- ظل الاقتصاد السوداني منذ مطلع العام الحالي 2018م يواجه مجموعة من أزمات اقتصادية تزامنت مع اجازة الموازنة التى اجازها البرلمان في 31 ديسمبر الماضي والتى بلغ عجزها 27.4 مليار جنيه (4.11 مليار دولار) ما تشكل نسبته 2.4 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي ، ولمعالجة العجز المتزايد تضمنت الموازنة الجديدة زيادة الدولار الرسمي والجمركي الى 18 جنيها مقابل 6.6 جنيهات في الموازنة السابقة الامر الذي افرز مجموعة ازمات في فترة قصيرة طالت حياة المواطن المعيشية في ظل ارتفاع كبير في أسعار السلع الاستهلاكية في إرتفاع مستمر في قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الحرة المتداولة في سوق العملات مع بوادر شح في بعض السلع خاصة الخبر ومشتقات الوقود . ونتيجة لقرار رفع الدولار الجمركي تولدت ايضا أزمة نقص السيولة في القطاع المصرفي وذلك لوجود عزوف كامل عن تسديد الرسوم الجمركية والضرائيبية بعد الزيادة التى اقرتها موازنة العام الجاري والتى تضمنت زيادة في أسعار الكهرباء للقطاع الصناعي والتجاري وقطاع الخدمات مما ينذر خروج عدد كبير في من المصانع من دائرة الانتاج في العاميين القادميين. وهذه الأزمات تنبئ بحدوث تناقص في جذب الاستثمارات الأجنبية الي داخل البلاد بسبب عدم وجود مؤشرت اقتصادية مستقرة وفي مقدمتها أسعار الصرف والتضخم بجانب محدودية فرص التمويل الخارجي في ظل بقاء إسم السودان في قائمة الدول الراعية للأرهاب . وجاء مؤتمر أركويت الرابع عشر الذي نظمته جامعة الخرطوم يومي 17 – 18 نوفمبر الجاري، حول (المشكل الاقتصادي السوداني الراهن) ، والذي جاء انطلاقا من دور الجامعة التاريخي في تبني قضايا الوطن لمناقشة قضية الازمة الاقتصادية الراهنة من جوانبها المختلفة ، وذلك برعاية رئيس مجلس الوزراء القومي وزير المالية و التخطيط الإقتصادي الاستاذ معتز موسى وإشراف مدير جامعة الخرطوم البروفسير أحمد محمد سليمان، وبحضور جمع غفير من اساتذة جامعة الخرطوم والجامعات الاخرى وتشريف عدد من قيادات الدولة التنفيذية والاقتصادية ،حيث وناقش المؤتمر 12 ورقة عمل علمية متخصصة غطت ثلاث محاور رئيسية تضمنت محور الحوكمة والاصلاح المؤسسي، ومحور السياسات المالية والنقدية، ،ومحور الفقر والرعاية الاجتماعية . وأعلن معتز موسى رئيس مجلس الوزراء وزير المالية والتخطيط الاقتصادي خلال مخاطبته للجلسة الأفتتاحية للمؤتمر عن تحسين واحكام ادارة معدن الذهب للإستفادة منه في الخزانة العامة ، والمضي قدما في تنفيذ برنامج وسياسات الاصلاح الاقتصادي للبلاد وذلك بالتحكم في سعر الصرف والتحكم في التضخم وابطاء سرعة تصاعده وكشف عن بط التضخم في اكتوبر الماضي معتبرا ذلك اولى بشريات السياسات الاقتصادية المعلنة مؤخرا ، اضافة الي احكام الولاية علي المال العام وإيجاد التمويل للقطاعين الزراعي والصناعي لزيادة الانتاج بجانب تحسين مدفوعات الميزان الخارجي ومعالجة الدين الخارجي. وقال ان إدارة الاقتصاد تكمن في حسن الإحاطة بالموارد وحسن تصنيفها بشكل علمي وصحيح ومن ثم وضع السياسات الناجعة واحكام الادارة الناجحة والاهداف للمؤسسات الاقتصادية والنقدية والقطاعية التى تشكل اقتصاد البلاد وثم تتم المحاسبة على اساس النتائج والتخطيط المرتجاة . واشار إلى أن البرنامج الإقتصادي لمعالجة الإختلالات يتمثل في نمو يقوده الصادر، وتنمية يقودها التعليم ، مشيدا بجامعة الخرطوم وما تحمله من هموم وقضايا الوطن وخاصة الاقتصادية ، مؤكدا على أن توصيات المؤتمر ستكون موضع اهتمام وتنفيذ من قبل الدولة. من جانبه أوضح الدكتور الصادق الهادي المهدي وزير التعليم العالي والبحث العلمي ان الوزارة كانت لها مبادرة بعقد المنتديات الاقتصادية والتى كانت نتائجها مرشدة لمجلس الوزراء في رسم السياسات الاقتصادية مشيرا الى ان جامعة الخرطوم درجت علي عقد المؤتمرات الاقتصادية من خلال البحث العلمي لنهضة وتطوير المجتمع حيث تبنت مؤتمر اركويت الذي يتناول مختلف القضايا الاجتماعية والاقتصادية والاجتماعية والسياسة . واشاد بدور جامعة الخرطوم فى إنعقاد مؤتمر اركويت سنويا و تناول القضايا الاقتصادية وتقديم الاوراق العلمية . وقال مدير جامعة الخرطوم البروفيسور أحمد محمد سليمان إن المؤتمر يناقش المشكلات الاقتصادية في ثلاثة محاور هي الحوكمة ، الحكم الراشد والفقر والرعاية الإجتماعية، وأضاف أن المؤتمر القادم في العام 2019 سيقام بمدينة الأبيض حول الحكم المحلي، معرباً عن أمله بمناقشات و مداولات بناءة وتوصيات تعين التنفيذيين في رسم السياسات الاقتصادية. من جهته اشاد الاستاذ بكري يوسف الامين العام لاتحاد أصحاب العمل بمؤتمر اركويت لحل المشاكل الاقتصادية ،مثمنا الدور الرائد الذي تقوم به جامعة الخرطوم في التنمية المجتمعية ، مؤكدا سعي القطاع الخاص في جذب رؤوس الاموال والاستغلال الأمثل للموارد، مؤكد أهمية تقوية العلاقة مع دولة جنوب السودان لجهة ان الجنوب يحتاج الى 176 سلعة من السودان بعائد يقدر بأربعة مليارات من الدولارات ،مؤكدا أهمية فتح المعابر الحدودية بين الدولتين وإستئناف التجارة . واختتم المؤتمر أعماله مساء أمس ، وأصدر توصياته، حيث أكد مدير جامعة الخرطوم البروفيسور أحمد محمد سليمان خلال مخاطبته الجلسة الختامية أنّ المؤتمر توصّل إلى نتائج ستكون ذات فائدة كبيرة لمتخذي القرار، وأعلن أنّ التوصية الرئيسية التي خلص إليها المؤتمر تتمثل في أهمية تعزيز فعالية الحكومة، ومحاربة الفساد الإداري، بجانب ترسيخ سيادة حكم القانون؛ فضلاً عن الإصلاح الإداري للحكم الاتحادي والولائي، مع ضبط الإنفاق العام ومراجعته وترشيده. وتضمنت التوصيات التي قدمها مدير الجامعة ضرورة ترسيخ مبادئ الشفافية والإصلاح في الموازنة العامة للدولة، بجانب توزيع الحزم التشجيعية الممنوحة للمستثمرين بصورة دقيقة، واتخاذ سياسات فاعلة في تخفيف الفقر في السودان. وقال وزير الدولة بوزارة التعلمي العالي والبحث العلمي الأستاذ جمال محمود، إنّ الحلول والمقترحات والتوصيات التي قُدّمت في المؤتمر كفيلة بحل أزمة البلاد الاقتصادية، متعهداً بإيداعها منضدة مجلس الوزراء القومي في جلسته المخصصة لمساهمة التعليم العالي في معالجة الأزمة الاقتصادية السودانية، ومنها إلى رئيس الجمهورية، مع إيداع نسخة من التوصيات لكل الأجهزة المختصة بتنفيذها من الوزارات والهيئات الحكومية للاستفادة من المجهود العلمي الذي أفضى إليه المؤتمر. ودعا إلى نشر الأوراق العلمية المقدمة في المؤتمر بموقع الجامعة، وبوابة السودان الإلكترونية، مثمناً مبادرة جامعة الخرطوم للمساهمة في معالجة القضايا الاقتصادية عن طريق حشد العلماء والمتخصصين. مما يجدر ذكره أن جامعة الخرطوم تنظم مؤتمر أركويت سنويا حيث انعقد منه ثلاثة عشر مؤتمراً في الأعوام السابقة، ناقشت أهم القضايا السودانية المعاصرة مثل قضايا التعليم، التنمية الصناعية، ومؤتمر عن التنمية في غرب السودان، وانطلاقاً من دورها كمؤسسة رائدة في البحث العلمي وخدمة المجتمع وتطويره، قررت الجامعة اتخصيص مؤتمر أركويت الرابع عشر للعام 2018م ، لمناقشة القضايا الاقتصادية الراهنة في البلاد من مختلف محاورها، وتقصي الأسباب والآثار ثم تقديم توصيات علمية وتقديم مقترحات بناءة تساعد في إحداث نقلة إيجابية للوضع الاقتصادي .