شاهد بالفيديو.. الفنان شريف الفحيل يبكي بحرقة ويذرف الدموع خلال بث مباشر تابعه الآلاف بسبب خلاف مع شقيقه ومتابعون: (ما تنشروا مشاكلكم العائلية على الملأ)    بعد حضور والده من المملكة.. جثمان التيك توكر السوداني جوان الخطيب يوارى الثرى بمقابر أكتوبر بالقاهرة ونجوم السوشيال ميديا يناشدون الجميع بحضور مراسم الدفن لمساندة والده    شاهد بالفيديو.. الفنانة رؤى محمد نعيم تعلن فسخ خطوبتها من شيخ الطريقة (ما عندي خطيب ولا مرتبطة بي أي زول)    شاهد بالفيديو.. الفنان شريف الفحيل يبكي بحرقة ويذرف الدموع خلال بث مباشر تابعه الآلاف بسبب خلاف مع شقيقه ومتابعون: (ما تنشروا مشاكلكم العائلية على الملأ)    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    مطار دنقلا.. مناشدة عاجلة إلى رئيس مجلس السيادة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    قطر تستضيف بطولة كأس العرب للدورات الثلاثة القادمة    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نؤيد إيصال الاغاثة بتدخل من الأمم المتحدة لأن الأولوية حياة المواطن وليست الآيديولوجيا
نشر في سودانيات يوم 07 - 02 - 2012

قدم الدكتور الشفيع خضر القيادي في الحزب الشيوعي السوداني – مداخلة عميقة حول علاقة العوامل الخارجية بالداخلية في حوار مع صحيفة (الشبيبة) .
وقال ( .. نفهم المناقشات الدائرة حول مفهوم السيادة الوطنية، ومفهوم حماية الشعوب، بالنسبة لقضية السودان في ظل “الإنقاذ"، ومحاولات الشعب السوداني التخلص منها، لا أظنها ستصل مرحلة استدعاء قوات من الخارج لتنقذنا من الإنقاذ).
واضاف ( ... لم نعترض على تدخل قوات الأطلسي في ليبيا، ولم نعترض على قوات الأمم المتحدة في دارفور، ومؤيدون للمحكمة الجنائية الدولية، باعتبارها آلية من آليات العدالة الدولية، وكحزب نؤيد الأشكال التي أفرزتها حركة المجتمع الدولي، وتتماشى مع طموحات وأماني الشعوب).
وقال ( ... قضية إسقاط النظام قضية تحل من الداخل إلى الخارج، أما حلها من الخارج إلى الداخل، فقد يرتب وضعاً قابلاً للانفجار في أية لحظة، يعيد إنتاج الأزمة مجدداً... نرفض تماماً استدعاء أي عامل خارجي لإسقاط النظام، لانه سيدخلنا في أزمة لن تنتهي أبداً... لأن للخارج أهدافه ومصالحه التي يسعى إليها، وأنه أمر “دخيل" على الحركة الوطنية السودانية، وعلى “السيكولوجيا السياسية" للمواطن السوداني، ولإيماننا أن العامل الداخلي للتغيير هو العامل الأهم، فإذا نضج لن ننتظر تدخلاً أجنبياً).
وقال ( كان موقفنا واضحاً من قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في دارفور “اليوناميد"، لقد كنا مع دخولها، فيما كانت كثير من القوى الشيوعية واليسارية ترى فيه “خنجراً مسموماً" في خاصرة الدولة القومية، لحماية مصالح الدول الغربية، لأن معيارنا كان “الحماية" ولم نخضعه لأية اعتبارات آيديولوجية.
الآن نؤيد ايصال مواد الإغاثة للمواطنين في النيل الأزرق وجنوب كردفان بتدخل من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، لأن الأولوية لنا حياة المواطن وليست الآيديولوجيا).
(نص الحوار أدناه) :
( حوار – أحمد يونس) :
أقر السكرتير السياسي وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني د. الشفيع خضرواحد قادة المعارضة السودانية بضعف المعارضة، وفشلها في إسقاط نظام الرئيس البشير، وفي ذات الوقت قال: إن النظام نفسه ضعيف، لأنه لم يستطع القضاء على المعارضة، وأن الضعف المتبادل وصل لمرحلة سماها ب"توازن الضعف"على حد قوله ، وأن “توازن الضعف" هذا لن يستمر طويلاً، بل سيختل لصالح حركة الشعب.
وقال القيادي السوداني المعارض ل"الشبيبة": إن حزبه يرفض التدخل الدولي لإسقاط نظام “الإنقاذ"، لأن فكرة التدخل “دخيلة" على تقاليد الحركة الوطنية السودانية ، وعلى “السيكولوجيا" السياسية للسوداني. وأن قضية إسقاط النظام قضية داخلية، وحلها من الخارج قد يرتب وضعاً قابلاً للانفجار، بيد أنه قال: إن حزبه يؤيد تدخلاً دولياً لإيصال المعونات الإنسانية للمتأثرين بالحرب في مناطق النزاع بجنوب كردفان والنيل الأزرق، إضافة لتأييده لقرارات المحكمة الجنائية الدولية بشأن السودان.
رؤية خاصة للحزب
* أيد الحزب الشيوعي السوداني مقررات اجتماع الأحزاب الشيوعية في دمشق العام 2009م، وهي تناقض نظرة الأحزاب الشيوعية الكلاسيكية للصراع العربي الإسرائيلي، وتعتبره صراعاً طبقياً، هل هذا فهم جديد..؟
تأثرت كثير من الأحزاب الشيوعية بوجهة نظر الحركة الشيوعية العالمية، وتحديداً في المشرق العربي، ما ألقى بظلاله على طريقة تفكيرها. نحن ناقشنا القضية من الزاوية التي توصل لها الاجتماع منذ وقت مبكر.
اكتشفنا “الفرق" بين قومية الصراع، وبعده الطبقي، وأن البعد القومي لقضية فلسطين هو الأساس، فيما يحتل الصراع الطبقي موقعاً ثانوياً. وأننا إذا اعتمدنا على البعد الطبقي للصراع وحده، فلن تستطيع فهم الكثير من القضايا، وأن معالجة الإثنية والعنصر والقومية، وفقاً للتحليل الطبقي تحتاج لمجهود وتفكير جديد. ليس في هذا التفكير “خروج عن نص" أو تراجع عن أيديولوجيا، بل هو مواجهة الحالة المحددة في المنطقة المحددة بما يناسبها، وهذا من صميم المنهج “الديالكتيكي" (الجدلي).
تجمع واسع للمعارضة
* كأنك تقول: إن الحزب الشيوعي السوداني سبق بقية الأحزاب الشيوعية في العالم بوعيه الماركسي الجديد..؟
لا أقول بهذا، فنحن في السودان لا نحب مدح أنفسنا عموماً، وأن أحزاباً كثيرة تبنت ذات الاتجاهات، ونحن ضد العمل بالشعارات والتحليلات الموجودة في الكتب، بل ننظر لما تحويه الكتب باعتباره “تجربة"، وإلى الاستنتاجات الفكرية الموجودة فيها بمثابة “أدوات"، ونستمد نظرتنا للقضايا من الواقع ونتعامل معها وفق شروطه.
موقفنا هذا أدهش أحزاباً شيوعية كثيرة، فعقب انتفاضة أبريل 1985م، كنا ضد وحدة اليسار، ورفضنا التخلي عن مفهوم “قوى الانتفاضة" لصالح قوى اليسار، لأن البلاد وقضاياها كانت بحاجة لتجميع قوى الانتفاضة. الآن نحن مع “تجمع المعارضة الواسع" لوقف الحرب والحفاظ على الدولة السودانية. هذه قضايا أوسع من أن يحصرها مفهوم اليسار أو مفهوم التقدمية، هذه اجتهاداتنا كشيوعيين سودانيين.
* هناك مصطلحات جديدة، مثل “جدل الهامش والمركز"، كيف يمكن “تقعيدها" وفقاً لمنهج حزبكم .؟
لم يتوقف المنهج الماركسي في حدود مقولات “ماركس" و"أنجلز" والكتّاب السوفييت، هناك مجموعات انطلقت من الماركسية وطورت أفكاراً جديدة.
تكلم المفكر المصري د. سمير أمين عن علاقة الطرف بالمركز، وآخرين في أفريقيا وأمريكا اللاتينية ناقشوا مفهوم الدولة التنموية الديمقراطية، وهي مفاهيم فيها كثير من التطور يتجاوز المفاهيم الكلاسكية في الأدب الماركسي التي يؤمن بها الشيوعيون السوفييت أو الشيوعيون في بلاد الشام.
نحن نعيش أزمة بناء دولة ما بعد الاستقلال، وتتعلق ببناء دولة فشلت أنظمة الحكم في حلها.
تأسست في الستينات مجموعات مثل “رابطة أبناء القولد، جمعية تطوير دارفور"، هاجمها البعض باعتبارها “عنصرية"، ورفض الحزب الشيوعي ذلك، لأن مشاكلها لم تحل في إطار الدولة القومية، ولم تجب المجموعات الحاكمة على تساؤلاتها حول المشاركة في الحكم، واعتبرها “أدبنا" مرحلة من مراحل تطور الثورة الوطنية الديمقراطية، هذه المطالب قائمة حتى الآن: “التوزيع العادل للسلطة والثروة، مراعاة التعدد الإثني والثقافي"، لكنها أخذت بعداً مختلفاً. ننظر لجدل الهامش والمركز عبر المواءمة بين الصراع الطبقي والصراع الإثني الذي يعبر عن تطلع المجموعات القومية لتكون جزءاً “السودان".
أزمة فكرية
* عقد أيضاً اجتماع في العاصمة اليونانية “أثينا" للأحزاب الشيوعية والعمالية في العالم، هل شارك فيه الحزب الشيوعي السوداني؟
كان يفترض مشاركتنا فيه، ولظروف خاصة حدثت في اللحظة الأخيرة لم نشارك، شاركنا في الاجتماع السابق له، فهو اجتماع دوري.
* أقر اجتماع أثينا أن الأحزاب الشيوعية عموماً تعيش أزمة فكرية وسياسية وتنظيمية، أيعيش حزبكم ذات الأزمات؟
وضع انهيار الاتحاد السوفيتي أشياء كثيرة تحت “المجهر"، ما تطلب إعادة النظر في كثير من المسلمات التي تبدأ من فكرة “الانهيار" نفسها، لأنه أزمة بحد ذاته، ومن يصفها بأنها “حدث" يهم الاتحاد السوفييتي وحده يغرد خارج التاريخ.
لم تكن الأحزاب الشيوعية تقدم النظرية للجماهير في جزء كبير من خطابها، بل كانت تقدم لهم المثال “السوفيتي"، وانهار هذا المثال، رغم أن “الحتمية" كانت تقتضي تطور التجربة المثال فإذا بها تنهار، فدخلنا في أزمة، للخروج منها يجب الاعتراف بها، وتقديم حلول لواقع استجد بعد الانهيار.
تنظيمياً لا يمكننا التعاطي مع التفكير التنظيمي القديم في عصر ثورة المعلومات، فالمتغيرات الواقعية تنعكس علينا تنظيمياً وفكرياً وسياسياً، وتفرض تقديم “تنظير جديد".
عودة للماضي
* بدت بعض مقررات اجتماع الأحزاب الشيوعية الأخير متأثرة بمرحلة ما قبل سقوط الاتحاد السوفييتي وتحالفاته، لذلك دعت للتضامن مع النظام السوري باعتباران ما يحدث مؤامرة إمبريالية، هل يشترك الحزب الشيوعي السوداني في مثل هذا الموقف ويؤيده؟
لو أننا شاركنا لاعترضنا على هذه التوصية، رغم فهمنا للتخوفات الناجمة عن البعد الاستراتيجي و"الجيوسياسي" لسوريا، وعلاقة انهيار نظام الأسد بالتوازن الإيراني الغربي، والتوازن التركي العربي، والتوزان مع روسيا وبلدان آسيا، ولا نعطي هذا التوازن أولوية على حساب مطالب شعب سوريا، بغض النظر عن من يحمل “رأس الرمح" في هذه المطالب، نحن نعد الديمقراطية من القضايا الأساسية، أما إذا اقترحت حلولاً لقضايا الديمقراطية والحريات والتوازن الجيوسياسي في سوريا فسنقبل بها.
كان موقفنا واضحاً من قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في دارفور “اليوناميد"، لقد كنا مع دخولها، فيما كانت كثير من القوى الشيوعية واليسارية ترى فيه “خنجراً مسموماً" في خاصرة الدولة القومية، لحماية مصالح الدول الغربية، لأن معيارنا كان “الحماية" ولم نخضعه لأية اعتبارات أيديولوجية.
الآن نؤيد توصيل مواد الإغاثة للمواطنين في النيل الأزرق وجنوب كردفان بتدخل من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، لأن الأولوية لنا حياة المواطن وليست الأيديولوجيا.
نرفض التدخل الخارجي
* هل يمكن أن يتطور هذا الموقف ليصل مرحلة مطالبة الحزب الشيوعي بتدخل دولي للمساعدة في إسقاط النظام السوداني؟
نحن ضد هذا التدخل تماماً، كنا نرى في اتفاقية السلام التي تمت برعاية دولية وبتدخل الولايات المتحدة الأمريكية، بأنها نتاج “تدخل هش"، وبعيدة عن الحل الشامل.
قضية إسقاط النظام قضية تحل من الداخل إلى الخارج، أما حلها من الخارج إلى الداخل، فقد يرتب وضعاً قابلاً للانفجار في أية لحظة، يعيد إنتاج الأزمة مجدداً.
كان يجب أن تسير العملية في اتجاه حلول تحقق وحدة السودان، لكن المجتمع الدولي كان معنياً بإيقاف الحرب، ولو أدى لانفصال السودان. نرفض تماماً استدعاء أي عامل خارجي لإسقاط النظام، لأنه سيدخلنا في أزمة لن تنتهي أبداً..
* تخوفات من الاستعمار..؟
يمكن أن تكون هناك تخوفات من شكل ما من أشكال الاستعمار، لأن للخارج أهدافه ومصالحه التي يسعى إليها، وأنه أمر “دخيل" على الحركة الوطنية السودانية، وعلى “السيكولوجيا السياسية" للمواطن السوداني، ولإيماننا أن العامل الداخلي للتغيير هو العامل الأهم، فإذا نضج لن ننتظر تدخلاً أجنبياً.
* ألا يستند موقفكم هذا على مفاهيم الحرب الباردة، ولا يستوعب المتغيرات الجديدة في العالم الواحد، ومفهوم السيادة الوطنية الجديد، وغيره من مفاهيم القرن الواحد وعشرين..؟
لم نعترض على تدخل قوات الأطلسي في ليبيا، ولم نعترض على قوات الأمم المتحدة في دارفور، ومؤيدون للمحكمة الجنائية الدولية، باعتبارها آلية من آليات العدالة الدولية، وكحزب نؤيد الأشكال التي أفرزتها حركة المجتمع الدولي، وتتماشى مع طموحات وأماني الشعوب.
ونفهم المناقشات الدائرة حول مفهوم السيادة الوطنية، ومفهوم حماية الشعوب، بالنسبة لقضية السودان في ظل “الإنقاذ"، ومحاولات الشعب السوداني التخلص منها، لا أظنها ستصل مرحلة استدعاء قوات من الخارج لتنقذنا من الإنقاذ.
توازن الضعف
* تعاني المعارضة السياسية من ضعفها الذاتي والموضوعي، كيف يمكن أن تواجه نظاماً مثل نظام الإنقاذ؟
موافق على معاناة المعارضة الذاتية، وضعف أدائها ونظامها، لكن الواقع يقول: إن هناك “توازن ضعف". لا النظام قضى على المعارضة ليحكم بارتياح، رغم تصريحات رموزه “العنترية"، فهو يزعم أنه أجرى انتخابات نحن نقول زورها وحصل على الأغلبية التامة، وبعد أقل من سنة بدأ البحث عن حكومة “قاعدة عريضة"، فيما يحارب في عدة جبهات، ويستخدم أقصى درجات القمع، ويسيطر الصحافة.
هذا نظام ضعيف، لم يستطع القضاء على المعارضة، ولم تستطع المعارضة الإطاحة به، هذه لحظة “توازن الضعف"، ولن تستمر طويلاً، سيختل هذا التوازن، وتقول التجربة التاريخية إنه دائماً يختل لصالح حركة الشعب. فإما أن يتفجر النظام من الداخل، أو أن تزيد معدلات الضغط ما يولد انفجاراً جماهيرياً.
خطاب المعارضة المتناقض قد يتيح له فرصة الاستمرار، واستمراره قد يدفع الشعب لتغييره، ثم تلحق المعارضة بعدها، كما حدث في ثورتي أكتوبر 1964م، وأبريل 1985م، إذ كانت الأحزاب تلهث خلف حركة الشارع، ولأنها تملك القدرة التنظيمية كانت البديل، وحدث هذا في الثورة المصرية. على المعارضة تقوية نفسها وآلياتها لأن الشارع سيتخطاها ويسقط النظام وقد يتخطاها بديلاً له.
* ألا يمكن أن ينتج من “توازن الضعف" الذي أشرت إليه قوة ثالثة تسيطر على الأوضاع، كحدوث انقلاب عسكري مثلاً..؟
كل الاحتمالات واردة في لحظات توازن الضعف، ومن يفكر في انقلاب عسكري فإن احتمالاته إما أن يضع يده مع المعارضة، أو انقلاب أن يزيد من قمع النظام الحاكم، واستمرار الوضع القائم، وهنا تأتي أهمية تقوية المعارضة لتلعب دورها في لجم العنف الذي قد يؤدي لتفتت الدولة السودانية. لأن التجربة أثبتت أن نظام الإنقاذ غير مسؤول فيما يتعلق بوحدة البلاد هذا الكلام على مسؤوليتي ولا يهتم أن تتشظى تدريجياً، لقد سمح بذهاب الجنوب كأنه يتخلص من طرف “خبيث"، ولم يهتم لاقتطاع جزء من أرض ووجدان الشعب.
ثم واصل الحرب في النيل الأزرق وجنوب كردفان ورفض اتفاق أديس أبابا الإطاري وأي تفاوض، كأنه يريد إيصال المحاربين في هذين المنطقتين لمرحلة المطالبة بحق “تقرير المصير".
على المعارضة مواجهة هذا النظام وتحمل مسؤولية منع احتمالات التفتت، وإقناع المسلحين بألاّ يكون همهم اقتطاع الجزء الذي يسيطرون عليه من البلاد، بل تحويل عملهم المسلح إلى عمل سياسي ينهي الأزمة في البلاد.
هناك احتمال ثالث عبر التوصل لحل السياسي تفاوضي، تقف معه مجموعة من النظام، بدأت تباشيره ب"المذكرات" داخل الحزب الحاكم، وداخل القوات المسلحة.
حل تفاوضي
* في حالة الوصول إلى حل تفاوضي، هل يعني هذا العودة لشعار “عفى الله عما سلف" كما حدث عقب ثورتي أكتوبر وأبريل..؟
أي حل يتناسى الماضي وما حدث يجب أن يكون مؤقتاً، لأن لا يمكن تناسي: “قطع الأرزاق والأعناق، والضرب حتى الموت".
التجربة البشرية أثبتت أن الحلول التفاوضية تعني الاعتراف بالأزمة، والمعارضة تعترف بها، والنظام غير معترف، فإذا تفاوضنا في هذا الوضع لن يتعدى التفاوض “المشاركة". كما أثبتت أن نقاش “انتهاكات حقوق الإنسان" لا يجب حجبه مقابل التفاوض، وأن نترك للطرف المتضرر أشياءه ليقدمها حسب ميزان القوة وأولوياته.
ولن يكون التفاوض ناجحاً إذا كان هدفه استعادة الحريات والديمقراطية، لأن الحريات والديمقراطية ليست قضية يتفاوض عليها، بل يجب أن تكون هي “عربون التفاوض"، والمظلة التي تظلل الجو الذي يتم التفاوض فيه، وأن يذهب التفاوض إلى قضايا مثل شكل الدولة والمشاركة في الحكم، الاقتصاد، واستصحاب تجارب التفاوض، مثل تجربة “جنوب إفريقيا" التي انتقلت بالتفاوض إلى نظام ديمقراطي، ولم نشهد انتقامات وقتل في الشوارع، بسبب آلية التفاوض الممثلة بالاعتراف بالانتهاك، والشروع في “المصارحة والحقيقة".
لا امكانية للحرب
* نذر الحرب بين الشمال والجنوب، هل تصل لحد الاحتراب المباشر، وما هو دور القوى السياسية في الحيلولة دون الحرب؟
حسب منطق الأشياء لا توجد إمكانية للحرب، فالشمال تعب من حرب طويلة أفقدته ثلث مساحته وسكانه، والجنوب خرج من حرب طويلة ليبني دولته، ومصلحة الطرفين تقتضي عدم حدوث الحرب، والمجتمع الدولي يسعى لمنعها.
لكن ما يصاغ في علم السياسة لا يجد رواجاً في السودان الذي يشتغل فيه مسرح “اللا معقول"، هناك تهديد جدي بدخول البلاد في حرب أهلية جديدة بعد أن أوقفت أخرى.
لأن ما يحدث في السودان ضد منطق الأشياء، فإن احتمال الحرب أصبح وارداً، على الأقل بسبب ما نسمعه من تصريحات نارية.
* ما العمل إذن..؟
نحن ندعو ل"وقف الحرب"، في النيل الأزرق وجنوب كردفان، ومنع نشوب الحرب بين الجنوب والشمال، ونعمل على إنشاء جبهة واسعة، حتى ولو اقتصر هدفها على وقف الحرب، ونعتبرها كحزب دعوة أساسية. كما نرفض وصف نظام الإنقاذ لمن يرفضون الحرب أنهم ضده، ويصنفهم مع الطرف الآخر، ك “طابور خامس".
وندعو للعمل مع القوى السياسية والشعبية لخلق جسر بين شعبي جنوب وشمال السودان للضغط على الحكومتين لمنع الحرب وفرض آليات التفاوض للاتفاق على القضايا المختلف عليها.
نحن ضد من يعتقدون أن استمرار الحرب لابد منه، لأنه يحقق هدفهم بإسقاط النظام، لأنه استخدام ل"وقود بشري" للوصول لأهداف سياسية، حزبنا يربأ بنفسه عنه.
لا علاقة لهذا الموقف بمطالب حملة السلاح، ولا يستطيع الحزب الطلب منهم الاستمرار حتى إسقاط النظام، أولويتنا وقف الحرب، لأن حياة المواطن الأولوية القصوى، سوى من كان في مناطق العمليات أو جندياً في القوات المسلحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.