أكدنا من قبل أن سلطة المؤتمر الوطني هي السبب الأساسي في الحرب التي نشبت في دارفور، وأصبحت أحد كوارث العصر. فقد اندلع القتال بعد التصريح الذي أدلى به رئيس الجمهورية استجابة لمطالب أهلها قائلاً ، من يريد حقوقه ونيل مطالبه فليأخذها بقوة السلاح. منذ ذلك الوقت تواصلت الحرب في دارفور رغم الاتفاق الموقع وقتها مع فصيل مني اركو مناوي في أبوجا. وهي تتواصل الآن بصورة أكثر عنفاً وضراوة رغم اتفاق الدوحة. وقد فشلت كل الجهود الداخلية والاقليمية في حل مأساة دارفور بسبب إصرار الحكومة على أن يأتي الحل وفق أجندتها هي الرامية في واقع الأمر إلى تعريب دارفور وتسليم خيراتها إلى الرأسماليين الطفيليين المتدثرين بالإسلام كذباً ونفاقاً ووضعها تحت سيطرة الموالين للمؤتمر الوطني. ولهذا فهي لم تتورع في الماضي من إحضار قبائل موالية لها من البلدان المجاورة ومنحهم الجنسية السودانية وإسكانهم في قرى السكان الأصليين وسلحت القبائل الموالية لها ضد القبائل الرافضة لكل سياستها. هذا ما جعل رئيس السلطة الاقليمية لولايات دارفور د. التيجاني سيسي يصرح بأن بعض القبائل في دارفور تقتل وتدفع الدية وهي غير مبالية بما ارتكبته من جرم بقتل المدنيين بل تتكفل الحكومة أحياناً بدفع الديات نيابة عنها ولهذا صارت الأجاويد والديات غير مجدية كوسيلة لتوقيف الحرب والصراعات القبلية، ولا حتى تدخل القوات المسلحة أو القوات الدولية، لأن بعض القبائل تتسلح بأسلحة توازي أسلحة القوات المسلحة. وأصبح حمل السلاح أمراً عادياً في المدن والطرقات. إن كل المؤشرات تؤكد أن اتفاقية الدوحة رغم الجهد الذي بذلته دولة قطر وحكماء افريقيا والاتحاد الافريقي وثابو امبيكي ما عادت تشكل الحل المستدام لكارثة دارفور. ولهذا فأن تنفيذ مطالب أهل دارفور بالإقليم الواحد، والقسمة العادلة للسلطة والثروة وعودة النازحين إلى ديارهم الأصلية، ومنحهم التعويضات العادلة على الدمار الذي لحق بممتلكاتهم وضمان أمنهم بنزع السلاح من القبائل والمليشيات التابعة للسلطة وغيرها هو الذي يمثل الحل. إلا أن كل تلك الحلول – كما دلت التجربة طوال أكثر من عشر سنوات من حكم المؤتمر الوطني – لا يمكن أن تنفذها سلطته. ولهذا يجب أن يتكاتف الجميع لإسقاط هذا النظام الذي سبب الكوارث لا لأهل دافور وحدهم بل لكل أهل السودان.