اليوم هو اليوم الاخير فى العام 2014م يعتبر فاصل بين عامين عام سيغادرنا للأبد وسيصبح فى زمة التاريخ وعام مقبل يحمل بين جنباته الكثير من البشريات والابتلاءات . وبقدر ما لهذا اليوم من وقفات وبقدر ما هو مناسبة لنحى فيها تاريخنا الناصع الذي جعلنا من خلاله أنفسنا فى المقاعد المتقدمة بين الأمم يحظى في وقت مبكر باستقلال موشح بتاج المنتصرين الأحرار الذي عطروا بدمائهم الذكية سماء السودان بهذا الاستقلال . ومع احتفالات البلاد بمرور التسع والخمسون عاما على استقلال السودان لابد من وقفة لمعرفة الدلالات والمعاني التي نستخلصها من مسيرة استقلال السودان ومكاسبه لدى أبنائه ، تفرض علينا التوقف عندها،لكي لا يُقتصر الاحتفال بهذه المناسبة على الجوانب الرمزية التقليدية فقط، وإنما لإعطاء المناسبة القيمة التي تستحقها واستخلاص الدروس التي تُعيننا على رسم مستقبلنا، بهدف استكمال الأهداف الحقيقيّة لأولئك الذين ضحوا بالغالي والنفيس لإنجازه. لقد كان الأول من يناير 1956م مناسبة وطنية شهدت صياغة وتوقيع وثيقة إعلان الاستقلال إذ كان الاستقلال وقته يعني لنا التحرر من سيطرة الآخر، والتحرر من التبعية، ووطأة نفوذ الآخرين، وأن نعفي أنفسنا من ذل الاعتماد عليهم، وإدارة شؤوننا الخاصة دون أي تدخل، وأن نسودن كافة الوسائل للحصول على سبل العيش بكرامة. وهذا هو السبب الذي يدعونا لاستدعاء هذه المناسبة ونسميها "يوم الاستقلال"، ونجعلها عيدا نحتفل به كل عام. انه يوم لتعزيز القيم الوطنية واسترجاع المواقف البطولية لأبطال السودان طوال الفترة السابقة ، إنها وقفات احتفالية ليست لمجرد تبادل التهاني والتبريكات، إنها ليست فقط في اليوم الذي نأخذ فيه عطلة رسمية عن العمل، إنها عيد الاستقلال، وقد سميت بهذا الاسم لأنه في هذا التاريخ من عام 1956، تحقق للسودانيين حلمهم فى الحرية والاستقلالية فى القرار وهو لم يكن فقط تاريخا لولادة الحرية في ذلك اليوم، بل كان تاريخ ولادة الحرية في جميع الأيام وعلى مر السنين ،مع ضرورة إبراز التجليات الحقيقية لمعاني هذا الاستقلال في حياة الفرد السودانى. إن الاستقلال يعني الاختيار الحرّ لتمكين أنفسنا من أداء الواجب، وأخذ الحقوق، والحفاظ على الحرمات، ويعني أن لدينا حرية في المشاركة ومتابعة الخيارات الشخصية، بقصد التعلم، والنمو، واكتساب الحكمة، مع الاستعداد الكامل لمواجهة النتائج المترتبة على تلك الخيارات، أي أن الاستقلال يعني جدية السعي الفردي والجماعي لخلق مجتمع تتوفر فيه شروط العدل وقيم المساواة، خاضعون لإرادتهم، ويحتكمون لقوانين الأرض التي يتساوون فيها بغير عزل أو تمييز لأن الاستقلال الحقيقي يعني الاعتراف بأن لكل واحد منا الحق في التفكير والمعتقد، التعلم والعيش بكرامة ، لتقديم أفضل ما عنده لمصلحته للمجتمع. والحكمة تقتضي ان نراجع أنفسنا وعلاقاتنا مع بعضنا البعض وعلاقتنا مع الآخرين على مستوى القطر والإطار الخارجي أكثر من أي وقت مضى، لابد من تحرير أنفسنا من قيود الأنانية وهوى النفس ومن قيود الخلافات. ومن القبلية والجهوية لان الاستقلال تحقق للسودان الواحد بكل قبائله وثقافاته والكل وقف وقفة رجل واحد يدافع ويدفع الأذى عن الوطن . يقول دكتور محي الدين تيتاوى رئيس اتحاد شرق إفريقيا والأستاذ بالجامعات السودانية ان الاستقلال يعني الحرية في فصل أنفسنا عن الأطماع الشخصيّة، وتحدي أنفسنا فكريا لمعرفة النطاق الكامل للواجبات المنوط بنا إنجازها من أجل إيجاد حلول حقيقيّة لكل مشاكلنا لبناء حاضر مفعم بالأمل والتفاؤل ولمستقبل موشح بالنهضة الحقيقية للأجيال القادمة . كما يوضح الأستاذ عبد الرحمن الفادنى خبير اعلامى وعضو مجلس وطني أن أعياد الاستقلال والاحتفال بها واجب وطني لاسترجاع المعاني الوطنية ودلالات المحافظة على السودان مبينا انه من محاسن الصدف أن تتزامن ذكرى الاستقلال مع موعد ميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم لتكون الوقفة تاصيلية وفكرية نراجع القيم الحميدة ونفعل الأخلاق السودانية السمحة في احترام بعضنا البعض ونعيش صفاء النفوس بعيدا من تأثيرات التدخلات الأجنبية وتشويش المنظمات ذات الأجندات الخاصة . ودعا الفادنى ان الأمة السودانية حكومة ودولة ، أحزاب ومؤسسات بان يجعلوا من هذه الأيام يوما لخدمة الوطن تنميا ومحافظة على الموارد لتسود الحراك المجتمعي لخدمة القرى و المدن في إطار تحريك النهضة الشاملة في مختلف ميادين الحياة، وكما كان يراها روّاد النهضة الأوائل وقبلهم أب الثورة العربية الإسلامية الأولى سيد الكائنات محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم,وليجعلوا من منابر الحوار الوطني منابرا للتصافي والتصالح من اجل المواطن ولمصلحة الوطن ، منابرا لقراءة ومراجعة تاريخ السودان لاستنهاض الهمم والاستفادة من عبر التاريخ وصمود الرعيل الأول في الدفاع عن الوطن السودان كله دون أجزاء لتكون محصلة جهدهم نهضة السودان واستقراره بغض النظر عن من يحكم ألان الآن ،لأن هموم المواطن وأحلامه التي نشترك فيها جميعاً ، ينبغي أن تكون هاجساً جماعياً وفى رحاب الوطنية نعيش في امن وسلام ووئام ونسعى جاهدا لاستكمال معاني الاستقلال السياسيّ والثقافيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ، باعتماد مناهج التصويب انطلاقا من منهج المصطفى صلى الله عليه وسلم (المؤمن مرآة أخيه ) واتخاذ سبل الإصلاح لمواصلة المسيرة نحو سودان متطور وغد مشرق لجيل فاعل ومتفاعل متفائل . وإذا كان الاستقلال هو عيد الجميع، فلنتخذه مناسبة لتجديد قناعاتنا بما هو مشترك بيننا، وأن نقف معا على حقيقة أن وحدة الأصول الجامعة بيننا قد تأتت من وحدة المنابت والمشاعر، فهي كالكلمة الطيبة والشجرة الطيبة التي قال الله تعالى عنها: "كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ". صدق الله العظيم