تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    بالفيزياء والرياضيات والقياسات العقلية، الجيش السوداني أسطورة عسكرية    دبابيس ودالشريف    أسامة عبد الماجد: مُفضِّل في روسيا.. (10) ملاحظات    مناوي ل "المحقق": الفاشر ستكون مقبرة للدعم السريع وشرعنا في الجهود العسكرية لإزالة الحصار عنها    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    مجلس الأمن يعبر عن قلقله إزاء هجوم وشيك في شمال دارفور    أهلي القرون مالوش حل    السودان..البرهان يصدر قراراً    محمد صلاح تشاجر مع كلوب .. ليفربول يتعادل مع وست هام    السودان يطلب عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي لمناقشة العدوان الإماراتي    أزمة لبنان.. و«فائض» ميزان المدفوعات    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا "أدروب" يوجه رسالة للسودانيين "الجنقو" الذين دخلوا مصر عن طريق التهريب (يا جماعة ما تعملوا العمائل البطالة دي وان شاء الله ترجعوا السودان)    شاهد بالفيديو.. قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل يكشف تفاصيل مقتل شقيقه على يد صديقه المقرب ويؤكد: (نعلن عفونا عن القاتل لوجه الله تعالى)    محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    استهداف مطار مروي والفرقة19 توضح    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبراء: الاقتصاد السوداني يعيش صدمة مزدوجة
نشر في سودانيات يوم 15 - 06 - 2012

المصدر: الخرطوم - كمال عبد الرحمن
البيان الاماراتية
أجمع خبراء في تصريحات ل (البيان) أن الاقتصاد السوداني يعيش صدمة مزدوجة، تتمثل في التدهور الداخلي نتيجة التوجيه الخاطئ للموارد والفساد المستشري على المستويات كافة، إضافة إلى القيود التي تفرضها قنوات التمويل الدولية على الحكومة.
وأشاروا إلى أن سمات الضعف في الاقتصاد السوداني تظهر من خلال ارتفاع معدلات التضخم ومستويات البطالة وتراجع قيمة الجنيه إضافة إلى انحسار حجم الاستثمارات الأجنبية. وأضافوا أن الوضع تأزم اكثر بعد انفصال الجنوب وذهاب جزء كبير من عائدات النفط التي كانت تشكل أكثر من ثلثي إيرادات الدولة خلال السنوات الأخيرة.
ورأوا أن المقاطعة الاقتصادية التي يعيشها السودان نتيجة للسياسات الخارجية الخاطئة لعبت دوراً كبيراً في تشكيل الواقع الحالي للاقتصاد. وأوضحوا أن تلك العوامل أثرت على مؤشرات الاقتصاد الكلي، حيث ارتفعت معدلات التضخم إلى نسب غير مسبوقة، وتدهور سعر الصرف بشكل كبير للغاية. وتمثل الخطأ الاكبر في نظرهم في التوجيه غير الصحيح للعائدات التي حصلت عليها الحكومة خلال السنوات التي سبقت انفصال الجنوب والتي وصلت إلى نحو 30 مليار دولار. وأكدوا أن برنامج الإنقاذ الثلاثي الذي تضمنته ميزانية 2012 ولد ميتاً بسبب الترهل الحكومي وعدم إيلاء الأهمية اللازمة للقطاعات الإنتاجية.
ميزانية تقشفية
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة الخرطوم، الدكتور محمد الجاك، إنه وفي ظل هذه الظروف أعلنت الحكومة خلال تقديمها لميزانية 2012 عن برنامج إسعاف ثلاثي يقوم على خفض النفقات الحكومية بنسبة 25% وتركيز الاهتمام نحو الزراعة إضافة إلى زيادة العائدات الضريبية .
ورفع الدعم الحكومي عن بعض السلع الأساسية. لكن وبعد مضي فترة قصيرة على إعلان البرنامج اتضح فشله بشكل جلي فبند الإنفاق السيادي المتمثل في الأمن والدفاع والجهاز التنفيذي ومخصصات الدستوريين يشكل 80% من ميزانية الدولة ولم تظهر الحكومة أية بوادر لتقليصه بل أمعنت في تعزيز الصرف عليه تحت ستار مبررات تتعلق بالأمن القومي والوفاء باستحقاقات اتفاقيات السلام. أما بالنسبة لمسألة رفع الدعم فهي أيضاً ستكون سلبية على الاقتصاد فرفع الدعم يعني ارتفاع أسعار السلع الأساسية وزيادة معدلات التضخم وبالتالي تراجع القوة الشرائية لدى المواطن العادي.
آثار اجتماعية
وأضاف الجاك: لا شك أن لرفع الدعم آثاره الاقتصادية والاجتماعية وستتولد عنه تكلفة عالية للغاية فهو سيوسع دائرة الفقر المتسعة أصلاً مما يزيد من معدلات السخط العام. أما الجانب الثالث المتمثل في توسيع المظلة الضريبية فهو يحمل أيضاً مشكلات كبيرة فالواضح أن هذا البرنامج يستهدف زيادة الحصيلة الضريبية إما من خلال إدخال شرائح جديدة أو من خلال رفع الفئات الضريبية الحالية.
وإذا أخذنا الجانب الأول نجد ان العديد من المستهدفين بالضرائب يعانون من تراجع المداخيل نتيجة ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج أونتيجة لارتفاع أسعار الواردات بسبب التدهور الكبير في سعر صرف الجنيه. والحصيلة الضريبية في السودان هي الآن الأدنى إقليمياً ولا تتعدى 2% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويعود السبب في ذلك إلى سياسات الإعفاءات الضريبية والاستثناءات التي تمنح لأصحاب النفوذ والمقربين من الجهاز الحاكم وهي كلها تمنح إما على أسس سياسية أو عبر آليات المحسوبية المباشرة. كما أن هنالك مشكلة أخرى وهي أن 75% من الضرائب المستهدفة هي لسلع وخدمات يستهلكها المواطن العادي .
وبالتالي فهي ستزيد العبء المعيشي بشكل كبير على الفقراء. ويضيف: وإذا ما اخذنا العنصر الثالث في البرنامج الثلاثي الإسعافي والمتمثل في التركيز على القطاع الزراعي فهو سيكون فاشلاً أيضاً وذلك لأسباب موضوعية تتمثل في أن القطاع الزراعي عانى خلال الفترة الأخيرة من أزمة حقيقية تمثلت في عمليات الخصخصة التي طالت القطاعات والبنيات الرئيسية المشكلة له كما أن السياسات التي اتخذتها الحكومة خلال السنوات الماضية أدت إلى تدمير القطاع الزراعي بشقيه المروي والمطري.
برنامج الإسعاف
أما الخبير الاقتصادي محمد ابراهيم كبج فيقول: في كل البلدان التحرير الاقتصادي يتم بطريقة تدريجية لمساعدة الشرائح الفقيرة والضعيفة في المجتمع وهو الشيء الذي لم نشهده الآن. حكومة الإنقاذ أشرعت سياسات التحرير فكان الخبز والبترول والأدوية مدعومة وكان التعليم مدعوم والصحة والمياه وغيرها، وعندما جاءت الإنقاذ وطبقت سياسات التحرير طبقتها عن طريق آلية الصدمة مما أدى بعد انفصال جنوب السودان وذهاب نصف البترول إلى صدمة حقيقية.
أخطاء عديدة
ويعدد كبج الأخطاء الاقتصادية بالقول: عندما جاءت حكومة الإنقاذ في بدايتها تحدثت عن شعار نأكل مما نزرع وكان استيرادنا من الغذاء يساوي 72 مليون دولار في 1989 وقد وضعت الإنقاذ الخطة العشرية الأولى وكان من ضمن أهدافها أن نأكل مما نزرع ونوفر فاتورة الغذاء لكن الذي حدث أن فاتورة الغذاء ارتفعت إلى 420 مليون دولار أي 6 أضعاف مما كان عليه في 1990.
ولم يتوقع الارتفاع حتى وصلت الفاتورة في 2008م إلى 1.4 مليار دولار أي 20 ضعفاً ثم 22 ضعفاً في 2009 و36 ضعفاً 2011م حيث وصلت إلى 2.6 مليار دولار. وأشار كبج إلى أن الخطة العشرية 922002 تضمنت إنتاج 20 مليون طن من الذرة الرقيقة لكنها حققت 2.8 مليون طن .
وهذا يساوي أقل من 15% من هدف الخطة العشرية. كما هدفت إلى إنتاج 2.4 مليون طن من القمح لكن الذي أنتج فعلاً 247 ألف طن أي 11% من هدف الخطة العشرية وأيضاً إنتاج مليون طن من الدخن لكن الإنتاج في عام 2002 كان 550 ألف طن وهذا يساوي ربع الإنتاج المتوقع.
وكان السودان يستورد 250 ألف طن من القمح قبل 1989 وارتفع حجم الاستيراد حالياً إلى 1.8 مليون طن. وأضاف: بلغ إنتاج السودان من الحبوب في عام 8889 آخر أعوام الديمقراطية 4.425 ملايين طن أي أن إنتاج حكومة الإنقاذ من الذرة في نهاية خطتها العشرية في 2002م يساوي 65% من إنتاج آخر سنوات الحكم الديمقراطي.
أصل المشكلة
وعبر كبج عن اعتقاده بأن حكومة السودان وضعت سقفاً عالياً حول تكلفة ترحيل البترول عن طريق البحر الأحمر وذلك نتيجة لأن المفاوضات تصدرها السياسيون وبدؤوها من نقطة غير موفقة وهي أن حكومة جنوب السودان ستذعن إلى توقيع عقد بهذا السعر باعتبار أن الأمر أمر واقع ولا يمكن تجاوزه وليس لها خيارات غير القبول.
وأوضح: عندما تتحدث الحكومة عن 36 دولاراً للبرميل فإنه أمر غير منطقي ولا يرتبط بالمعايير المحلية ولا التجارب العالمية فهنالك الاتحاد السوفيتي وروسيا تنقل بترولها وغازها إلى أوروبا عن طريق الدول التي كانت معها. ويرى كبج أن الحل يجب أن يستند إلى ما قدمته الوساطة الأفريقية في أديس أبابا والرئيس الجنوب أفريقي والذي نص على أن تدفع حكومة الجنوب تعويضاً مقداره 4 مليارات دولار تدفع على 4 سنوات تعويضاً لحكومة الخرطوم على ما بذلته من مجهود في استخراج وضخ البترول وعلى النحو الآخر أن يكون سعر مرور بترول الجنوب عبر أراضي السودان بين 4 5 دولارات للبرميل.
شباب السودان يفكرون في الهجرة بحثاً عن مستقبل أفضل
استطلعت "البيان" آراء شباب سودانيين في الخرطوم أعمارهم بين 20 و30 عاماً، معظمهم يحملون مؤهلات جامعية في تخصصات جيدة، وسألتهم عن رؤيتهم مستقبلهم في ظل الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها السودان، واتفقت آراؤهم على أن من الصعب جداً حدوث إصلاح اقتصادي في ظل فشل الحكومة في وضع سياسات اقتصادية فاعلة يمكن أن تشكل مخرجاً من الوضع الحالي. وقال معظمهم إن الرؤية المستقبلية القاتمة جعلتهم يفكرون جدياً في الهجرة بحثاً عن وضع يستطيعون من خلاله بناء مستقبل أفضل.
فكر جديد
ويرى عمرو صالح ياسين أن الأوضاع الاقتصادية غيرت كل شيء في السودان، وجعلت الشباب يفكرون في مستقبلهم من منظور مادي لا يتحقق في معظم الأحوال. ويشدد على أن هناك حاجة حقيقية لفكر جديد يخرج الشباب من أزمتهم الحالية ويجعلهم أكثر قدرة على التعامل مع متطلبات الحياة ومواكبة التقدم. ويشير عمرو إلى أن الرؤية الفكرية الجديدة التي يتمنى أن تسود أوساط السودان يجب ان تنطلق من مبدأ محاسبة الذات وإطلاق العنان للطموحات دون ربطها برؤية الآخرين.
ويؤكد عمرو أن مشكلات السودان حالياً نتجت عن غياب الرؤية الفكرية السليمة، وهي التي أوجدت حالة التوهان التي تعيشها قطاعات كبيرة من الشباب الخريجيين. ويقول عمرو، وهو خريج طب، " تركت مهنة الطب، ووضعتها وراء ظهري، على الرغم من الضغوط الأسرية، وآليت على نفسي أن اتبع منهجاً يقوم على لعب دور فاعل في المجتمع من خلال الترويج لأفكار جديدة أرى انها يمكن ان تشكل مخرجاً فاعلاً للأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعيشها السودان حالياً.
مستقبل أفضل
ويمسك مهند عبدالعظيم عثمان، وهو خريج كلية علمية، طرف الحديث ويقول: يمكننا كشباب ان نتصالح مع أوضاعنا وأن نفكر بطريقة أكثر حداثة من أجل بناء مستقبل أفضل. وهو يعتقد مهند أن الشباب السوداني يمكن أن يبذل مزيداً من الجهد من أجل مستقبله، في ظل أي حكومة كانت.
ويرى مهند أن تغير الأوضاع نحو الأسوأ يجب أن يشكل دافعاً لبذل المزيد من الجهود، لتحسين الأوضاع، سواء انطلاقاً من طموحات وقدرات شخصية أو بشكل جماعي. وأبدى مهند ثقة كبيرة في قدرات الشباب السودانيين وقال إن غالبيتهم يتصفون بالطموح والجدية الأمر الذي يعطي أملاً في تحقيق مستقبل أفضل.
تخبط ودمار
وقال سامي الذي فضل عدم الاشارة الى اسمه كاملا إنه يئس من اي اصلاح مستقبلي، ووصف الوضع بأنه سيء جدا وحمل سامي الذي تحدث بمرارة شديدة حزب المؤتمر الوطني واجهزته التي حكمت السودان لاكثر من عشرين عاما مسؤولية ما حاق بالسودان من تدهور، دفعه للتفكير بالهجرة. واتهم سامي الحكومة الحالية بتسخير الشعارات الدينية لخدمة اجندتها المؤسسة على الفساد وابدى يأسه من احتمالات حدوث تغيير ملموس في مستقبل الخارطة السودانية، كما بدا مقتنعا بأن عودة السودان لسابق عهده وقيمه وموروثاته تحتاج لسنين طويلة تنمحي خلالها سني الحكومة الحالية.
تفاؤل نسبي
وفي المقابل تظهر الشابة ميادة فتحي تفاؤلا نسبياً فرغم تضجرها من الوضع الحالي في السودان الا انها تظهر قناعة كبيرة بالحاجة الى التغيير بل تبذل جهودا متوالية لاقراره عمليا على ارض الواقع لكن باسلوب متفرد انتهجته مع مجموعة من رفقائها بتكوين فرق مهمتها نشر ثقافة الوعي والمسؤولية وسط السودانيين وتقول ميادة ان مجموعتها تنشط في مشروعات تتصل بالتوعية الصحية والنظافة والحث على انتهاج السلوك القويم، والعلاج التطوعي ومساعدة الاطفال والمحتاجين باساليب متعددة.
ولكنها ترى في المقابل مستقبلا مظلما في ظل الحكومة الحالية وتستدرك ان قناعتها تلك لن تجعل منها شخصا يائسا او خانعا للواقع فالموارد التي يذخر بها السودان كما تقول تجعل ايامه المقبلة حبلى بتفرد في الموارد الزراعية على سبيل المثال، واضافت "نتمنى ان تأتي حكومة اخرى لان الفساد بات مميزا للحكام الحاليين "وترى ان المسؤولية في احداث التغيير يتحملها الجميع على السواء وقالت "نحن مصرون على مواجهة الواقع ولن نيأس ابدا".
وضع مأزوم
اما ريهان الريح الشاذلي فترى الوضع في السودان مأزوما الى ابعد درجة، خاصة مع تزايد الضغط الاقتصادي، وارتفاع الاسعار وروت كيف ان الغلاء يطحن ملايين السودانيين في ظل ثبات الدخل الشهري. وقالت ريهان انها تعمل في منطقة بالخرطوم تحتك فيها يوميا بأصناف من السودانيين وتنظر في معاناتهم القوية لاكمال تفاصيل حياة بسيطة تحفظ فقط حق العيش الكريم.
وتوجه ريهان انتقادات لوسائل الاعلام السودانية لانها لا تعكس كما قالت الا رأي الطبقة التي لا ترغب في التغيير وتنحاز غالب الوسائل الى اصحاب المصلحة في بقاء النظام بشكله الحالي. وقالت ريهان بثقة شديدة ان التغيير في مستقبل السودان سيقوده شباب احزاب "حداثوية" لان الاحزاب التقليدية لا يعول عليها ولن تحل مشكلة السودان.
رفع الدعم عن الوقود والسودانيون يواجهون وضعاً مريراً
يستعد السودان، الذي يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة، لإلغاء الدعم على الوقود. ويواجه الاقتصاد السوداني واقعاً صعباً بعد خسارته كثيراً من إنتاجه النفطي الحيوي لاقتصاده، بعد انفصال جنوب السودان واستقلاله في يوليو الماضي، لكن الناس يقولون إنهم لا يمكنهم التعايش مع مزيد من الارتفاع في الاسعار.
وقالت زكية، وهي سيدة مسنة خشيت إعطاء اسمها الكامل، "نشتري فقط ما نحتاجه ولا شيء آخر بسبب التضخم، لا يمكنني تصور ارتفاع الاسعار اكثر من ذلك مرة اخرى". وقالت مشاعر، وهي موظفة في الحكومة، "كيف سنعيش اذا ارتفعت اسعار الوقود؟ اعتقد ان الشعب سيخرج إلى الشوارع للاعتراض على هذه الاسعار التي لا يمكننا تحملها".
وقدم بنك السودان المركزي خطة لالغاء الدعم في ديسمبر لكنها واجهت مقاومة في البرلمان وهي مفاجأة بالنظر الى ان البرلمان يهيمن عليه حزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه البشير. لكن في مواجهة عجز في الميزانية بلغ 2.4 مليار دولار تقول حكومة البشير: إنه لا بديل أمامها سوى إنهاء الدعم على الوقود الذي قال مسؤول حكومي إنه سيوفر ملياري دولار سنويا. ومع وصول نسبة التضخم إلى 30 في المئة في مايو سيرفع إلغاء الدعم من تكلفة النقل وبالتالي اسعار السلع الغذائية.
وتقول الصحف السودانية إن إلغاء الدعم سيرفع اسعار الوقود بنسبة بين 30 و40 في المئة. وقالت مشاعر الموظفة في الحكومة "رفع الدعم عن الوقود كارثة". وقال محمد العبيد (43 عاما) الذي يعمل مدرسا في مدرسة ثانوية "اعتقد أن كبار المسؤولين لا يعرفون شيئا عن حياة الناس العاديين، انهم يركبون سيارات الحكومة وتدفع الحكومة ثمن كل ما يحصلون عليه". وحث صندوق النقد الدولي الخرطوم قبل اسبوعين على البدء في برنامج طارئ للتصدي "للتحديات الصعبة" التي تواجه اقتصادها. وقال دبلوماسي غربي في الخرطوم: اعتقد ان البيان كان دبلوماسيا للغاية مع الوضع في الاعتبار المشكلات الهائلة التي يواجهها السودان.
وأضاف: فكرة ان يتجهوا لإلغاء الدعم على الوقود رغم مخاطره تشير إلى مدى سوء الموقف. ولم ينشر السودان ميزانية مفصلة لعام 2012 لكن دبلوماسيين يقولون: إن الحكومة لا تملك الكثير من البدائل. وخفض بنك السودان المركزي فعليا قيمة العملة السودانية رغبة في جذب المزيد من تحويلات السودانيين العاملين في الخارج لكن المصرفيين يقولون إن هذا الاجراء سيستغرق وقتا ليؤتي نتيجته المرجوة. ومن المتوقع ان يذهب الشطر الاكبر من الميزانية إلى دعم الاجهزة الامنية والجيش الذي يقاتل حركات تمرد في ثلاث مناطق سودانية إلى جانب المناوشات الحدودية مع جنوب السودان.
ويعول السودان على صادرات الذهب لتعويض ما خسره من صادرات النفط. وقال: إنه باع ذهبا بقيمة 603 ملايين دولار هذا العام، لكن دبلوماسيين عبروا عن شكوكهم نظرا لصعوبة التأكد من الانتاج. لكن حتى لو صح هذا الرقم فهو لا يقارن بمبلغ خمسة مليارات دولار الذي حصل عليه السودان من عائدات تصدير النفط عام 2010. وبالنسبة للسودانيين العاديين لا يعني ذلك كثيرا امام احتياجاتهم العاجلة. الخرطوم رويترز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.