ومقولة إن اللوبي الإسرائيلي في أمريكا هو أقوى حزب سياسي فيها.
الحقيقة أن عبارة علمانية محملة بخصوصيات أوربية ومثاقيل فلسفية ينبغي استبعادها من معجم الفكر في ثقافتنا وإحلال الديمقراطية والعقلانية والتعددية محلها.
وخالفه أقباط مهجريون جعلهم استلاب الغربة يتخلون عن ضوابط الوطنية المصرية.
وجافاه مسلمون من الغلاة محترفي التكفير الذين يرون معاداة أهل الكتاب واجباً دينياً ويجاهرون بعداوتهم فلا يجوز إلقاء السلام عليهم، ولا تهنئتهم على أعيادهم، ولا حق لهم في القصاص يجردونهم من مقولة الإسلام: (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) ، هؤلاء خرجوا عن تدبر النهج القرآني الآمر بالبر والعدل مع غير المسلمين المأمور به قرآنياً: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) . بل القرآن يؤكد التوادد بين المسلمين والمسيحيين تحديداً مقارنة ببقية أهل الملل ويمتدحهم، قال تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) .
النهج الإسلامي الصحيح يقوم على تزاوج بين الواجب الذي يعلم اجتهاداً لا تقليداً، والواقع الذي يعلم إحاطة لا انتقاءاً. وإذا سادت فترات عداء بين أهل الملل فتلك أمة قد خلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت.
ولكن اليوم هنالك أسباب كثيرة أهمها ضرورة التضامن بين الإيمانيين ضد الملاحدة والدهريين، وهنالك ضرورة للاعتراف بالتنوع الديني لأنه (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) . كما إن التعايش بين الأديان من استحقاقات الوحدة الوطنية، وفي القرآن ما يحث على ذلك: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) ، وكذلك قال النبي محمد (ص): “إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ أُخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ، دِينُهُمْ وَاحِدٌ وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، أَوْلَاهُمْ بِي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ رَسُولٌ”.
كان البابا الراحل مثقفاً وشاعراً وأديباً وكاتباً ومفكراً في وقت يعاب فيه على كثير من رجال الدين تبلداً ثقافياً وجفوة للآداب والفنون، مع أن الجمال من أغراض الكون كالكمال: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ) :
الدين إيمان وفيض سماحة فأسعد واسعد لا تكن منحوسا
تجمعنا بأمة المسيح عليه السلام روابط لا ينكرها إلا خفاش ينكر ظهور ضوء النهار هي:
أولا: نحن وهم أمة توحيد.
ثانيا: نحن وهم نقدس قيما أخلاقية مشتركة هي: الصدق، والأمانة، والوفاء، والعفة، وإنكار الذات، والحكمة، والتضحية، والمروءة، والشجاعة، والكرم. مكارم الأخلاق فطرية في النفس الإنسانية إنما تكملها وتحث عليها وترتب عليها جزاءاً أخروياً فالخلق كلهم يستجيبون لمقولة الحكيم:
إِنّي لَتُطرِبُني الخِصالُ كَريمَةً
طَرَبَ الغَريبِ بِأَوبَةٍ وَتَلاقٍ
وَيَهُزُّني ذِكرى المُروءَةِ وَالنَدى
بَينَ الشَمائِلِ هِزَّةَ المُشتاقِ
ثالثا: هم ونحن جزء من المنظومة الإبراهيمية فعهد الله مع إبراهيم عليه السلام شمل ابنيه إسماعيل واسحق. جاء في ما قاله الرب لإبراهيم عليه السلام في سفر التكوين 17/20: (أما إسماعيل فقد سمعت قولك فيه وها أنذا أباركه وأنميه وأكثره ويلد اثناعشر رئيساً واجعله أمة عظيمة). إن ديننا يؤكد أصله الإبراهيمي: (مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ) ونحن في صلاتنا في تحياتنا نصلي على إبراهيم وآل إبراهيم عدة مرات في اليوم.
رابعا: وللعلاقة بالاقباط بالإضافة لتلك الروابط المشتركة مع المسيحية عامة جانب خاص فهم يمثلون غرساً أصيلاً في المكونات الثقافية والروحية لسكان مصر والسودان وأثيوبيا وإرتيريا، هؤلاء يمثلون جزءاً كبيراً من سكان حوض النيل. إن العلاقات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية بين سكان حوض النيل جزء لا يتجزأ من تكوين إرادة مشتركة في حوض النيل لتكوين رؤية مشتركة لصالح دول الحوض وتكامل المصالح بينها.
إن الذين ينكرون هذه العلائق ويسعون للتفرقة بين المسلمين والمسيحيين في بلادنا هم دعاة فتنة وزراع لها يضرون بالوطن.
البابا شنودة من حكماء مصر وقادة الرأي داخل البلاد وخارجها. ومصر اليوم تمر بمرحلة حرجة هي في أشد الحاجة لحكمة حكمائها.
كانت الثورة المصرية حدثا تاريخياً فريداً أدهش العالم وشد إليها إعجابه. ومع أن الثورة أطاحت بنظام فساد واستبداد وحققت للشعب الكرامة والحرية وانتشر أثرها خارج حدود مصر فإن الثورة لم تكتمل، والمفاجأة التي حلت بالجميع جعلت كثيرين يرتكبون اخطاءً. إن غياب قيادة موحدة للثورة وبرنامج محدد أدخل البلاد في حالة مرتبكة فصار بعض الناس ينادون بثورة ثانية لاستكمال ما فات الأولى، الثورة الثانية إذا حدثت لن تكون كالأولى بل سوف تكون أكثر دموية.
الخيار الأسلم هو تثبيت ما تحقق من إنجازات يجسدها دستور جديد، دستور مدني ديمقراطي تكون المواطنة فيه هي أساس الحقوق والواجبات للبلاد ووضع خريطة طريق لبناء الوطن على أن يترك للعملية الانتخابية الحرة حسم ولاية الأمر المقيدة بالمؤسسات وبضوابط الدستور، هذا النهج العقلاني يتطلب تعاون قوى البلاد السياسية، والعسكرية، والمدنية، والنقابية، والدينية لتحقيق هندسة مجتمعة لبناء الوطن. هندسة كان للبابا الراحل مكانا في تحقيقها ويرجى الآن أن يساهم فيها خليفته على كرسي البابوية.
نعم هنالك تنافس بين شخصين ولكنهما صارا واجهتين لقوى اجتماعية مختلفة لا يتحقق السلام الاجتماعي في البلاد إلا بمشاركتها في تقرير المصير الوطني.
المد الديني ظاهرة عالمية في كل الأديان لا سيما في مصر ولا بد من إيجاد معادلة توفيقية بين التطلعات الدينية والدولة المدنية.
ألا رحم الله البابا الراحل ووفق خليفته القادم وأحسن عزاء الكنيسة القبطية في السودان وفي كل مكان أساقف وجماهير وحفظ الله مصر وألهم أهلها الصراط المستقيم (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) .
والسلام عليكم.
السفير المصري عبد الغفار الديب
وتحدث السفير المصري عبد الغفار الديب شاكرا الكنيسة القبطية على تنظيم تأبين البابا شنودة الذي يعد رمزا مصريا يجتمع عليه الشعب المصري وقال إنه لا يحب الحديث عن شعب قبطي فليس هناك شعب قبطي أو مسلم بل هناك الشعب المصري الذي ينضم له الجميع وقد كان البابا شنودة من أوائل الداعين لهذا الخط، وهو الذي قال ليست مصر بلد نعيش فيها بل إنها بلد تعيش فينا، وتحدث عن المناسبات التي جمعته بالبابا شنودة داخل مصر وخارجها وذكر زيارة البابا لأمريكا حيث كان ضمن اللجنة المنظمة لزيارته، وذكر وطنيته ومروءته وتحدث عن الكنيسة القبطية في السودان والرباط الذي تقوم به بين الشعبين المصري والسوداني، وشكر كافة الحضور من زعماء الأحزاب السودانية على مشاركتهم في تأبين البابا شنودة الرمز المصري، وإشارة لحديث السيد الصادق المهدي قبله حول الإشفاق على مآل مصر أكد أن شعب مصر قادر على اجتياز كافة التحديات والسير نحو الاستقرار مطمئنا كافة المشفقين على مصر. كما تحدث عن مواقف البابا الوطنية المشهودة وتمسكه بوحدة وطنه وتعايش أبناءه.
السيد صلاح سر الختم مندوب الميرغني
وتحدث الأستاذ صلاح سر الختم مندوبا عن السيد محمد عثمان الميرغني ووصف حكمة البابا شنودة وقال إنه عبرها درأ كثيرا من الفتن، وقال إنهم في الحزب الاتحادي الديمقراطي أطلقوا مبادرة قبل استفتاء الجنوب تعتمد على تدخله هو والإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف لزيارة الجنوب والتبشير بالوحدة، ولدرء دواعي التطرف في المسجد والكنيسة. وقال إنهم في الحزب الاتحادي الديمقراطي لا يزالون يحلمون بتوحد الشعبين المصري والسوداني. وقال إننا بموت البابا شنودة نفتقد رمزا عروبيا، وتحدث عن تبنيه نضال شعبنا في فلسطين وقد حمل هذه الراية ونحن نعده شهيدا من شهداء النضال والتحرير لمسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسقط رأس المسيح. وقد كان ناصرا ومرشدا ومعينا من خلال توجيهه لأبنائه في السودان ليعملوا من أجل وحدة الصف ونشهد الله أننا لم نشهد منه إلا خيرا، ويعد فقدانه فقدا للقوى الناشدة للوحدة والنابذة للفرقة والتطرف.
كلمة الأستاذ فاروق أبو عيسى
وتحدث رئيس هيئة قيادة قوى الإجماع الوطني الأستاذ فاروق أبو عيسى قائلا:
كان هذا الرجل عملاقا وكان فنانا وكان وطنيا من الدرجة الأولى، وكان قوميا عميق الحب لأهله صارما في العداء لمن يعادي العروبة، وكان إنسانا عظيما يتدفق محبة للجميع، وقد عرفته عن قرب وكان لي شرف أن أكون احد أصفيائه فكان يدعوني للجلوس معه وللحديث في كل شيء تقريبا. وكان يحفظ الشعر العربي ويقرضه، ويتحدث في الموسيقى وفي كل شيء حديث العالم المتعمق.
في كل لقاءاتنا كان اهتمامه الأول متابعة ما عليه أهل السودان، خصوصا في العقدين الأخيرين وكان يتألم لألمنا ويقاسي ما يقاسيه أهلوه، وكان حريصا على التواصل مع كل القيادات السودانية عندما تزور مصر.
وكان هذا الرجل حصنا منيعا للوحدة والوطنية وسدا للمتربصين من المتطرفين في هذا الصف أو ذاك، وكان حريصا على الحفاظ على الأمة من التآمر الذي عانت منه.
وكان ديمقراطيا يحترم قيم التعدد والرأي والرأي الآخر، وكان ملتزما بقيم الديمقراطية وسيادة حكم القانون، وكان شفيف القلب، وكان رمزا لعزة مصر ولعمق وأصالة حضارة مصر.
عندما انتقل للرفيق الأعلى لم يفقتده شعب مصر فقط بل نحن أهل السودان بالمثل، بل كل الخيرين والطيبين في المعمورة افتقدوه.
وأقول إن شعب مصر ذو حضارة عريقة ومهما عانى من ظروف فإنه في النهاية لا يفقد البوصلة التي تسوقه للأمام.
وقدم تعازيه للكنيسة القبطية ورعاياها في السودان ومصر وفي العالم أجمع.
كلمة محمد مختار الخطيب سكرتير الحزب الشيوعي
وتحدث سكرتير الحزب الشيوعي الجديد محمد مختار الخطيب وقال: يسرني ويشرفني أن يكون أول خطاب عام لي بعد اختياري في النادي القبطي، وقال إن البابا شنودة خدم الأكليروس بتفان واهتم بخدمة قضايا المرأة الشباب. وإن حزبنا يثمن مواقفه الوطنية ورفضه لاتفاقية كامب ديفيد ورفضه السفر مع السادات إلى إسرائيل عام 1977م، وإعلانه على الملأ في عهد السادات دون وجل اضطهاد الأقباط في وطنهم وجراء ذلك تحمل ما تحمل من ظلم نظام السادات بسبب مواقفه حتى وصل حد تحديد إقامته في وادي النطرون.
إن الشيوعيين في السودان قد تابعوا بإعجاب مواقفه الصلدة.
وتحدث عن الكنيسة القبطية والتعايش بين المسلمين والمسيحيين في السودان وفي الإسلام وذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج ماريا القبطية وأنجب منها ابنه إبراهيم وأن مسيحيي القدس طلبوا من الخليفة عمر بن الخطاب أن يصلي في كنيسة القدس ولكنه رفض وصلى خارج الكنيسة خوفا من فتنة تأتي في مقبل الأيام، وقال إن مسيحيي الشرق وقفوا مع المسلمين ضد مسيحيي الغرب في هجماتهم الصليبية.
وتحدث عن المسيحية في السودان وقال إنه وجدت ممالك مسيحية عاشت قرونا في السودان، وإن مسيحيي السودان صوروا المسيح وأمه مريم ببشرة سمراء، ولم تعترض الكنيسة على ذلك فالدين ليس في اللون ولا الصورة وإنما في الكرامة الإنسانية.
وقال إن المسلمين والعرب دخلوا السودان وانتشر الإسلام فيه سلميا، وإنه لا زالت بعض الأعراف المستمدة من المسيحية يتعامل بها مسلمو السودان دون حرج.
وتحدث عن دور الأقباط في الحركة الوطنية وأنهم انطلقوا من أن وادي النيل كله أرض لأهل النيل، وأنهم أسهموا في الحركة الوطنية وفي تحقيق استقلال السودان ولهم وجود في كل الأحزاب السودانية، وذكر بعضهم في الحزب الشيوعي السوداني كالدكتور موريس سدرة وسمير جرجس مشيدا ببلائهم داخل الحزب.
وقال إن الحزب يعتز بعلاقاته المميزة مع الطائفة القبطية، ثم تساءل: من أين أتى هؤلاء المتطرفون دينيا وعرقيا الذين عملوا على إشعال الفتن في السودان؟ وأجاب بأنه أكيد أنهم نتاج فكر مستورد لا يشبه أهلنا في السودان وليس من تراب هذا الوطن، شارحا بأنهم يرفضون الآخر حتى المثل مما ينم عن عقلية مريضة فهم يحرفون الكلم ويحرقون القباب ويقتلون المصلين المتعبدين في المساجد ويحملون السيخ في الجامعات، وقال إن هذا الأمر يتطلب شن حرب فكرية ونشر الاستنارة في المجتمع.
وقال: نحن نعلن رفضنا اتجاه النظام فرض دستور إسلامي أحادي وإقامة دولة دينية وإقصاء الآخرين وتقسيمهم إلى مواطنين ورعايا، ونسعى لدولة مدنية تكون الحقوق والواجبات فيها على أساس المواطنة ودستور يتواضع عليه أهل السودان جميعا.
يرفض الحزب كذلك زرع الفتن.
وقال في النهاية: المجد لله في الأعالي، وبالناس المسرة، وعلى الأرض السلام، مرسلا تعازيه للكنيسة القبطية ورعاياها في مصر والسودان.
(غدا ننشر الجزء الثاني من حفل التأبين) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.