- برز إجماع على معيار الكفاءة عوضاً عن المحاصصة في التشكيل الوزاري المقبل ، علي الواقع السياسي لضمان حكومة وفاق وطني وذلك باعتبار أن معايير المشاركة هي تنظيمية لا تقصي الذين شاركوا في الحوار الوطني ذلك ان المشاركة في الجهاز التنفيذي لن تكون من منطلق الحزبية الضيقة ولا المحاصصة بل تعتمد في الاساس علي الكفاءة والتأهيل . إن معيار المحاصصة السياسية المقيت والذي طبق في العديد من البلدان أثبت فشله الذريع وأكتوت بنيرانه ذات قوى المحاصصة ولم يعد ممكنا الاستمرار في هذا النهج وعلي الوتيرة نفسها في ظل حوار وطني شارك فيه 89 حزبا و36 حركة مسلحة بالاضافة الي ممثلي المجتمع المدني والشخصيات القومية . إن منهج المحاصصة يتعارض كليا مع اي إصلاح او تغيير وأي مساعي لتكريسه وتشكيل تكتلات سياسية أخرى تورد البلاد المهالك . إن الوفاق الوطني هو إتفاق القوى السياسية علي تشكيل حكومة او القيام بما يمكن القيام به ، اي عملية توفيق وتقريب وحهات النظر والمصالح المتعارضة وهو الحد الأدني فيما يمكن الاتفاق عليه بين القوى الوطنية . إن الوفاق الوطني لا يمكن تحقيقه بمجرد اتخاذ قرار سياسي اي أنه لا يتم إلا في الامور التي تم الاتفاق عليها مسبقا وان اساسه الاول هو الاتفاق علي ما تراه القوى السياسية ، وتعتبره من ثوابت العمل السياسي. ان حكومة الوفاق الوطني تشكل في العادة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين القوى السياسية ولابد ان يستند علي وثيقة وفاق يتم الرجوع اليها عن حدوث خلاف او عدم الاتفاق وبالضرورة الا يقوم الوفاق الوطني علي اساس مبدأ المحاصصة السياسية لانه يتعارض كليا مع الوفاق الوطني . إن مبدأ الوفاق الوطني انجزته القوى السياسية والحركات المسلحة وقوى المجتمع المدني في مخرجات الحوار الوطني وما توافقت عليه في الوثيقة الوطنية . وعلي ذلك فإن الحكومة الجديدة تتنظرها تحديات وأولويات وابرزها تحقيق ماتم التوافق عليه في الحوار الوطني من مخرجات وهذا يتعلق بالضرورة بمعيار الكفاءة لا المحاصصة في انجاز تلك المهام وهذا ما عبرت عنه احد بنود قضايا الحكم والذي يقضي ((بضرورة تعزيز القوة العلمية والتقنية للدولة والتحول نحو مجتمع المعرفة والتميز والابتكار بغرض توفير السند التقني والانتاج المعرفي المطلوب لتحقيق الغايات الوطنية والتعامل مع قضايا المسار الاستراتيجي للدولة . والذي يفضي للسلام والتطور والتقدم وتحقيق التميز والجودة والكفاءة والمواكبة....)) والمتتبع لبنود مخرجات الحوار الوطني يجد بوضوح تكرار الكفاءة وتحقيق الكفاءة المطلوبة فهل هذا التأكيد يجنح نحو المحاصصة ؟ والاجابة تبدو جلية فى ان معيار الكفاءة يفرض نفسه علي حكومة الوفاق الوطني لتنفيذ ما هو مطلوب منها نحو تلك المعاني والغايات وبالتالي فإن معيار المحاصصة ينحدر الي الدرك الاسفل من خيارات حكومة الوفاق الوطني ولا مكان له منطقيا وواقعيا . أهل السودان من جانبهم اجمعوا امرهم ووحدوا كلمتهم علي انفاذ مخرجات الحوار الوطني نحو الاصلاح ولا تراجع عن ذلك ولا مجال لتخطيه وان المطلوب هو الالتزام القاطع والجاد لمواصلة المسيرة بعيدا عن المحاصصة معياراً وان اي اصلاح ينبغي ان يشمل مختلف جوانب بناء الدولة وبما ان المحاصصة السياسية هي جوهر أزمة النظم السياسية واخفاقاتها في سائر الميادين فمن المؤكد ان الخلاص منها هو ترسيخ مبدأ الكفاءة ليكون ركناَ أساسيا في برنامج الإصلاح بمفهومه الشامل . ع و