أنشئ المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة ( أكساد ) عام 1968، كإحدى منظمات جامعة الدول العربية ، بناء على الحاجة الماسة إلى مركز علمي يهتم بحل المشكلات العلمية ذات الطابع العربي المشترك ، في المناطق الجافة وشبة الجافة وأهميتها بالنسبة لمستقبل الزراعة العربية ، بتحويل هذه المناطق من هامشية للإنتاج الزراعي والحياة الريفية والبدوية، إلى مناطق إنتاجية واجتماعية مستقرة ومتكاملة تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة . .د.محمد سعد عبد القادر محمود رئيس قسم الدراسات الاقتصادية والاجتماعية وأعداد المشروعات بالمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة( أكساد )قدم دراسة حول الفرص الاستثمارية المتاحة للقطاع الخاص في مجال التنمية الزراعية المستدامة وذلك في مؤتمر "الاستثمار في الأمن الغذائي العربي الذي اقيم مؤخرا بفندق السلام روتانا بالخرطوم والذي نظمه أتحاد أصحاب العمل السوداني بمشاركة أتحاد الغرف التجارية والصناعية العربي ومنظمة اليونيدو بالبحرين وأتحاد المصارف السوداني تلبية لمبادرة من رئيس الجمهورية المشير عمر حسن البشير حول مشروع السودان للأمن الغذائي في قمة الرياض الاخيرة . حيث اوضح .د.محمد سعد ان المركز حقق في مسيرته العلمية العديد من الإنجازات، وضمن هذا الإطار يقدم ثمرة من ثمرات نتائج أبحاثه ودراساته لتطبيقها ميدانياً، يمكن تبنيها من قبل القطاع الخاص في نطاق نشاطه الاستثماري للمساهمة في تحقيق التنمية الزراعية المستدامة وذلك من خلال كثير من المشاريع اهمها تحسين إنتاجية القمح في الدول العربية باعتبار أن إنتاج القمح في الدول العربية لا يسد إلا نحو 40% من الاحتياجات، ونظراً للنمو السكاني الكبير، وتوقع الزيادة في الفجوة الغذائية، فإنه يجب بذل كافة الجهود للتصدي لهذه المشكلة(متوسط الفترة 2005-2012 =الإنتاج نحو23+الاستيراد نحو35= 58 مليون طن) . وبما أنه تتوافر لدى المركز العربي "أكساد" خبرات متراكمة في مجال استنباط أصناف من القمح أثبتت قدرتها الإنتاجية العالية، وتأقلمها مع الظروف المناخية المختلفة ولوجود جدوى فنية واقتصادية في زراعة هذه الأصناف والتي أثبتت نجاحها في الكثير من الدول العربية، وتم اعتمادها كأصناف رئيسية، يرى المركز ضرورة إشراك المستثمرين من القطاع الخاص في نشر وتبني وتوطين هذه الأصناف، ومنه تم اقتراح لمشروع الاستثمار العلفي الأمثل للمخلفات الزراعية. فقد أولى المركز العربي "أكساد اهتمامه بالموارد العلفية كأحد العوامل المؤثرة على تطوير إنتاجية الثروة الحيوانية في الوطن العربي و يقدر النقص بالأعلاف في الدول العربية بأكثر من 75 مليون طن من الأعلاف وسيزداد المستورد من الأعلاف نتيجة لزيادة الطلب على المنتجات الحيوانية نظراً لازدياد عدد السكان مستقبلاً. وتنفيذا لذلك تم إجراء العديد من الدراسات المتخصصة حول مسح الموارد العلفية في الدول العربية وتحديد القيمة الغذائية لمصادر الأعلاف التقليدية وغير التقليدية، ومقدار العجز المحلي للأعلاف في الدول العربية. وبينت هذه الدراسات أهمية استثمار المخلفات الزراعية والصناعية الغذائية بعد تحسينها ورفع قيمتها الغذائية وتصنيعها لسد جزء من الفجوة العلفية الحاصلة في جميع الدول العربية(وقد قدر إجمالي المخلفات النباتية في الوطن العربي عام 2004 بحوالي 94.5 مليون طن، ومخلفات التصنيع الزراعي الغذائي بنحو 14.50 مليون طن) تقدم أكساد في هذا المجال وحدة لتصنيع المكعبات العلفية من المخلفات الجافة وبعض الإضافات وفي نفس الوقت يمكن استخدام نفس الوحدة بعد إضافة بعض القطع الأخرى لتحسين وتصنيع السيلاج ضمن عبوات حتى 200 كغ للعبوة الواحدة، ويمكن تخزين هذا المنتج لمدة عام كامل. وهي وحدة يمكن قطرها إلى مواقع الإنتاج في أي مكان يتوفر فيه أي نوع من المخلفات. تتألف الوحدة من فرامه - جاروشة حبوب - خلاط - خزان المولاس- المكبس- حلزونات ناقلة- لوحة سيطرة وتحكم كهربائية وتعمل آلياً. ويمكن تصنيع أي جزء من هذه الوحدة كالفرامه أو الخلاط حسب الغرض من استعمالها. ويمكن أن يتم تقديم المواد الأولية من مخلفات وغيرها من قبل المربي ويقوم المستثمر بتصنيع هذه المكعبات العلفية في أرض المربي نفسه ويتقاضى أجرا لتصنيع الطن الواحد، وكمعدل وسطي 30 دولار للطن الواحد، يحصل المستثمر على نصفها كعائد صافي بعد طرح التكاليف التي يتحملها لإنجاز هذه العملية. أن معدل اشتغال وحدة تصنيع المخلفات 8 ساعات في اليوم، وطاقتها طن واحد في الساعة، وكمعدل وسطي للإنتاج 6 طن في اليوم. في مجال المخلفات الزراعية هناك ايضا مشروع معالجة المخلفات باليوريا: ويتم ذلك بعد فرمها لتصبح أكثر قابلية للهضم وأعلى محتوى من البروتين وهي طريقة سهلة ولا يوجد لها مخاطر ويمكن لمربي الحيوان أن ينفذها لوحده في مزرعته وبأقل التكاليف الممكنة. وتقدم أكساد آلة لفرم المخلفات بأنواعها على أن تتم أضافة محلول اليوريا يدوياً حيث يتم رفع البروتين في المخلف نحو 5 درجات كحد أعلى. أن تحسين طن واحد من المخلفات بالبروتين يكلف نحو 42 دولار، في حين يبلغ العائد المتحصل نتيجة التحسين (أي قيمة وحدات البروتين المضافة بعد طرح تكاليف التحسين) نحو 91 دولار/ طن. تعدّ تقنية الغاز الحيوي، وهي إحدى تقنيات الطاقة النظيفة للمحافظة على البيئة، من أهم مشاريع اكساد وهي من اهم التقنيات الملائمة لظروف الريف العربي في هذا المجال، حيث يتم من خلالها تحويل المخلفات الحيوانية والبشرية إلى غازٍ حيوي و سمادٍ عضوي عالي الجودة، وخالياً من البذور الضارة، كما يمكن للغاز الحيوي الناتج أن يغطي حاجة الأسرة الريفية من الطاقة الحرارية، ويحوّل البيئة إلى بيئة نظيفة، كما يحسّن من صحة الأسرة الريفية. يُنفَّذ المشروع خلال عام واحد في عدد من القرى التي تضم مربي الحيوانات وخاصة المجترات منها وتجمعاتهم، وفي المناطق القريبة من أماكن إنتاج المحاصيل الزراعية (أماكن تواجد المخلفات الزراعية) في الدول العربية المشاركة. يتمثل العائد الاقتصادي المباشر الناتج عن هذه التقانة في استخدام الغاز الحيوي كمصدر نظيف للطاقة المنزلية والسماد العضوي. وهي عائدات اقتصادية مجزية مقارنة باسعار الطاقة التقليدية والأسمدة الأخرى المتاحة، عدا عن العائدات البيئية والصحية التي يصعب تقديرها. واعتمادا على التكاليف والعائدات السنوية المتحققة، فأن استرداد رأس المال المستثمر في إنشاء وتشغيل وحدة إنتاج الغاز الحيوي لاصغر وحدة ستكون خلال خمس سنوات علما بأن عمر الوحدة الفني 30 عاماً. ومن النتائج المتوقعة لهذا المشروع هي نشر وتوطين تقانة الغاز الحيوي في قرى ومناطق المشروع بشكل خاص، وفي الدول العربية بشكل عام، مما يساهم في نظافة البيئة والحد من التلوث، عن طريق تحويل المخلفات الزراعية والبشرية إلى غاز حيوي كمصدر للطاقة منخفض الكلفة وتحت الطلب وسماد عضوي لزيادة الإنتاجية الزراعية، والذي سيسهم بدوره في رفع المستوى الاجتماعي والصحي والاقتصادي لسكان الريف و من المتوقع أن تتوسع الجهات المعنية في الدول المنفذ لديها المشروع في تنفيذ وحدات إنتاج الغاز الحيوي في مناطق جديدة . وتتابع استثمار الآليات التي وفرها المشروع، من خلال الخبرات المكتسبة خلال مدة المشروع للاستفادة المثلى من المخلفات الحيوانية والبشرية. ام/ام