حملت زيارة الرئيس التشادي إدريس ديبي إلى الخرطوم الاثنين الماضي دلالات ومعاني ورسالة للعالم بان جمهورية تشاد وشعبها يظل الشقيق الدائم للسودان والعلاقات التي تربط بين الشعبين أزلية وإستراتيجية كما عبر عنها الرئيسان في مؤتمرهما الصحفي المشترك بقصر الضيافة عقب المباحثات ، وتحمل دلالات أخرى تتمثل فى مواجهة تحديات المؤامرة ضد السودان بما يعرف بالجنائية الدولية، وأيضا انتقال العلاقة من مرحلة العاطفة إلى مرحلة الإستراتيجية، وكذا ما رشح من قرارات رئاسية من الجانبين حيال مشروعات التنمية المشتركة، فتوجهنا إلى مهندس إعادة وتطوير العلاقات السودانية التشادية الأستاذ حسن محمد عبدالله برقو الأمين العام للتوأمة السودانية التشادية والقيادي بالمؤتمر الوطني ، وسألناه عن دلالات الزيارة ، وموضوعات المباحثات التي جرت بين الرئيس البشير وديبي ، والوضع الآن على الأرض في كل المشروعات الاقتصادية المشتركة ، وفيما يلي الحوار: س: أهداف زيارة ديبي للسودان ونتائجها ؟ ج: زيارة الرئيس ديبي للسودان لها دلالات كبيرة جداً وقد تم الترتيب لها بفهم ، وليست صدفة وكان الغرض الأساسي من الزيارة هو ان الرئيس ديبي يريد أن يرسل رسالة للمجتمع المحلي والإقليمي والدولي أن تشاد هي الشقيقة الدائمة للسودان وعلاقتها ليست مرحلية انما استراتيجية، لذا جاءت الزيارة مباشرة بعد الموقف السيئ والسلبي الذي اتخذته كينيا تجاه فخامة الرئيس عمر البشير ، وكما هو معروف أن مذكرة المحكمة الكينية ومن يقف وراءها كانت رسالة الغرض منها تحريض المجتمع الدولي على الاستمرار في استهداف السودان وتبيان أنه رغم جهوده في اقرار السلام بدارفور وتوقيع وثيقة الدوحة وتنفيذ اتفاق السلام مع الحركة الشعبية الذي أدى لفصل الجنوب وغيرها من الجهود حول الوفاق الوطني والإصلاح ، اردوا أن يقولوا أن كل ذلك لا يشفع للحكومة السودانية لهذا جاء نسج هذه المؤامرة التي استهدفت رمز السودان، إلا أن أشقاء الشعب السوداني في تشاد قالوا كلمتهم انهم مع السودان ، والعلاقة استراتيجية حقيقية وليست مرحلية أو تكتيكاً وأيضاً فحوى الرسالة يتضمن ان تشاد لن تغير موقفها الداعم للسودان. والدلالة الثانية من الزيارة ان العلاقة بين البلدين انتقلت من المرحلة العاطفية إلى الاستراتيجية ، وهنا يحضرني أن الفت إلى أن العلاقة الاقتصادية والشراكة في مشروعات التنمية تمثل حصانة ومناعة للعلاقة السياسية التي تجاوزت مرارات الماضي ، ولكن التحسب لاي شيء يجب أن يكون وارداً وحاضراً ، والعلاقة الاقتصادية بين الشعبين هي الضامن لاستدامة العلاقة الأخوية ، لهذا جاءت زيارة الرئيس التشادي ديبي لوضع اللمسات الأخيرة للمشروعات الاستراتيجية بين البلدين وفي مقدمتها خطوط السكك الحديدية وهي تمثل نقلة كبيرة في العلاقات وتطورها. والدلالة الثالثة في رسائل زيارة ديبي للسودان والحديث للسيد حسن برقو ، الوضع الآن في دارفور ، فحديث الرئيس ديبي عن الوضع في دارفور كان ذو دلالات ، حيث أن زيارات الرؤساء والمبعوثين والمسئولين في السابق كانت موجهة لمناقشة ازمة دارفور ، و حديث ديبي الآن عن عودة اللاجئين من تشاد يمثل رسالة للمجتمع الدولي ، ان اللعب بكرت دارفور انتهى ، ولم يعد له وجود ، ولذا يمكن ان أصف زيارة الرئيس إدريس ديبي إلى السودان يوم الاثنين الماضي بأنها من أنجح الزيارات ، وما يؤكد ذلك أنني تلقيت اتصالا هاتفياً من فخامة الرئيس ديبي بعد وصوله انجمينا وجهني فيه بالعمل فوراً في مشروع السكة حديد محور ادري أبشي حتى قبل أن تبدأ الحكومة السودانية مناقشة هذه القضايا . س: الوضع على الأرض فيما يلي مشروع السكة حديد الرابط بين البلدين ؟ ج: الآن توصل الطرفان إلى أن العمل في محور خط السكة حديد ( نيالا - ادري ) يجب أن يبدأ أولاً ، قبل أدري أبشي داخل الحدود التشادية ، وعليه بقدر ما يمثل خط نيالا أدري خدمة للبلدين إلا أن استفادة السودان أكبر، باعتبار أن ميناء بورتسودان سيكون معبراً حيوياً ومهماً لكل البضائع المتجهة إلى دول وسط أفريقيا، وبالتالي يمثل ذلك مشروعا ذو جدوى اقتصادي مهم للسودان، لذا نحن قمنا باستعجال التنفيذ في هذا الخط ، حتى تسهل بقية الخط داخل تشاد وتكتمل بالتالي العملية ونجني ثمارها. وبعد ان تلقيت توجيهات الرئيس ديبي اتصلت مباشرة بالشركات الصينية المنفذة للمشروع لعقد اجتماع في انجمينا يوم 19 من الشهر الجاري لكي تبدأ فوراً في العمل .. وهذا تأكيد آخر لنجاح الزيارة. س: ما هو الموقف حول تمويل هذا المشروع ؟ ج: اتفق السودان وتشاد بالنسبة لتنفيذ مشروع السكة حديد الرابط بينهما ، بأن يتولي التنفيذ شركة صينية واحدة للخط من نيالا إلى كترى بطول 1800 كلم ، وأيضاً التمويل من البنوك الصينية ، بضمانات بنكية من الحكومتين ، وفي انجمينا قبل أسبوع وقعنا آخر صفحة من العقد في إطار القرض الصيني لتشاد والذي بلغ ملياران من الدولارات ، وعلى الجانب السوداني تبقي خطوة صغيرة لاكمال الاتفاق حول هذا الأمر ، وبلغني الاخ وزير النقل فيصل حماد أن وفد الشركة الصينية سيحضر إلى الخرطوم خلال اسبوع ، ليبدأ التداول والتوقيع على عقد التنفيذ والتمويل ، وقد نزل توجيه من فخامة الرئيس البشير لوزير المالية حول هذا الامر، ونعمل لان يبدأ المحوران في وقت واحد أو متقارب. س: وماذا بشأن الطريق القاري البري؟ ج: اتفقنا أن يكون خط السكة حديد من نيالا إلى أدري ثم أبشي موازياً للطريق البري المسفلت وبالتالي تكون الإجراءات موحدة فيما يخص الكباري والمحطات ، وذلك لسرعة المعالجة والتدابير في حالة حدوث عطل ، والناحية الثانية تأمين الخطين السكة حديد والطريق المسفلت ، وتفادياً لحدوث أي اشكالات أخرى ، وايضا بتشييد الخطين متقاربين ومتوازيين يقتضي ذلك تقديم خدمات وتطوير للمناطق التي يمر بها خط السكة حديد والطريق البري. { تقييمك للعلاقات السودانية التشادية على ضوء الزيارات المتبادلة للرئيسين والمسئولين . ج: أقول ما قاله السيد الرئيس عمر البشير باننا تجاوزنا المرحلة الماضية إلى مراحل هي من أفضل الحالات في العلاقات بين البلدين وضعية وغاية في العلو والمتانة ، ولا رجعة عن ذلك ، وهذا القول يكفي وهو تقييم ما بعده حديث أو رأي. س: وضع حجر الاساس للمشروع في كل من نيالا وابشي هل هناك ترتيبات لحضور الرئيسين الحدث ؟ ج: نعمل الآن ترتيباتنا ليكون وضع حجر الأساس لمحطتي البداية لمشروع السكة حديد الرابط بين البلدين متقارب في التوقيت ، وسيشرف الرئيسان البشير وديبي الحدث بالحضور والمشاركة. س: ماذا بشأن القوات المشتركة في الحدود والوضع الأمني ؟ ج: الوضع الامني كلنا يعرف ويعلم ما قامت به القوات المشتركة على الحدود إذ أنه لم يتم تسجيل أي خرق أمني خلال الستة اشهر السابقة كما أن القوات المشتركة لم تكتفي بطرد المتمردين من الحدود ، لكن تقوم ايضاً بتأمين القوافل التجارية بين البلدين والقرى الحدودية ، بل وتأمين مسارات المراحيل والرعاة وبالتالي هي تقوم بدور كبير ومهم وستقوم بادوار مهمة بعد تنفيذ مشروع خط السكة حديد والطريق البري أذ سيكون التأمين من مهامها الكبرى. س: إلى اين وصل مشروع المطار الدولي في انجمينا ؟ ج: مطار انجمينا الدولي يعتبر من أكبر المطار في افريقيا وسيبدأ العمل في الاول من يناير 2012م والآن بدأ نقل المعدات والآليات للتنفيذ وهذا المطار يسع 20 مليون راكب في العام ، والهدف منه ليس خدمة تشاد فقط ولكن الدراسات والمعلوات اكدت ان 500 طائرة تعبر الأجواء التشادية يومياً ، وهي الآن تمر بدون مقابل لأن تشاد لا تملك النظام الكامل لهذا العمل ومنها المطار الكبير ، ولكن بعد تشييد هذا المطار الضخم إذا لم تنزل الطائرات على ارض المطار فإنها ستدفع 500 ألف دولار يومياً لعبور الأجواء والمطار مصمم على تحمل اكبر الطائرات في العالم مثل أيربص (380) وهو يساهم في حل اشكاليات الطائرات عابرة القارات الضخمة وهذا يعود بفائدة اقتصادية كبيرة جداً لتشاد ولمستخدمي المطار وكل المنطقة. وسيتصحب تشييد المطار الجديد انشاء مدينة حديثة حوله لتستوعب هذا التطور النوعي وتكون قفز كبيرة في تشاد. ن*ع