دخلت العلاقات الاقتصادية بين السودان وقطر مرحلة جديدة تبشر وفق اقتصاديين بنوع متقدم من الاستثمار التجاري والزراعي والصناعي الذي يحظى بدعم القيادة السياسية في البلدين، من خلال مشاركة قطرية رفيعة تمثلت في ولي العهد الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني. وقد حضر ولي العهد القطري الجلسة الختامية للملتقى الاقتصادي السوداني القطري الثالث في الخرطوم تحت شعار "نحو شراكة إستراتيجية" كما التقى الشيخ تميم الرئيس السوداني عمر البشير خلال الزيارة التي استمرت يوما واحدا. وعلى غير توقعات بعض المحللين بعدم تمكن رأس المال العربي من الاستثمار في السودان لأسباب متفاوتة، فإن انفتاح قطر على السودان بالشكل الجديد قد أعاد ربما بعض الحسابات الخاطئة. فقد وقعت الحكومتان السودانية والقطرية أمس على ست اتفاقيات ومذكرات تفاهم في ختام الملتقى السوداني القطري الثالث الذي احتضنته العاصمة السودانية الخرطوم. وعقدت جلسة مباحثات بين قطر برئاسة ولي العهد القطري، والسودان برئاسة علي عثمان محمد طه النائب الأول للرئيس بالقصر الجهموري، تناولت العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية. وشملت الاتفاقيات مذكرة تفاهم في مجال التعدين بين شركة قطر للتعدين ووزارة المعادن السودانية، ومذكرة تعاون مصرفي بين بنك الخرطوم وصرافة الفردان، وقيام مجلس الأعمال السوداني القطري المشترك، وعقد بين وكالة أجيال الطبية ومصنع قطر (فارما) للمحاليل الطبية، ومذكرة تفاهم بين لجنة التصرف في المرافق العامة وشركة حصاد القطرية، بجانب التوقيع على محضر اجتماع بين وزارة الزراعة السودانية وشركة حصاد القطرية. مشاريع استثمارية ولم تتوقف علاقات البلدين عند حدود رعاية الدوحة لملف السلام في دارفور، بل تخطته لإنشاء طريق يربط بين السودان وإريتريا بجانب مشاريع استثمارية أخرى (زراعية وصناعية وتجارية) هي بالأساس محل حاجة السودان. ووصف مدير خدمات الاستثمار بالسودان عادل عبد العزيز الفكي الاستثمارات القطرية بالمقدرة، مشيرا إلى دخولها في مجالات تنموية بعدد من ولايات السودان. ويقول الفكي إن اتجاه قطر لاستثمار وتوظيف أموالها في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات يجعل من السودان المنطقة المناسبة لذلك الاتجاه لاجتذاب حصة كبيرة منها، مشيرا إلى إمكانية قطر الاستفادة من استثمارها بالسودان في مجال الحديد وتصنيعه وتصنيع الأسمنت "حيث يتمتع السودان باحتياطيات هائلة في المجالين". نقطة تحول بينما يرى المحلل الاقتصادي محمد الناير أن الاستثمارات القطرية في السودان تشكل نقطة تحول كبيرة للاستثمار في المجالين المصرفي والعقاري، يشير إلى نية قطر تنفيذ أضخم المشروعات العقارية بالبلاد. ولم يستبعد في حديثه للجزيرة نت إمكانية تطور الشراكة بين السودان وقطر في مجال المعادن لما للأخيرة من رغبة ومقدرات مالية كبيرة، معتبرا أن اتفاقيات العمل المصرفي بين البلدين ربما تحدث تحولا كبيرا في مجالات العمل المصرفي بجانب المعادن. ويقول في تعليقه للجزيرة نت إن الاتجاه المشترك للدولتين للتعاون في مجالي الزراعة والصناعة بجانب الأدوية ومجالاتها المختلفة "يمكن أن يشكل خطوة إيجابية تعين الطرفين في توفير حاجياتهما من ذلك الإنتاج المشترك". ورأى أن العلاقة بين الدولتين في أفضل حالاتها "مما يشير إلى أنها بحاجة لاستثمارات تتوافق مع حجمها الحقيقي" مشيرا في الوقت ذاته إلى ضعف التبادل التجاري بين الخرطوموالدوحة "لأنه لم يرق بعد لحجم العلاقة بينهما". مطلوبات حالية ومن جهته اعتبر مستشار سوق الخرطوم للأوراق المالية علي عبد الله علي أن اتجاه السودان نحو الوطن العربي ودخول الاستثمارات العربية إلي البلاد "يمثل أهم مطلوبات المرحلة الحالية" مشيرا إلى الحاجة الماسة للاستثمار في المجال الزراعي. ورأى أن التركيز القطري "انصب حول مجال الخدمات" داعيا إلى الانتقال به إلى مجالات الزراعة والصناعة "لأنهما يمثلان الاستثمار الحقيقي". وقال للجزيرة نت إن الجهد القطري في كافة المجالات والقضايا "يمثل نقلة نوعية في التعامل العربي مع البلاد" مشيرا إلى أن ذلك كله بحاجة إلى استقرار سياسي كامل.