كتب – صموئيل العشاى : سياسة حزب المؤتمر الوطني بالتقرب الى ايران وحماس، جعلت من السودان "دولة مواجهة" مع اسرائيل .ومع كثرة شواغل الخرطوم مع جارتها جوبا، وفى منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق، إلا ان موضوع التقارب مع ايران قد اصبح "قضية رأي عام "..! إذ يحتدم الجدل فى الخرطوم حول هذا الأمر حتى داخل الحزب الحاكم ، بعد مرابطة سفينتين ايرانيتين منتصف الاسبوع الماضي، قبالة ميناء بورتسودان، عقب تدمير مصنع اليرموك للذخيرة.ويعتبر الاعتداء على مصنع اليرموك هو الاعتداء الاسرائيلي الرابع على السودان خلال عهد الانقاذ. وبحسب صحيفة الحياة، فان "قطاع العلاقات الخارجية في الحزب الحاكم، فشل خلال مؤتمره الأخير في الإجابة عن سؤال طرحه وزير الخارجية علي كرتي أمام المؤتمر، جاء فيه:"هل من مصلحة السودان الإستراتيجية في علاقاته الخارجية الاتجاه إلى تعزيز علاقاته مع دول الخليج العربي لضمان الحصول على دعم مالي واقتصادي وتوسيع استثماراته، أم الاتجاه لتوثيق علاقته مع إيران لأسباب تتعلق بطبيعة التحولات المرتقبة في ملف الصراع الاسرائيلي - الايراني في المنطقة، ووقوع السودان في منطقة رخوة ستجعل ظهره مكشوفاً في حال اضطر للمشاركة في أي مواجهة"..؟ و أكدت الصحيفة "أن النقاش في مؤتمر قطاع العلاقات الخارجية في الحزب الحاكم كان ساخناً وشهد ملاسنات ما دفع بعض المسؤولين في القطاع الى مغادرة مقر المؤتمر الذي لم يقدم إجابة محددة في شأن سؤال وزير الخارجية". الى ذلك أعلن نواب داخل البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب الحاكم ،عزمهم على استجواب وزير الدفاع الفريق عبد الرحيم حسين بشأن تكرار الاعتداءات الإسرائيلية على البلاد. ولم يستبعد رئيس لجنة الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية في البرلمان محمد الحسن الأمين أن يصدر البرلمان توصية بسحب الثقة من الوزير،، وينتظر أن يمثل حسين أمام البرلمان الاثنين القادم لاطلاع البرلمان على تفاصيل الهجوم الإسرائيلي والخروقات الأمنية المتكررة على ولاية جنوب كردفان. وفي السياق ذاته حذر تحالف أحزاب المعارضة الحكومة من خطورة التحالف مع طهران، وقال عضو هيئة تحالف المعارضة محمد ضياء الدين إن لإيران مطامع في المنطقة. بينما اعتبر رئيس حزب الأمه القومي الصادق المهدي، القصف الإسرائيلي لمصنع اليرموك "درساً مهماً"، وفرصة لتحقيق وحدة الوطن لمجابهة المخططات الرامية لتفتيت السودان. ووصف المهدي تمسك الحكومة بما تسميه" حق الرد" بأنه تحصيل حاصل، مشيراً الى ان الحكومة لا تملك القوة اللازمة لذلك. على الصعيد الدولي ، فان التقارب مع طهران فتح علي الخرطوم نيران الغضب السعودي، حيث عبرت عن ذلك الغضب صحافة المملكة ، بينما جاء الرد الامريكي على حضور السفن الايرانية قبالة ميناء بورتسودان صاعقاً.فقد وقع الرئيس الأميركي أوباما قرارا بتمديد العقوبات على السودان لعام آخر، معتبرا الحكومة السودانية "تمثل تهديدا كبيرا للأمن القومي والسياسة الخارجية الأميركية".وأعلنت الخارجية الأميركية،أن الرئيس الأميركي أوباما جدد العقوبات المفروضة على السودان منذ 15 عاما، رغم إقراره بأن النظام السوداني حل خلافاته مع جنوب السودان. واشار بيان للخارجية الامريكية الى ان "الصراع الجاري في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور ما زال يهدد الاستقرار الإقليمي، كما أن حقوق الإنسان والأزمات الإنسانية هناك - بما في ذلك عدم وصول المساعدات الإنسانية - أمور خطيرة". وقالت الخارجية السودانية ردا على تجديد العقوبات، إن حكومة الولاياتالمتحدة " واظبت على النكوص عن تعهداتها برفع العقوبات التي أقعدت اقتصاد البلاد المتأثر بانفصال الجنوب". وعلى صعيد شواغل الخرطوم الداخلية، اعلن متمردوا جنوب كردفان بحسب وكالة الصحافة الفرنسية أنهم قصفوا يوم أمس الجمعة مدينة كادوقلى ، وتحدثوا عن معركة كبيرة مع الجيش السوداني سبقت ذلك القصف قتل فيها العشرات من الجانبين.وتحدثت الحركة الشعبية- قطاع الشمال عن تصاعد الاشتباكات مع جيش الحكومة في جنوب كردفان ، ووفقا للمتحدث باسم قطاع الشمال، فان الجيش السوداني استخدم في المعركة الأخيرة الدبابات والطائرات الحربية والمروحيات لاستعادة قرية "دلدكو" التي تقع على مسافة 12 كلم شمال غربي كادوقلي، وأضاف أن المتمردين أطلقوا عشر قذائف هاون على مواقع للجيش في كادوقلي أثناء تراجع قوات الحكومة السودانية إلى المدينة. وكذلك ارتفع صوت المعارضة التقليدية ،اذ جددت الجبهة الوطنية العريضة دعوتها لقوى بضرورة اسقاط النظام وحذرت من اتاحة الفرصة للنظام لشراء الوقت واكتساب الشرعية من خلال الانخراط فى عمليات تفاوض عبثية معه تطاول امد الازمة السودانية.وقال رئيس الجبهة الوطنية العريضة ، محمود حسنيين خلال ندوة بالعاصمة البريطانية لندن ان الحكومة السودانية فقدت القدرة على التقرير بشأن منطقة ابيى بعد احالة ملفها الى الاتحاد الافريقى،مشيراً الى ان خارطة الطريق التى اجازها مجلس السلم التابع للاتحاد الافريقى وقبلتها دولة الجنوب لايمكن التراجع عنها، لافتا النظر الى "أن حلولا ستفرض على الحكومة ولن يكون بوسعها الا ان تقبلها ، خاصة وان الرئيس البشير شخصيا هو من وقع على اتفاق اديس ابابا"..! وخلال الندوة، تمسك المتحدث الرسمى باسم حركة العدل والمساواة جبريل بلال بالخيار العسكري كسبيل لإعادة هيكلة الدولة السودانية،،وقلل بلال من الحديث حول تأثر حركته بالاتفاق الامنى بين الخرطوموجوبا. وقال حسين اركو مناوي امين التنظيم والادارة بحركة تحرير السودان بضرورة المزاوجة بين المسارين العسكري والجماهيري ليتكاملا في عملية اسقاط النظام، داعياً كافة قوي المعارضة السودانية الى ابعاد الدين عن السياسة، بينما المفكر حيدر ابراهيم على ضرورة تحول المعارضة الي مقاومة قادرة على الفعل والتاثير وازالة آثار النظام وليس الاكتفاء باسقاطه. من ناحيته طالب يحيى بولاد رئيس الحركة الوطنية لدارفور بمنح دارفور حق تقرير المصير خلال اى ترتيبات لاحقة ، لافتا الى حجم الجرائم التى ارتكبت فى دارفور. و الحدث الكبير الذي يتفاعل بين السودانيْن هو ملف أبيي بعد ان موافقة مجلس السلم والأمن الإفريقي بالإجماع على خطة اللجنة الإفريقية العليا، برئاسة ثابو امبيكي، لحل المشكلة. فى مقاله الأخير يقول الدكتور الطيب زين العابدين وهو احد اقطاب الحركة الاسلامية الحاكمة، انه عندما تطاول الخلاف بين الطرفين حول ابيي، دفع السناتور الأمريكي دانفورث بمقترح مفصل حول المشكلة، عُرف "ببروتوكول أبيي"، وقال للوفدين: خذوه أو اتركوه كما هو.. ويمضي زين العابدين قائلاً أن " وفد الحكومة استسلم للتهديد الأمريكي فقبل بالبروتوكول رغم مخالفته الصريحة لمادة الحدود بين الشمال والجنوب في (1/1/1956) التي نصّت عليها اتفاقية المبادئ المبرمة بمشاكوس في يوليو 2002.مضمون البروتوكول يقول بصورة مواربة إن منطقة أبيي هي ملك لعشائر دينكا نقوك التسعة الذين حولتهم الإدارة البريطانية في عام 1905 من مديرية بحر الغزال في الجنوب إلى مديرية كردفان في الشمال، ولكن البروتوكول أعطى سكان المنطقة حق تقرير المصير بنهاية الفترة الانتقالية عبر استفتاءٍ شعبي إما يظلوا تبعاً للشمال كما هم حالياً أو يعودوا لموطنهم القديم في الجنوب . الآن وبعد اعتماد المقترح الافريقي، يتساءل زين العابدين : " ماذا سيكون رد فعل حكومة السودان التي سبق لها أن رفضت تلك الخطة عندما عرضت عليها في مداولات أديس أببا؟ وماذا سيكون موقف قبيلة المسيرية التي تحتاج للتعامل مع حكومة الجنوب حتى تأخذ قطعانها الكثيرة من الأبقار جنوباً داخل الأراضي الجنوبية في فصل الصيف. ويجيب على السؤال قائلاً : "ليس هناك خيار أمام حكومة السودان التي ستكون في مواجهة مع قرار مجلس الأمن رقم 2046 الذي توعد بمعاقبة الطرف الذي يعرقل الوصول إلى اتفاق حول المسائل العالقة بين الشمال والجنوب، بما فيها أبيي ومناطق الحدود الخمس المتنازع عليها بين الطرفين، وذلك تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة الذي يجيز كل الوسائل بما فيها القوة المسلحة. كما أن رفض القرار يعني تعطيل تنفيذ الاتفاقيات الثمانية التي توصلت إليها حكومة السودان مع حكومة الجنوب بأديس أببا في نهاية شهر سبتمبر الماضي، بما فيها اتفاقية عبور بترول الجنوب عبر الشمال واتفاقية التجارة البينية اللتان ستسهمان في إنقاذ الاقتصاد السوداني من الإنهيار". هكذا يبدو الوضع فى السودان الشمالي ، إن تقارب الخرطوم مع ايران لن يمر دون ثمن ، وقد يكون الثمن مقايضة تفتقد الخرطوم على اثرها أبيي، " الغنية بالنفط"..! ان شيئاً ما يمور فى الخرطوم، فهل ذلك "الشيئ" هو ما دفع رئيس الجمهورية الى اصدار قراره الجمهوري بحل مستشارية الامن