تباينت ردود الفعل بشأن الاتفاق الجزئي الذي توصلت إليه دولتا السودان وجنوب السودان أمس الخميس في أديس أبابا بين مرحب ومشكك في جدوى هذا الاتفاق الذي يتزامن مع انتهاء المهلة التي حددها مجلس الأمن للطرفين لحسم خلافاتهما العالقة. وقضى الاتفاق الذي تم التوقيع عليه برعاية الاتحاد الأفريقي باستئناف تصدير النفط الجنوبي عبر الشمال وإقامة منطقة عازلة بين الدولتين ينسحب منها الجيشان بعمق عشرة كيلومترات من كل طرف، بينما أرجئ التفاوض بشأن ملف أبيي وترسيم الحدود الممتدة على طول 1800 كيلومتر. ووصف رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت الاتفاق بأنه "نهاية نزاع طويل" بين البلدين، بينما تحدث الرئيس السوداني عمر البشير في حفل توقيع الاتفاق عن "فتح صفحة جديدة استنادا للروابط للثقافية والاجتماعية بين السودان وجنوب السودان". اتفاق مفروض وفي الخرطوم، طغى نبأ توقيع الاتفاق على ما عداه، واعتبر الأستاذ الجامعى محمد عثمان مكي العجيل أن "الاتفاق الذي تم التوقيع عليه لا يقدم حلاً للتوتر المشهود بين الدولتين، لأنه اتفاق مفروض عليهما من القوى الدولية، كما أنه لم يخاطب القضايا الأساسية، بالتالي ستتولد منه أزمات لاحقة مثلما توالدت الأزمات من اتفاق نيفاشا". ويصف القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي، محمد المعتصم حاكم، ما توصل إليه الطرفان بأنه "أفضل ما تحقق طيلة الفترة السابقة"، ويضيف أن الاتفاق يمثل خطوة إيجابية نحو بناء علاقة جوار مستقرة بين دولتي السودان، مؤكدا أن الاتفاق وضع حلولاً لكافة القضايا العالقة عدا قضية أبيي. وبشأن الملف الأمني الذي اشترطت الخرطوم أن يحظى بالأولوية خلال عملية التفاوض، توقع أن تساهم دولة الجنوب في عودة الاستقرار لجنوب كردفان والنيل الأزرق. وقال المعتصم للجزيرة نت "ما تم الاتفاق عليه من ترتيبات أمنية يرتبط مباشرة بالوضع في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، ما يعنى أن الأيام القادمة ستشهد تسارع الخطى نحو التفاوض لطي هذا الملف". ويرى عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني صالح محمود أن الاتفاق يمثل خطوة إيجابية في إطار القرار الأممي 2046، مشيراً إلى أن اتفاق أديس أبابا "يعني أن كل القضايا بين البلدين قابلة للحل عن طريق التفاوض إذا توفرت الإرادة السياسية". استشعار المسؤولية ودعا القيادات في البلدين إلى ما سماه "استشعار المسؤولية التاريخية تجاه شعب السودان الذى لا يمكن تجاهل أنه شعب واحد". ويضيف صالح "هذا الاتفاق نموذج قابل للتكرار في دارفور وفي المفاوضات مع الحركة الشعبية/قطاع الشمال. وعلى المجتمع الدولي ألا يفقد حماسه وأن يواصل الدفع باتجاه حلحلة الأزمات في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان والشرق، وعلى الحكومة مسؤولية أخلاقية بإيقاف الحروب ليتسنى لشعب السودان التقدم نحو آفاق التطور". وانتقد الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي، كمال عمر، اتفاق جوباوالخرطوم قائلاً إنه لم يتناول قضايا أساسية كالحدود وقضية أبيي. وقال إن "هاتين القضيتين تم ترحيلهما، لذلك أصبح الاتفاق مجرد محاولة لتسكين الأزمات ولتهدئة النفوس، وهو بهذه الصفة لن يفضي إلى سلام دائم". ويشير كمال عمر إلى "هناك لوبي داخل النظام يعارض أي تقارب مع دولة الجنوب، وحل أزمة العلاقة بين الشمال والجنوب تكمن في إقامة وضع انتقالي في الخرطوم بديلاً للنظام القائم".