آلية لفك الارتباط بقطاع الشمال و «15» دولاراً لترحيل برميل نفط الجنوب..البشير عقب عودته من أديس: لن نسمح بالعودة للوراء..آلية فنية لفك الارتباط فورًا للفرقتين التاسعة والعاشرة ووقف الدعم والإيواء للحركات المعارضة الخرطوم: صلاح مختار - زبيدة أحمد كشف وفد الحكومة لمفاوضات أديس أبابا فور عودته برئاسة الرئيس عمر البشير أمس، عن بعض ملامح البرتكول الذي تم توقيعه مع دولة الجنوب، لافتًا إلى أنه في الجانب الأمني تم الاتفاق على تنفيذ فك الارتباط بين الفرقتين التاسعة والعاشرة التابعتين لجيش دولة جنوب السودان بمناطق وجودهما بجنوب كردفان، وأن هناك آليات فنية ستجتمع فورًا للقيام بالترتيبات الضرورية لإنفاذ فك هذا الارتباط، فضلاً عن عدم الاعتداء، والاتفاق على وجود آليات محدَّدة تعمل للمراقبة والتحري، وآلية خاصة للتقصي حول الادعاءات والاختراقات التي تحدث، ووقف الدعم اللوجستي والإيواء لكل الحركات المتمردة في كلتا الدولتين، والانسحاب الفوري من الأراضي المحتلة لكل طرف. وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، أكد الوفد أن السودان سيحصل على ثلاثة مليارات وثمانية وعشرين مليون دولار على مدى ثلاثة أعوام ونصف العام، مشيرًا إلى أنه سيتم ترحيل كل برميل من نفط الجنوب ب «15» دولارًا إلى ميناء بورتسودان، بجانب تحديد آليات لحصول السودان على حقه بعد «40» يومًا من عملية الشحن، وأن يأخذ حقه بعد إخطار دولة الجنوب، موضحًا أن هنالك رسوم معالجة وأخرى سيادية تتجاوز «10» دولارات. البشير يأسف من ناحيته أعرب الرئيس البشير عن أسفه لوجود بعض القضايا التي ظلت عالقة حتى الآن مع دولة الجنوب، وقال: «كثير من الشياطين والأباليس والإنس والجن يشتغلوا في المنطقة دي»، وقال: كدنا نعود إلى حالة الحرب ولكن تغلَّب صوت العقل وصبرنا وجلسنا مرة ثانية وتحاورنا إلى أن جئنا باتفاقية شاملة لكل القضايا العالقة، وأكد أن اتفاقية التعاون مع دولة الجنوب هي البداية الحقيقية للسلام بين الدولتين. وأكد البشير لدى مخاطبته حشدًا جماهيريًا لدى استقباله فور عودته مع وفد التفاوض من أديس أبابا بمطار الخرطوم أمس، أن سلفا كير صادق في تنفيذ الاتفاقية وهو مُصرّ على ذلك، وأكد أن الأيام المقبلة ستشهد تنفيذًا حقيقيًا لكل الاتفاقيات والتي تُعتبر الحل النهائي لكل المشكلات، وقال: لن نسمح بالعودة للوراء، وسوف نرمي للأمام مع دولة الجنوب، وأضاف أن التبادل بين الدولتين سيكون تبادل منافع وليس تبادل سلاح أو معارضات، وأشار إلى أن المواطنين في المناطق الحدودية سيستفيدون من هذه الاتفاقية من خلال حدود مرنة. الهم الأكبر وقال البشير: سعينا إلى السلام وكان همنا الأول والأكبر أن نحققه في السودان وهو مفتاح كل القضايا السياسية والأمنية والعسكرية، وأضاف: نحن جئناء ليس لكي نجلس في الملك والحكم الذي لم يكن غاية وإنما وسيلة لتحقيق الأمن والرفاهية لكل أهل السودان، وأشار إلى مراحل تحقيق السلام في نيروبي وأبوجا الأولى والثانية والإيقاد، وقال: ليس هناك منطقة لم نذهب لها حتى وقَّعنا اتفاقية السلام، وقال: «الناس افتكرت أننا لن ننفذها لأن فيها بنودًا خطيرة مثل حق تقرير المصير وفصل الجنوب»، بيد أنه قال إننا أهل عهود وأهل مواثيق، وأضاف أن الالتزام بالعهود والمواثيق هو أمر دين، وقال: نحن في السودان: «بنزيدها بنقول رجالة والراجل بربطوه من لسانه وما بربطوه من كراعو»، ولذلك التزمنا ونفذنا الاتفاقية. وفي السياق أعلن وزير الدفاع الوطني الفريق الركن عبد الرحيم محمد حسين أنه تم الاتفاق على تنفيذ فك الارتباط بين الفرقتين التاسعة والعاشرة التابعتين لجيش دولة جنوب السودان بمناطق وجودهما بجنوب كردفان مضيفًا أن هناك آليات فنية ستجتمع فورًا للقيام بالترتيبات الضرورية لإنفاذ فك هذا الارتباط. مناخ أمني وابتدر الفريق حسين حديثه لبرنامج «مؤتمر إذاعي» بالتهنئة الحارة لشعبي السودان وجنوب السودان بالوصول إلى هذه الاتفاقية التي أعرب عن أمله أن تكون نقطة مهمة في تاريخ مسار العلاقات السودانية الجنوبية موضحًا أن اتفاق الترتيبات الأمنية كان هو المهم لأنه يُسهم في توفير مناخ أمني والاستقرار بين الدولتين. وقال وزير الدفاع الوطني: لقد تم التوصل إلى اتفاقيات حول قضايا النفط وقضايا الاقتصاد وقضايا التجارة وقضايا الحدود وقضايا التعامل البنكي وقضايا ترسيم الحدود «خمس مناطق»، ونأمل خلال الثلاثة شهور القادمة أن تُحسم، وشدَّد على أن ملف أبيي مُعقَّد ويحتاج إلى وقت لطول إجراءاته وأنه تم الاتفاق بتواصل الحوار حوله، وأضاف أن توفر الإرادة السياسية في الدولتين والصدق في تنفيذ هذه الاتفاقيات ضروري جدًا حتى تشهد العلاقات بين البلدين مرحلة جديدة تتسم بالتفاهم والتعاون والترابط والصداقة الممتدة بين الدولتين. عدم اعتداء وحول الترتيبات الأمنية بين الخرطوم وجوبا أوضح وزير الدفاع أنه تم توقيع اتفاقية على عدم الاعتداء وأن ذلك أُدرج من قبل في اتفاقية الترتيبات الأمنية، وتم إدراج وجود منطقة آمنة معزولة السلاح بين الدولتين تقع على بعد عشرة كيلومترات على جانبي الحدود بين الدولتين «شمالا وجنوبا»، كما تم الاتفاق على وجود آليات محدَّدة تعمل للمراقبة والتحري، بجانب أنه تم الاتفاق على آلية خاصة من أجل التقصي حول الادعاءات والاختراقات التي تحدث من الطرفين، إضافة إلى الاتفاق على وقف الدعم اللوجستي والإيواء لكل الحركات المتمردة في كلتا الدولتين والانسحاب الفوري من الأراضي المحتلة لكل طرف في جانبه وتفعيل الآليات المتفق عليها للمراقبة. وقال إنه تم الاتفاق على ترتيبات خاصة لمنطقة «14 ميل» مشيراً إلى إنها كانت المشكلة في خارطة الاتحاد الإفريقي لكننا تجاوزنا ذلك واتفقنا على أن تحتفظ منطقة ال«14 ميل» بوضعها الذي كانت عليه وتكون منزوعة السلاح ومنطقة سلام وتواصل مشترك. عزم وإرادة وقال الوزير إن الحوار سيكون متواصلاً بين البلدين بشأن القضايا محل الخلاف لتجاوزها، مشيرًا إلى عزم وارادة وقوة الدولتين والشفافية للاستمرار في التفاوض بشأن قضية أبيي، مشددًا على ضرورة خلق جو إعلامي يسهم في الاستقرار، وأكد وزير الدفاع أن توقيع الاتفاقية الأمنية يُعتبر مفتاحًا لحل كل الاتفاقيات الأخرى، وقال إن وجود الرئيسين البشير وسلفا كير أعطى المفاوضات دفعة قوية، وقال إنهما كانا مصرّين على حسم القضايا العالقة مشيرًا إلى العقبات التي واجهت تنفيذ الاتفاقية الأمنية. وأشار إلى أن الاتفاقية الأمنية شملت فك الارتباط والدعم والإيواء والانسحاب الفوري غير المشروط للجيشين، وأكد خلال مؤتمر صحفي أمس إن العمل في الترتيبات الأمنية سيبدأ فورًا، وأعرب عن أمله في وجود إرادة قوية لإنفاذ الاتفاقية، وقال إن الإرادة السياسية القوية والالتزام الدقيق والشفّاف من شأنه تعزيز العلاقات بين السودان ودولة الجنوب. رغبة أكيدة من ناحيته أوضح رئيس وفد الحكومة للمفاوضات إدريس محمد عبد القادر أن الرغبة الأكيدة للطرفين في تنفيذ الاتفاق ستعود بالاستقرار للدولتين وتجاوز المهددات الأمنية، لافتاً إلى اتفاق بشأن الديون الخارجية بأن يتم التعامل بين الدولتين لتحريك المجتمع الدولي لإعفاء الديون، بجانب الإعفاء المتبادل لديون البترول بين الدولتين، مشيدًا بإيجابية وتعاون وفد دولة الجنوب المفاوض خلال جلسات التفاوض. مبيناً أن الاتفاق يمثل دفعاً أساسياً للوصول إلى اتفاق أمني وسياسي للجماعات المتمردة في جنوب كردفان والنيل الأزرق من خلال استئناف التفاوض بشأن المنطقتين. وأكد إدريس أن اتفاقية التعاون مع دولة الجنوب سيدفع بها إلى البرلمان في كل من السودان وبرلمان دولة الجنوب لإجازتها في غضون «40» يوماً من التوقيع عليها وأن الترتيبات الأمنية ستبدأ فورًا ولن تأخذ وقتاً أكثر من أسبوع من اجتماعات اللجنة الأمنية، وأكد استعداد الحكومة لجولة سياسية أخرى، وشدد إدريس على أهمية إنفاذ الاتفاقية الأمنية وقال: إذا لم يتم ذلك فلن تكون الاتفاقيات ذات جدوى، مشيرًا إلى أن اللجنة الأمنية المشتركة لأهميتها ستبدأ فورًا في عملها.وكشف عن إصدار أمر لكل الشركات العاملة في حقول البترول بالبدء فورًا في إعادة ضخ النفط. وقال إن توقف النفط له تأثيراته الفنية، مبيناً أن اتفاقية النفط شاملة كل الجوانب الأخرى كالسعر والرسوم موضحاً أن متأخرات غير البترول وضعت لها معالجات كما تم إعفاء المستحقات البترولية بين البلدين. فيما كشف عضو الوفد المفاوض ومسؤول الجانب الاقتصادي الزبير أحمد حسن أن السودان سيحصل على ثلاثة مليارات وثمانية وعشرين مليون دولار على مدى ثلاثة أعوام ونصف، مشيرًا إلى أنه سيتم ترحيل لكل برميل من نفط الجنوب ب«15» دولاراً إلى ميناء بورتسودان بجانب تحديد آليات لحصول السودان على حقه بعد «40» يوماً من عملية الشحن وأن يأخذ حقه بعد إخطار دولة الجنوب، موضحاً أن هناك رسوم معالجة وأخرى سيادية ونقل تتجاوز«10» دولارات، مؤكدًا أنه لم يتم الضخ إلا بعد الرجوع لدولة الجنوب في الاتفاق على آليات محددة في هذا الشأن بين الطرفين. وقال الزبير إن الاتفاقية الاقتصادية شاملة للديون الخارجية التي يتم معالجتها مع دولة الجنوب من خلال العمل على إعفائها من المجتمع الدولي، وأشار إذا لم يتم ذلك سيكون هناك خيار تقسيم الديون، وكشف عن إعفاء الأصول العامة والديون الداخلية بين الدولتين، مشيرًا إلى تكوين لجنة وزارية بين الدولتين ستتولى موضوع التجارة بين البلدين بالإضافة إلى إنشاء فروع للبنك المركزي في كل من الدولتين. وتباينت ردود الفعل بشأن الاتفاق بين مرحب ومشكك في جدوى هذا الاتفاق. واعتبر الأستاذ الجامعي محمد عثمان مكي العجيل أن «الاتفاق الذي تم التوقيع عليه لا يقدِّم حلاً للتوتر المشهود بين الدولتين، لأنه اتفاق مفروض عليهما من القوى الدولية، كما أنه لم يخاطب القضايا الأساسية، بالتالي ستتولد منه أزمات لاحقة مثلما تولدت الأزمات من اتفاق نيفاشا». ويصف القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي، محمد المعتصم حاكم، ما توصل إليه الطرفان بأنه «أفضل ما تحقق طيلة الفترة السابقة»، ويضيف أن الاتفاق يمثل خطوة إيجابية نحو بناء علاقة جوار مستقرة بين دولتي السودان، مؤكدًا أن الاتفاق وضع حلولاً لكل القضايا العالقة عدا قضية أبيي. وبشأن الملف الأمني الذي اشترطت الخرطوم أن يحظى بالأولوية خلال عملية التفاوض، توقع أن تساهم دولة الجنوب في عودة الاستقرار لجنوب كردفان والنيل الأزرق، وقال المعتصم للجزيرة نت «ما تم الاتفاق عليه من ترتيبات أمنية يرتبط مباشرة بالوضع في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، ما يعنى أن الأيام القادمة ستشهد تسارع الخطى نحو التفاوض لطي هذا الملف». ويرى عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني صالح محمود أن الاتفاق يمثل خطوة إيجابية في إطار القرار الأممي «2046»، مشيرًا إلى أن اتفاق أديس أبابا «يعني أن كل القضايا بين البلدين قابلة للحل عن طريق التفاوض إذا توفرت الإرادة السياسية». ودعا القيادات في البلدين إلى ما سماه «استشعار المسؤولية التاريخية تجاه شعب السودان الذي لا يمكن تجاهل أنه شعب واحد».