القرار الأخير الصادر من قبل رئيس الجمهورية والقاضي بوقف ضخ النفط يعني عملياً تجميد الاتفاقيات الموقعة مع دولة جنوب السودان في سبتمبر من العام الماضي، تلك الاتفاقيات التي لم تتهيأ لها الأجواء السياسية والإعلامية الملائمة لترى النور نظراً لحالة الاستقطاب وتبادل الاتهامات بين الدولتين، والآثار الأمنية والسياسية التي ترتبت على تصاعد العمليات المسلحة من قبل الجبهة الثورية. السلطة السياسية في السودان تعمل وتصدر القرارات تحت ضغوط سياسية وأمنية واقتصادية هائلة، وهي ضغوط من سياسات(صنُع يديها) . فمنذ توقيع الاتفاقيات مع دولة الجنوب لم تكف الأصوات الداعمة للحرب عن النباح ليل نهار، ولم تهدأ حرب الكلام وإطلاق الاتهامات لجمهورية جنوب السودان بدعم الجبهة الثورية رغم وجود الآلية المشتركة للاتحاد الافريقي، المعنية بتلقي الشكاوى من أي طرف في حالة وجود خروقات، وكان يمكن لهذه الآلية أن تتقصى للوصول للحقائق ومعالجة أي مشكلة تعرقل تنفيذ الاتفاقيات . مع ملاحظة أن جمهورية جنوب السودان توجه ذات الاتهامات للنظام في السودان. القرارات ذات الصلة بالحرب والسلام لا يمكن إتخاذها هكذا في الهواء الطلق، توجد آليات ووسائل يمكن إتباعها لحل المشاكل التي تعترض تنفيذ الاتفاقيات التي إرتضى النظام التوقيع عليها وأعلن إلتزامه بها. إن الأمر ليس كلمة تخرج في لحظة غضب أو تحت الضغط ، الأمر يتصل بحياة الشعبين واستقرارهما وحقهما في العيش بسلام وفي التمتع بثروة النفط . وعندما نقول أن ذلك القرار إتخذ دون تدبر لانقول ذلك من باب النقد، بل نتيجة لحديث الناطق الرسمي باسم الحكومة في المؤتمر الصحفي أول أمس الذي حاول أن يترك الباب موارباً للتراجع عن القرار، وذلك بقوله أن الحكومة حددت مدة(60) يوماً تُترك للخبراء والفنيين لاكتمال العملية الفنية بإغلاق الأنبوب ورهن ذلك باستمرار الجنوب بدعم الحركات المسلحة. إننا نقول كفى للقرارات المتعجلة. وندعو لاحترام الاتفاقيات وآلياتها لحل المشاكل وندعو للوقف الفوري للحرب والجلوس لطاولة المفاوضات لايجاد حلاً جذرياً لمشاكل السودان المتأزمة.