كشف البروفيسير إيريك ريفز – الخبير الأمريكي في الشؤون السودانية – عن الكلفة الأخلاقية والإنسانية لتعاون المخابرات الأمريكية مع مخابرات حكومة المؤتمر الوطني في مكافحة الإرهاب . وفي مقال لاريك ريفز أمس 29 اكتوبر ، أورد بأن الإدارة الامريكية ترفض حتى مجرد إصدار إدانة قوية لممارسات حكومة المؤتمر الوطني التي تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ، كما يعرفها نظام المحكمة الجنائية الدولية . وأضاف إن هناك أدلة على طبيعة الإبادة التي يشنها نظام المؤتمر الوطني على جنوب كردفان ، وتشمل هذه الأدلة صور أقمار صناعية عن مقابر جماعية تؤكد التقارير عن إستهداف النوبة إثنياً ، إضافة إلى تقارير إضافية عن إقامة الحواجز على الطرقات وتفتيش المنازل من بيت إلى بيت لإستهداف النوبة على أساس عنصري . وفي أوائل يوليو 2011 كشف تقرير لفريق الأممالمتحدة بكادوقلي عن الفظائع الإجرامية لقوات النظام ، وقد شهد فريق الأممالمتحدة بأنفسهم على الكثير من هذه الجرائم . هذا فضلاً عن منع الإغاثة الإنسانية وإستهداف المزارع في جوب كردفان . وعزا اريك ريفز التشكيكية المغرضة حول الحقائق في السودان التي ميزت تصريحات مبعوثي الإدارة الأمريكية إلى موقف ما يسمى ب (المجتمع الإستخباري) الأمريكي . وكشف ريفز بان جون برينان – مدير وكالة المخابرات الأمريكية حالياً والمسؤول السابق الكبير في مكافحة الإرهاب – زار الخرطوم في 2 يونيو 2011 فيما بدأت العمليات العسكرية لحكومة المؤتمر الوطني في جنوب كردفان في يوم 5 يونيو . وأضاف بأن إدارة أوباما أخبرتنا بان تزامن زيارة برينان والحرب مصادفة ، وانه كان حينها في زيارة إلى المنطقة ، هذا في حين ان برينان لم يعرف كدبلوماسي ولا يمكن ان تكون الدبلوماسية احدى مهامه . وقال ريفز انه مع التحذيرات حينها عن حرب وشيكة في جنوب كردفان فان المجتمع الإستخباري الامريكي كان على علم مؤكد بما سيحدث ، وغالباً ما تكون مهمة برينان إعادة ضبط العلاقات بين نظام الخرطوم وواشنطن بشأن المعلومات حول مكافحة الإرهاب تحسباً للهجوم المحتمل . وقال انه من المؤكد ان إدارة أوباما تضع قيمة قصوى وذات أسبقية لتوفير الخرطوم لمعلومات إستخبارية في مكافحة الإرهاب ، واشار إلى تعاون صلاح قوش مع المخابرات الأمريكية لعدة سنوات ، مما أدى بحسب تقدير اريك ريفز إلى قرار الإدارة الامريكية بفصل de couple ملف التعاون في مكافحة الإرهاب عن دارفور حينها . وقال ان مجرد إعلان هذا الفصل كان محرجاً لإدارة أوباما . وأضاف ريفز ان المجتمع الإستخباري الامريكي يريد إقناع الآخرين بأنهم يحصلون على معلومات إستخبارية ذات قيمة من الخرطوم ، ويشكك عدد من الخبراء في حقيقة ذلك ، ولكن بالطبع فان كل هذا الملف سري ، وربما توضحه تسريبات جديدة من سنودن . ولكن حالياً فان أولويات الولاياتالمتحدة يمكن قياسها بصورة أفضل من تكلفة إنشاء السفارة الامريكية الجديدة التي بلغت (172) مليون دولار ، خلاف تكلفة أجهزة المراقبة والتنصت التي من المرجح أنها بلغت أكثر من ضعف كلفة المباني . ومن الواضح ان مفاوضات سرية مستمرة وصلت إلى إتفاقات تتيح بناء السفارة بالصورة التي يشتهيها المجتمع الإستخباري الأمريكي . وقال ريفز انه من زاوية إقامة محطة للتنصت في شمال افريقيا فما من مكان أنسب من الخرطوم . وأشار ريفز إلى ان زيارة مسؤول المخابرات الأمريكية جون برينان للخرطوم في يونيو 2011 غالباً ما توصلت إلى (فصل) قضية جنوب كردفان عن التعاون في مكافحة الإرهاب ، وان هذا ما يفسر الإذعان المخزي أخلاقياً لجميع المسؤولين في إدارة أوباما ، لأن للإدارة الكثير على المحك في علاقتها مع مرتكبي الإبادة الجماعية في الخرطوم . وأضاف ريفز ، هل الولاياتالمتحدةالأمريكية ، خلاف مئات ملايين الدولارات التي تنفقها على التنصت ، على إستعداد للتغاضي عن الكلفة الإنسانية التي يفرضها الطغيان الوحشي المستمر لنظام الإبادة والذي نرفض نحن في أمريكا مواجهته بتصميم حقيقي ؟! وأكد ريفز ان التغيير قادم في السودان ، عاجلاً أو آجلاً ، مع إستمرار الإقتصاد في الإنهيار وتنامي الإحتجاجات الشعبية . وعندما تأتي حكومة سودانية جديدة ، هل ترى يمكنها ان تتجاهل ببساطة الخطايا الفظيعة لتغاضى الحكومة الامريكية ؟ وقال ان هذا السؤال لا يزال غير مجاباً عليه.