تقرير اخبارى: السودان بصدد اقرار حزمة إجراءات وإصلاحات للاقتصاد وخبراء يحذرون 2012:06:13.08:23 حجم الخط: اطبع يتجه السودان لاقرار حزمة إجراءات وإصلاحات للاقتصاد الوطنى من بينها رفع الدعم عن المحروقات لمعالجة فجوة الإيرادات التي تعانيها الموازنة العامة، ولكن محللين وخبراء اقتصاديين يحذرون من خطورة الخطوة المرتقبة وأثره الكارثي على محدودي الدخل والشرائح الضعيفة. وكان المكتب القيادي لحزب "المؤتمر الوطني" الحاكم في السودان، قد كشف رسميا نهاية الشهر الماضي عن مقترح لرفع الدعم عن المحروقات ضمن حزمة الإجراءات الاقتصادية لمعالجة فجوة الإيرادات التي تعانيها الموازنة العامة. وتقول الحكومة السودانية انها، وبعد انفصال الجنوب، تشترى نصيب الشركات من البترول بالسعر العالمي وهو أكثر من 100 دولار للبرميل وتبيعه للمواطن بحوالي 48 جنيها سودانيا أي أن الدعم الحكومي يبلغ أكثر من 50 بالمائة. وتؤكد الخرطوم ان الدعم الحكومى لا يذهب لصالح الشرائح الضعيفة ، وانما تستفيد منه شريحة الأغنياء والمؤسسات العامة والخاصة والمنظمات الاجنبية ، كما ان البترول المدعوم يهرب الى دول الجوار السودانى. ولكن محللين وخبراء اقتصاديين يرون ان اتجاه الحكومة لرفع الدعم عن المحروقات يضع اقتصاد البلاد في حافة الهاوية، ويؤكدون ان الخطوة فى حال تنفيذها ستؤدى إلى نتائج كارثية ، وستزيد من معاناة اصحاب الدخل المحدود. وقال المحلل الاقتصادى محمد عباس عبد الرحيم فى تصريح وكالة انباء ((شينخوا)) "توقيت هذا الاجراء غير مناسب اطلاقا، فهو يأتى فى وقت ارتفعت فيه معدلات التضخم الى نسبة تتجاوز 30 بالمائة نتيجة لقرار خفض سعر العملة الوطنية". ويضيف "كما ان هذا الاجراء ليس بديلا مناسبا فى ظل حكومة مترهلة لا تملك موارد حقيقية، وفى ذات الوقت فان الحكومة هى اكبر مستهلك للمحروقات". ويرى عبد الرحيم ان هناك جملة بدائل كان بامكان الحكومة السودانية الاعتماد عليها بدلا عن رفع الدعم عن المحروقات، وقال "هناك جملة بدائل يمكن ان تفي بسد عجز الموازنة، من بينها تخفيض مخصصات الدستوريين وإيقاف كل مشروعات التنمية، وإيقاف التجنيب الذي تقوم به وزارات كبيرة". وتابع "كان بامكان الحكومة تخفيض الصرف والإنفاق على الجهاز التشريعي والتنفيذي ، فضلاً عن تقليل الصرف على الإدارات والهيئات الحكومية، ووقف تجنيب الإيرادات، وتوسيع المظلة الضريبية أفقيا ، ومراجعة بعض الإعفاءات الجمركية". ومن جانبه، أكد الدكتور صالح محمد زين الخبير الاقتصادى ان رفع الدعم عن المحروقات سيؤثر سلبا على الصناعة الوطنية بسبب الارتفاع المتوقع لاسعار الكهرباء وازدياد تكاليف النقل ومدخلات الانتاج الاخرى. وقال فى تصريح لوكالة انباء ((شينخوا))" سيشكل هذا الاجراء ضربة قوية للصناعة الوطنية بالبلاد بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء ومدخلات الإنتاج وتعثر قطاع النقل وأنه سيؤثر على كل النواحي الاقتصادية بالبلاد خاصة فيما يتعلق بالأسعار". واضاف "من المؤكد ان هذه الخطوة ستؤثر بصورة سلبية على الظروف الاقتصادية الحالية، ستتاثر قطاعات كثيرة من أهمها القطاعات الإنتاجية ،الترحيل ، وسيكون له أثر سلبي على قدرة المنتجات السودانية على التنافس الخارجي". ويعانى الاقتصاد السودانى من صعوبات جراء انفصال جنوب السودان وفقدان ثلاثة ارباع ثروته النفطية. وقد بلغ عجز الميزانية بعد الانفصال 4.2 مليار جنيه، الأمر الذي جعل صندوق النقد الدولي يحث السودان لاتخاذ إجراءات طوارئ لمواجهة التحديات. وقفز معدل التضخم السنوي في السودان ليصل إلى مستوى 30.4 بالمائة في مايو الماضي من 28.6 بالمائة في أبريل الماضي. وفي محاولة للحد من تفاقم التضخم وتراجع قيمة الجنيه السوداني، سمح البنك المركزي السودانى للبنوك بتداول الجنيه السودانى بسعر صرف يقترب من الأسعار السائدة في السوق السوداء. وفي نهاية الشهر الماضي كان صندوق النقد قد دعا الخرطوم لاتخاذ إجراءات طوارئ لمواجهة تحديات اقتصادية وصفها بالكبيرة، وذلك لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في البلاد. وأوضح الصندوق أن النتائج الأولية لبعثة أرسلها في الآونة الأخيرة إلى السودان تشير إلى أن الوضع الاقتصادي في السودان خلال العام الجاري لم يتحسن عما كان عليه في العام الماضي. وأوصى الصندوق بتبني إستراتيجية إصلاح من شقين، هما اتخاذ إجراءات طوارئ في الأجل القصير لاستعادة السيطرة على الاقتصاد وتحقيق استقراره. وطالب الصندوق الخرطوم بوضع برنامج إصلاح هيكلي لإعادة تقويم الاقتصاد، تمشيا مع الإمكانات الاقتصادية والمالية للبلاد.