- تشكل حوادث المرور وما ينجم عنها من وفيات وإصابات أحد أهم مشكلات العصر الحديث إذ تتصدر اليوم قائمة أسباب الوفيات والإصابات الخطيرة في بعض الدول خاصة الدول العربية ،حيث تستنزف الطاقات وتحصد الأرواح فضلا عن آثارها الاجتماعية والصحية والاقتصادية. و تؤدي حوادث المرور الي وفاة نحو 1.24 مليون شخص أي ما يزيد عن 3000 حالة وفاة كل يوم عالميا . وحسب تقرير منظمة الصحة العالمية فإن حوادث المرور تشكل السبب الثامن للوفيات في العالم. وتوقعت المنظمة أن تصبح السبب الخامس للوفاة بحلول عام 2030 ما لم تتخذ إجراءات عاجلة لتعزيز السلامة المرورية . وقد أشارت إحصاءات تقرير المنظمة الي ان البلدان الفقيرة والمتوسطة الدخل هي الأشد تأثرا والأعلي معدلا في الحوادث وذلك لعدة أسباب من بينها ضعف الوعي وقلة الإمكانات وضعف الإرادة السياسية والمجتمعية في تبني إجراءات مدروسة وعملية للحد من الحوادث. وفي ظل تنامي إحصاءات الحوادث المرورية شرع السودان منذ فترة مبكرة في بحث قضية السلامة المرورية عبر إجراء الدراسات وتنظيم العديد من ورش العمل. وقد وجدت هذه القضية اهتماما متعاظما علي مستوى المؤسستين التشريعية والتنفيذية بالدولة من خلال وضع نصوص واضحة في قانون المرور لسنة 2010 وقيام مجلس قومي مختص بتنسيق السلامة المرورية والذي تم تشكيله بموجب قرار من مجلس الوزراء. وتمت إجازة استراتيجيته الوطنية 2011- 2016 حيث شرع المجلس في متابعة تنفيذ الإستراتيجية عبر خطط سنوية تعدها وتشرف علي تنفيذها اللجنة الفنية للمجلس. وعمد السودان ومن منطلق حرصه علي تعزيز مبدأ السلامة المرورية الي انشاء المجلس القومي لتنسيق السلامة المرورية حتي يضطلع بدوره في وضع البرامج والخطط لتحقيق أمن وسلامة مستخدمي الطريق . وأفرد مجلس الوزراء لأهمية هذه القضية جلسته رقم 19 لسنة 2015 والتي ترأسها المشير عمر البشير رئيس الجمهورية لمناقشة موقف تنفيذ استراتيجية السلامة المرورية والتي قدمها الفريق اول ركن عصمت عبدالرحمن وزير الداخلية حيث وجه المجلس بضرورة تعديل قانون المرور لسنة 2010 للتشدد في ضوابط منح رخصة القيادة والتدقيق في الكشف الطبي للسائقبن واستحداث رخصة خاصة لسائقي البصات السفرية بجانب العمل علي توفير معينات العمل المروري. وتستهدف الاستراتيجية خفض الحوادث بوجه عام وخفض حوادث الموت والأذى بنسبة 20% بحلول عام 2016 وتحقيق الانسياب المروري في طرق المرور السريع والطرق الداخلية. ولتنفيذ هذه الاستراتيجية وإنزالها الي أرض الواقع بذلت الإدارة العامة للمرور جهودا مقدرة لتعزيز السلامة المرورية من خلال تدابير وإجراءات تمثلت في استمرار عملية التوعية المرورية عبر أجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بجانب التوعية الميدانية المباشرة بواسطة شرطي المرور للسائق عند ارتكاب المخالفة . وتضمنت مناشط التوعية المرورية في عام 2014 تنفيذ 3134 برنامج إذاعي و 560 برنامج تليفزيوني و 237 محاضرة وتوزيع 47000 من الملصقات والمطبقات فيما شهد العام 2015 تنفيذ 1575 برنامج إذاعي و 281 برنامج تليفزيوني و 14 محاضرة وتوزيع 6000 من الملصقات والمطبقات. وتعمل شرطة المرور بفاعلية للحد من الحوادث من خلال انتشارها الواسع والمكثف حيث نشرت آلياتها بكل الطرق عبر 348 نقطة ارتكاز و198 دورية متحركة ودوريات رادار بالطرق القومية لضبط السرعة الزائدة والمخالفات الاخري بالإضافة لعمليات التفويج التي تنظمها خلال موسم الأعياد والمناسبات بجانب انشاء غرفة اتصالات المرور (777) بولاية الخرطوم والتي ساعدت في تحقيق الانسياب السهل والامن علي الطرق والاستجابة السريعة لنداءات الحوادث والمواقع ذات الكثافة المرورية من خلال الاتصال بالرقم المختصر 777. وتشير الإحصاءات في عام 2014 الي ان جملة الحوادث المرورية التي نجمت عنها وفيات في البلاد بلغت 1711 أي بواقع 46 حادث موت في اليوم . أما الإصابات الناتجة عن الحوادث فقد بلغت 2292 إصابة مرورية . وبرغم الجهود المبذولة من الأجهزة المختصة في تعزيز السلامة المرورية فإن الاستراتيجية تواجهها بعض التحديات وعلي رأسها توفير التمويل للخطط والبرامج وبناء القدرات وتوفير الإمكانات والتقانات الحديثة بالإضافة للتنفيذ المحكم للقانون وقلة عدد الرادارات بالطرق القومية. لذلك فقد أوصت الاستراتيجية بضرورة توفير احتياجات العمل المروري ودعم موارد صندوق السلامة المرورية من الميزانية العامة وأهمية رعاية مجلس الوزراء لميزانية المشروعات ذات التكلفة المالية العالية مثل التوعية المرورية والمعهد المروري وتشييد 9 أقسام بطرق المرور السريع.