الهجرة والحراك السكاني ترتبط بشكل أساسي بمسار وتطور البشرية واحدة من حقائق الواقع الإنساني وتعتبر الهجرة ظاهرة طبيعية وحتمية لها امتدادات وآثار متعددة الجوانب ولها آثارها ودلالاتها وأبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتقنية وتمثل جابا من جوانب السلوك البشري منذ نشأة الإنسان وتعد عاملا هاما من عوامل المواءمة بين الإنسان ومواد الثروة التي تحيط به وتعمل الهجرة علي تشكيل المجتمع وتؤد إلي توزيع السكان وتعمل علي تغيير التركيبة الاجتماعية . ونجد أن العالم كله قد تأثر بهذه الهجرات منذ العصور القديمة ولكنها زادت في الآونة الأخيرة والسودان غير بعيد من هذه الهجرات خاصة وأن السودان قد شهد تسارعا غير مسبوق في هجرة الكفاءات ما عظم قدره وجعل من الوقوف علي هذه الظاهرة أمرا حتميا . ولقد نظمت هيئة المستشارين ومركز دراسات المجتمع بالتعاون مع مركز دعم القرار ومركز السودان لدراسات الهجرة والتنمية والسكان ورشة حول هجرة الكفاءات العلمية والخبرات الوطنية وذلك بجهاز المغتربين . وبحثت الورشة أسباب الهجرة وحددتها في أسباب وعوامل عديدة اقتصادية ، اجتماعية وسياسية وتساعد تلك العوامل أسباب الجذب في الدول المستقبلة للعمالة وعوامل دفع للدول المصدرة للعمالة . وأوضحت الورشة أن عوامل الدفع تشمل ضعف الأجور وقلة فرص العمل وتزايد العاطلين عن العمل والحاجة إلي الحصول علي موارد مالية من العملات الصعبة لتحسين الوضع المعيشي وأن عوامل الجذب تتمثل في توفير فرص العمل في الدول المستقبلة وتوفير أجور أعلي ومستوي معيشي أفضل إضافة إلي وجود فرص لتنمية القدرات والمهارات واكتساب الخبرات . وأشارت الورشة إلي أن السودان شهد فى الآونة الأخيرة هجرات غير مسبوقة خاصة في الخبرات والكفاءات الوطنية مما يستوجب دراسة الظاهرة من منظور علمي وقياس الإيجابيات والسلبيات لتلك الظاهرة . وقدم البروفيسور الهادي عبد الصمد مدير مركز السودان لدراسات الهجرة والتنمية والسكان ورقة أكدت علي حق الهجرة ولكن لابد من الوقوف عند هجرة الكفاءات التي تؤثر في مسار التنمية بالبلاد . وأعتبرت الورقة أن مثل هذا النوع بمثابة نزيف للقدرات العالية ويتسبب في حرمان الدولة من تخصصات نادرة في مجالات الحياة . وأوصت الورقة بضرورة إيجاد بنك للمعلومات تستمد فيه الإحصائيات اللازمة عن الهجرة وتقييم مسارها ومردودها وضرورة إيجاد رؤية واضحة للهجرة وموقعها ومآلاتها والاستفادة من الخبرات والكفاءات التي هاجرت وتهيئة المناخ لها للعودة إلي أرض الوطن وإصحاح البيئة الداخلية ومناخ العمل ومعالجة السلبيات لخلق استقرار عمالي بالبلاد وضرورة التنسيق بين أجهزة الدولة لإحداث تناغم لتكون هناك جهة واحدة لمعالجات أمر الهجرة . وأوصت الورقة كذلك بضرورة إبرام الاتفاقيات من الدول المستقبلة للمهاجرين وخلق التزام سياسي وإداري وأخلاقي حتى تطمئن علي حقوق مهاجريها وتعمل علي حمايتهم ، وتعزيز دور السفارات والملحقيات لتؤدي دورها علي الوجه الأكمل في تنظيم شئون المهاجرين . وقدم البروفيسور حسن محمد صالح ورقة عن سياسات التعليم العالي استعرض فيها تجربة التعليم العالي في السودان والمبادئ التوجيهية التي تحكم سياسات التعليم العالي في السودان وأهداف التعليم العالي التي حددها في الربط الحضاري والاجتماعي وتأصيل العلوم والثقافة والاهتمام بالتخصصات التي تلبي حاجات الولايات والنهوض بالمجتمع وتعميق روح الانتماء وحب الوطن . وقال أن فلسفة التعليم لعالي لابد أن تحقق المعرفة والعمل والإيجابيات تتمثل في أن التعليم يحظي الآن في السودان بمكانة اجتماعية عالية ولديه زيادة في الطلب وأنه صاحب إرث قديم من ذوي مقدرات وتميز علمي عالي إضافة إلي وجود عدد من المراكز والمعاهد البحثية التي تربط الجامعات بمؤسسات الإنتاج والانتشار الجغرافي لمؤسسات التعليم العالي . وحددت الورقة السلبيات في قيام عدد من الكليات دون توفر الإمكانيات البشرية والمادية وربطها مع احتياجات سوق العمل وتدني أوضاع الأساتذة وانخفاض فرص الإبتعاث إضافة إلي الاعتماد علي الطرق التقليدية في التدريب . وناقشت الورقة هجرة أساتذة الجامعات التي تفاقمت مؤخرا وعملت علي هجرة الكفاءات التعليمية مما يستوجب المعالجات وترغيب الأساتذة بتهيئة البيئة التدريبية لديهم . وقدم الدكتور الشيخ الصديق بدر ورقة حول هجرة الأطباء تناولت ظاهرة الهجرة المتنامية للأطباء .وناقشت الورقة العوامل المؤثرة في الهجرة واستعرضت آثار هذه الهجرة وتحدياتها والآفاق والحلول . وأوصت الورقة بضرورة تحسين الوضع الاقتصادي لاستبقاء الكفاءات وتوجيه وتنظيم الهجرة واستقطاب إسهامات الخبرات المهاجرة . ع و