المواجهات بين الشرطة والطلاب أسفرت عن مقتل أحدهم (الجزيرة) ماجد محمد علي-الخرطوم نددت قوى المعارضة السودانية بما وصفته ب"جرائم" نظام الحكم في السودان تجاه طلاب جامعة الخرطوم، وقالت إن القوى الأمنية أطلقت النار على الطلاب رغم خروجهم في مسيرة سلمية، وحذرت عقب انتهاء مراسم دفن طالب قتل برصاص الأمن من أن الحادثة قد "تبدد فرصة النظام الأخيرة في إنجاز تسوية سياسية". وجاءت هذه التصريحات عقب مقتل الطالب علي أبكر موسى أمس الثلاثاء أثناء مشاركته في مسيرة بجامعة الخرطوم احتجاجا على تصاعد العنف في دارفور (غرب البلاد)، وعقب استخدام الشرطة قنابل الغاز المدمع لتفريق المتظاهرين الذين رددوا هتافات ضد الحكومة أثناء مشاركتهم في جنازة موسى. وهتف حوالي ألف مشارك -أغلبهم من الطلاب- عقب الجنازة "سلام، حرية، عدالة"، و"الثورة هي خيار الشعب"، و"الشعب يريد إسقاط النظام"، وقذف بعضهم الشرطة بالحجارة قبل أن تفرقهم بقنابل الغاز وتصيب حوالي خمسة منهم إصابات طفيفة. واعتبرت رئيسة المكتب السياسي لحزب الأمة سارة نقد الله أن الحادثة "أثبتت لكل القوى السياسية الحية أن نظام الحكم لا يرتوي من سفك دماء السودانيين ولا يتعلم من الدروس المتلاحقة"، مشيرة إلى أن تظاهرات طلاب جامعة الخرطوم قوبلت بالرصاص الحي داخل أسوارها "رغم أنها كانت سلمية وتطالب بحماية أهالي دارفور من القتل والانتهاكات على أيدي الجنجويد". تعميق الأزمة ورأت نقد الله في تصريحها للجزيرة نت أن طريقة تعامل القوى الأمنية مع المظاهرة الطلابية "بددت فرصة النظام الأخيرة في إنجاز حل سياسي وعمقت أزمته". وقالت إنه لم يبق أمام السودانيين من خيار غير إسقاط النظام عبر انتفاضة شعبية، حسب تعبيرها. أما الناطق الرسمي باسم حزب البعث السوداني محمد ضياء الدين فقد أشار إلى أن أحداث جامعة الخرطوم أكدت استمرار قوى النظام الأمنية في "مسلسل القمع والقتل وإطلاق الرصاص على المدنيين بلا هوادة، واعتقال الطلاب دون أي مسوغات تحت غطاء من الأكاذيب العارية". واعتبر ضياء الدين في حديثه للجزيرة نت أن طريقة تعامل النظام الحاكم مع الطلاب دليل على صحة موقف أحزاب قوى الإجماع الوطني التي رهنت قبول الحوار مع النظام بجملة اشتراطات، على رأسها إلغاء القوانين المقيدة للحريات وإطلاق سراح المعتقلين. وتوقع المتحدث ذاته أن تشكل هذه الأحداث وخطاب الرئيس عمر البشير الأخير في بورتسودان خط رجعة للقوى السياسية التي وافقت على الحوار دون شروط، معتبرا أن أحداث جامعة الخرطوم لن تمر وسيكون لها ما بعدها. وهاجم القيادي في الحزب الشيوعي صديق يوسف الحكومة لتعاملها ب"العنف المفرط" مع طلاب جامعة الخرطوم، مستنكرا مواصلة السلوك نفسه باستهداف الشرطة السودانية مراسم دفن الطالب القتيل بالغاز المدمع. وقال يوسف للجزيرة نت "إن نظام الحكم في السودان قابل احتجاجا طلابيا سلميا بجريمة جديدة في إطار الجرائم التي ارتكبها لمنع الناس من التعبير عن رأيهم بشأن ما يدور في دارفور من فظاعات". " كمال عمر: أحداث جامعة الخرطوم غير معزولة عن واقع أزمة دارفور، وتعبر عن استخفاف النظام الواضح وعدم اكتراثه بأروح المواطنين " ظلال سالبة ورأى أن المناخ الذي يسود السودان الآن لا يسمح بأي حديث عن حوار، "لأن سلوك النظام الحاكم وضع الشعب السوداني أمام حقيقة واحدة، وهي أنه لا سبيل غير إسقاط هذا النظام". من جهته، يعتقد الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر أن أحداث جامعة الخرطوم غير معزولة عن واقع أزمة دارفور، وتعبر "عن استخفاف النظام الواضح وعدم اكتراثه بأرواح المواطنين"، مما يؤكد حاجة البلاد لعمل سياسي مكثف لمعالجة أزماتها. وأشار للجزيرة نت إلى أن أحداث جامعة الخرطوم ستلقي ب"ظلال سالبة على عملية الحوار بين النظام وأحزاب المعارضة، وستصعب من مهمتها في الوصول إلى تسوية سياسية، خاصة أن نظام الحكم يزيد يوميا من تورطه في ارتكاب الجرائم"، متابعا "هذا القتل يصعب مهمة القوى السياسية في العودة إلى مربع الحوار". لكن المحلل السياسي صفوت فانوس يرى أن ما حدث ليس له علاقة ولن يكون له تأثير على عملية الحوار السياسي بين الحكومة ومعارضيها. مشيراً في حديثه للجزيرة نت إلى أن أحداث جامعة الخرطوم انطلقت على خلفية احتجاج طلاب من دارفور -متهمين بالتعاطف مع الحركات المسلحة- على التصعيد في شمال دارفور وغربها والتقارير عن نزوح مائتي ألف مواطن. مضيفا "ثم إن الطالب القتيل معروف لكن غير المعروف -حتى الآن- من أطلق الرصاص، فإما أن يصل التحقيق لنتيجة أو أن يطوى مثل غيره". وكان موسى قد قُتل كما جُرح آخرون أمس أثناء محاولة طلاب من جامعة الخرطوم تقديم مذكرة لمكتب الأممالمتحدة بالسودان احتجاجا على ما يجري في شمال دارفور من قتال بين الحكومة وبعض الحركات المسلحة. وفي تعليقها على هذه الحادثة، اعتبرت الحكومة السودانية أن الطلاب المشاركين في مظاهرة الثلاثاء، ينتمون لحركات مسلحة محظورة "تسعى إلى تعكير صفو الدراسة"، مشيرة إلى أنها تحقق في مقتل الطالب، وأن الشرطة لم تستخدم سوى الغاز المدمع لتفريق الطلاب.