رغم المفاجأة التي حملها نبأ مقتل الدكتور خليل إبراهيم قائد حركة العدل والمساواة لكافة أطياف الحياة السياسية في السودان، فإن ذلك لم يمنع بعضها من اعتبار الأمر إنجازا كبيرا يستحق الاحتفاء. وفي مقابل ذلك، يرى محللون أن الأمر لم يعد محلا للاحتفاء، بقدر ما هو مدعاة للتوقف والبحث في مصير ما يمكن أن تؤول إليه أوضاع دارفور، والبلاد عموما. وفي حين لجأ عدد كبير من المسؤولين في حكومة الرئيس السوداني عمر البشير إلى التبشير بإيجابيات مقتل رئيس حركة العدل والمساواة، حذر محللون سياسيون من مغبة الإفراط في التفاؤل بنهاية جسم من أجسام التمرد المهمة في دارفور. لكن ذلك كله لم يمنع الطرفين من الاتفاق على إمكانية أن يؤدي مقتل خليل إبراهيم إلى إضعاف دور الحركة في قيادة التمرد، عن الشكل الذي كان سائدا من قبل. وكان الجيش السوداني قد أعلن في وقت مبكر من صباح اليوم الأحد أنه قتل زعيم حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور خليل إبراهيم بمنطقة بولاية شمال كردفان المحاذية لدارفور، في اشتباكات أعقبت هجوما للمتمردين على المنطقة. فقدان شرعية وقال وزير الإعلام -الناطق الرسمي باسم الحكومة- عبد الله علي مسار إن مقتل خليل إبراهيم يؤكد أن الحركات المسلحة أصبحت تفقد أهليتها ومشروعيتها، في ظل انتهاكاتها المتكررة ضد ممتلكات وأرواح المدنيين الآمنين. ودعا مسار -في تعليقه للصحفيين- حركة العدل والمساواة "رغم مقتل قائدها وإمكانية تلاشيها" إلى السلام، مشيرا إلى أن قائد العدل والمساواة كان ينوي الاتجاه إلى دولة الجنوب للبحث عن حاضن جديد بعد انهيار نظام العقيد القذافي. أما وزير الداخلية إبراهيم محمود حامد، فاعتبر مقتل خليل إبراهيم رسالة لكل المتمردين وحملة السلاح "الذين ما زلنا ندعوهم للجلوس إلى طاولة الحوار لحلحلة القضايا الخلافية والوصول لحلول سلمية تحقق مصالح البلاد". وأكد للصحفيين أن العدل والمساواة "فقدت وجودها على الأرض وبالتالي حلت نهايتها بمقتل زعيمها"، مشيراً إلى اعتداءاتها المتكررة على المواطنين وممتلكاتهم. مستقبل الصراع وفي المقابل، يستبعد المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر أن يؤدي مقتل زعيم "العدل والمساواة" إلى نهاية صراعها مع الحكومة، متوقعا في الوقت ذاته إمكانية تطور النزاع "بوسائل أخرى". وقال خاطر للجزيرة نت "إن انتقال النزاع لشمال كردفان يعني امتداده لمساحات أخرى، بغض النظر عن مقتل خليل من عدمه"، داعيا إلى مواجهة الحقائق بالجلوس مع كافة المتمردين لمعالجة الأزمة. ويرى خاطر أن السودان محاط بمشاكل أخرى، و"ليس هناك من أمل غير أن تستجيب الحكومة وبخطوات متسارعة لدعم السلام، وفتح أبواب الحوار من جديد مع كافة قوى المعارضة بما فيها حركة العدل والمساواة". أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم الطيب زين العابدين فاعتبر مقتل خليل إضعافا لحركة العدل والمساواة، مشيرا إلى عدم وجود قيادة حقيقية لخلافته. ولم يستبعد زين العابدين -في حديث للجزيرة نت- إمكانية انقسام الحركة أو لحاقها بوثيقة الدوحة لسلام دارفور، متوقعا قيام مجموعات من الحركة بعمليات جزئية جريئة ضد الحكومة "كرد فعل غاضب على مقتل قائدها". وأكد ضرورة اجتهاد الحكومة في إلحاق الحركة بوثيقة الدوحة، من خلال فتح حوار جاد مع قادتها الجدد، "لأن عدم التوافق الحقيقي بينها وبين متمردي جنوب كردفان والنيل الأزرق يقربها كثيرا من الحكومة". ويرى زين العابدين أنه لا مستقبل سياسيا للجبهة الثورية السودانية التي تضم الحركة الشعبية وحركة تحرير السودان بجناحيها وحركة العدل والمساواة، "مما يوجب على الحكومة الإسراع باتجاه فتح باب الحوار مع القادة الجدد للعدل والمساواة، بعيدا عن الاحتفاء بمقتل خليل وما يتوقعونه من انهيار في حركته عبر الزمن".