يتميز السودان بانتشار الطرق الصوفية وهي عبارة عن مدارس في للتزكية والتربية متفرعة من بعضها ومرتبطة بواسطة السند المتصل وجميعها تتبنى عقيدة السنة وتتبع أحد المذاهب الأربعة السنية والاختلاف بينها إنما هو في طريقة التربية والسلوك. الصوفية وجدت طريقها إلى السودان عقب انتشار الإسلام لذا فان الثقافة الفقهية وجدت سبيلها إلى السودان منذ وقت مبكر حيث بدأت تظهر وتنمو في اتجاهات عديدة ومتنوعة ووفدت الطرق الصوفية للسودان من عدة مصادر هي الحجاز ومصر وشمال وغرب أفريقيا. جاء هذا التعريف خلال ورقة حول الطرق الصوفية في السودان من منظور تاريخي للدكتور على صالح قدمها خلال منتدى حول الطرق الصوفية، ودخول التصوف في السودان مرحلة جاءت بها الطرق كمؤسسات منظمة ذات تعاليم وأذكار وأوراد جماعية ومشتركة قد سبقتها مرحلة اتجاه فردي في التصوف بهدف مجاهدة النفس وتطهيرها. وتعرف الطريقة لغة بالسيرة، وطريقة الرجل مذهبه واصطلاحا اسم لمنهج أحد العارفين في التزكية والتربية والأذكار والأوراد أخذ بها نفسه حتى وصل إلى معرفة الله، فينسب هذا المنهج إليه ويعرف باسمه، فيقال الطريقة الشاذلية والقادرية والرفاعية وغيرها من أسماء الطرق. و تختلف الطرق التي يتبعها مشايخ الطرق في تربية طلابها ومريديها باختلاف مشاربهم واختلاف البيئة الاجتماعية التي يظهرون فيها، وكل هذه الأساليب لا تخرج عن كتاب الله وسنة رسوله، بل هي من باب الاجتهاد المفتوح للأمة . وتختلف مشايخ الطرق الصوفية في السودان في طريقتها فقد يسلك بعض المشايخ طريق الشدة في تربية المريدين فيأخذونهم بالرياضات الشاقة مثل كثرة الصيام والسهر وكثرة الخلوة والاعتزال عن الناس وكثرة الذكر والفكر وقد تسلك بعض الطرق اللين في تربية المريدين والبعض الآخر يتخذ الطريق الوسطي في التربية. ومن الطرق الشهيرة في السودان الطريقة القادرية التي تنسب للشيخ عبد القادر الجيلاني وللطريقة انتشار في وسط السودان وشماله وفي دارفور، كما تنتشر بين قبيلة الأمرار إحدى فروع قومية البجة بشرق السودان والطريقة السمانية التي نُسبت الطريقة لمؤسسها الشيخ محمد بن عبد الكريم السمان واشتهر منها الشيخ عبد الرحيم وقيع الله (البرعي السوداني) في بادية كردفان، والشيخ قريب الله ولد أبو صالح في أم درمان والشيخ عبد المحمود نور الدائم بالجزيرة وسط السودان والطريقة الختمية والتي تعتبر حديثة النشأة مقارنة بالطرق الصوفية الأخرى في السودان فقد أسست في 1817م على يد السيد محمد عثمان الميرغني الختم (1793-1853) وتعتبر الختمية من الطرق الصوفية الكبيرة ذات التنظيم المركزي ومدينة الخرطوم بحري معقل الطريقة، وبها مسجد الطريقة الرئيس ومدفن السيد علي الميرغني. وتعتبر مدينة كسلا شرقي السودان المركز الثاني للطريقة التي يمتد نفوذها بين القبائل المشتركة بين السودان وإرتيريا، وللطريقة مراكز للارشاد بدولة ارتيريا وتنتشر الزوايا الختمية في أغلب مدن السودان.والطريقة الشاذلية تنسب إلى أبي الحسن الشاذلي، ووفدت هذه الطريقة إلى السودان بجهود الشيخ حمد أبو دنانه صهر الصوفي الشيخ أبو عبدالله بن محمد بن سليمان الجزولي زعيم الطريقة الشاذلية في المغرب، وتعد الطريقة الشاذلية من أول الطرق الصوفية انتشارا في السودان، والطريقة البرهانية أسسها الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني ويعد مسجد الطريقة في منطقة السوق الشعبي جنوبي الخرطوم واحداً من أكبر مساجد العاصمة الخرطوم، ومركزا للطريقة ومن الطرق الطريقة التجانية والإدريسية وغيرها، وهذه الطرق منتشرة في كل أرجاء السودان وهي ممتدة إلى دول الجوار في نيجيريا وتشاد ومصر وغيرها. ولكل تلك الطرق اثر وابعاد ذات طابع سياسي واجتماعي وثقافي تتاثر به الساحة، حيث تمتد ادبيات التصوف بالتأثير على المجتمع فقد أثرت مكونات الصوفية على المجتمع السوداني وثقافته من حيث السلوك حيث يتبعون انواع من الأذكار والأوراد ويعملون على تعميق التعاليم الإسلامية والإنشاد والارشاد الديني والاجتماعي ويمثل ذلك آلية من آليات التماسك والتكافل الاجتماعي، ونجحت بتعاليمها المستندة إلى الكتاب والسنة النبوية وبمناهجها التربوية والسلوكية وشيوخها الذين مثلوا الغدوة والأنموذج للمريدين والأتباع حيث اعتمدت الطرق الصوفية في القيام برسالتها الدينية والتعليمية والاجتماعية والسياسية على عدد من المؤسسات من أهمها المساجد والمسايد والخلاوي والزوايا كل ذلك تحت لون معين من ألوان الطرق الصوفية وهذه الطرق منتشرة في كل أرجاء السودان، وهي ممتدة إلى دول الجوار في نيجيريا وتشاد ومصر وغيرها . والتعاليم الصوفية متجذرة في المجتمع السوداني رغم تأثير العولمة والثقافة حيث أن معظم مريدى الطرق الصوفية ينتمون إلى طبقات متعددة من المجتمع فتجد فيهم الطبيب والمهندس والمعلم والسياسي والاقتصادى والفني والمواطن البسيط العادي كل منهم على شاكلته ونهجة في الحياة وينتمي إلى طريقة معينة واصبحت الصوفية مكون اساسي في الشخصية السودانية ولها بالغ التأثير في الحياة الثقافية، والعلمية، والاجتماعية، والسياسية للسودان؛ فقد أسهمت في تشكيل الشخصية السودانية. وتتعدد أبعاد التصوف وهي تشمل الظاهرة الاجتماعية والنفسية والفلسفية والادبية والجمالية وغيرها وتصنع هذه الأبعاد لغة مشتركة في تكوين المتصوفين من المجتمع حيث يشتركون في نمط معين الطرق الصوفية. ع ش