تأتى نظرة المجتمع للتسول على أساس أنه ظاهرة سالبة تنأى عما يألفه المجتمع وتخرج على قيمه وثقافته ويعتبر انحرافا عن جادة الصواب وعما يقره المجتمع وما يصاحبه من المظاهر السلوكية الجانحة كما يعتبر مناهضا لما أمر به الشرع من التوجه إلى الله بالعمل الدائب والاجتهاد الواعي والسعي الكريم والرزق الشريف ، وللحد من تلك الظاهرة يجب تكاتف جهود المجتمع بكل فعالياته وعبر آلياته المختلفة للقضاء على ظاهرة التسول . تسارع استفحال الظواهر السالبة في المجتمع نتيجة الإفرازات السالبة للهجرة من الولايات إلى ولاية الخرطوم نتيجة للظروف الاقتصادية وضيق وسائل كسب العيش الذي أفرزت كثيرا من الظواهر السالبة التي انتشرت خاصة في ولاية الخرطوم لما لها من خصوصية ، أدى إلى ظهور شبكات منظمة تعمل على استغلال الشرائح الضعيفة في المجتمع خصوصا من الذين وفدوا من الولايات الأخرى إلى ولاية الخرطوم لظروف النزوح بسبب الحروب والجفاف . لتنظيم السلوك بولاية الخرطوم بخصوص التسول أجاز مجلس وزراء حكومة ولاية الخرطوم في جلسته التي انعقدت في يوم الأربعاء الموافق 16/4/2014م قانونا لمعالجة ومكافحة التسول قدمته الدكتورة أمل البكري البيلى وزيرة التنمية الاجتماعية وهو أول قانون ولائي يعالج ظاهرتي التشرد والتسول من كل الجوانب ليس بغرض فرض عقوبات فقط وإنما بإيجاد المعالجات التي تحد من الظاهرة . وتعد التوعية المجتمعية مصدرا مهما من مصادر التوجيه والتثقيف في المجتمع وهى ذات تأثير كبير على مختلف قطاعات المجتمع المتباينة لتكون التوعية نقلة نوعية مخطط لها بعناية تنطلق من فهم وإدراك لطبيعة كل ظاهرة ومواجهتها بأسلوب علمي. وهناك رصد لمجموعة تحديات وتغيرات مهمة حدثت في واقع المجتمع تتطلب إحداث نقلة نوعية فى أساليب التوعية لظاهرة التسول لإجتثاثها . وهناك ارتباط بين الإعاقة والتسول حيث أوضحت الدكتورة نادية محمد الحاج مدير الإدارة العامة للتوعية المجتمعية بوزارة التنمية الاجتماعية في ورقتها التى قدمتها في ورشة الإعاقة والتسول أن هناك جهلا معرفيا لمفهوم الإعاقة وانه لابد من التعامل مع الأشخاص ذوى الإعاقة دون الخوف منهم أو النظر إليهم بنظرة دونية لمواجهة وعلاج هذه المشكلة. يتطلب العمل الاجتماعي والمسؤولية المشتركة للمجتمع التوصل لمشاركة الإفراد العاجزين والمعاقين في كل مجالات الحياة الاجتماعية ، وتتطلب النظرة الى الإعاقة تغيرا اجتماعيا واسع النطاق على الصعيد الفردي والمجتمعي فأغلب أفراد المجتمع يجهلون المفهوم العلمي لمفهوم المعاق وكيفية التعامل معه، فالنظرة الغالبة تعتبره شخصا عاجزا وسلبيا وعالة على أسرته ويستحق العطف والشفقة ولا يمكنه الاعتماد على نفسه مما يدفع المعاق الى امتهان التسول أو الانضمام إلى العصابات الإجرامية المتفلته والتي يوجد فيها أسوأ أنواع الاستغلال خاصة لفئة الأطفال. وأشارت المستشار تقوى على بابكر من الإدارة القانونية بوزارة التنمية الاجتماعية إلى السمات العامة لمشروع قانون التسول لولاية الخرطوم للعام 2013 م ومن هذه السمات إشراك الجهات ذات الصلة في العمل الفني والقانوني والاجتماعي وتحديد الأدوار ، وأن القانون عمل على معالجة المشكلات التي تطرأ في هذا الجانب من خلال إبراز دور الرعاية الاجتماعية فيما يختص بإجراء الدراسات الميدانية ورفع التقارير مع التوصية بالتدريب اللازم ودور الوزارة في الرعاية اللاحقة لدمج المتسول في المجتمع وهذا بدوره يساعد في الحل الجذري. كما عمل القانون على استصحاب القوانين الأخرى سارية المفعول مثال قانون الطفل للعام 2010 م . بالإضافة إلى أن القانون فصل دور الوزارات والجهات ذات الصلة حسب ترتيب الأولويات من الجمع والتصنيف والخدمات الاجتماعية والصحية التي تحفظ الحقوق والكرامة الإنسانية مستصحبا في ذلك القوانين ذات الصلة ، كما تحدث عن دمج المتسول من خلال الجهة الفنية المخول لها عمل الدراسات والتدابير اللازمة ، ولم يغفل القانون الردع القانوني منعا للتفلت وجاءت مفصلة حسب نوع الجرم المرتكب . جاء القانون مراعيا للتغيرات التي حدثت في المجتمع وخاصة في ولاية هي مركز الثقل مما يلقى أعباء إضافية في صياغة القوانين ونوع الخدمات المقدمة والثقافات الوافدة واختلاف اللهجات في مجتمع ولاية الخرطوم . ويبقى بعد ذلك دور منظمات المجتمع المدني للمساهمة في الحد من الظاهرة من خلال التنسيق مع الجهات الحكومية وتكوين جسم موحد مستصحبا الجانب الانسانى في تقديم الخدمات مما يؤدى إلى انحسار هذه الظواهر التى باتت تؤرق مضجع الجميع وذلك لما أفرزته من عادات وتقاليد لم تكن موجودة في أسلافنا من قبل . ===