أعلن رئيس الحكومة الليبية علي زيدان مساء الثلاثاء التوصل إلى "تفاهم" مع كتيبتي القعقاع والصواعق اللتين أمهلتا المؤتمر الوطني العام (البرلمان) مهلة قصيرة لتسليم السلطة للشعب، وسط تأييد واسع النطاق للمؤتمر. وقال زيدان في تصريح مقتضب للصحفيين إنه أجرى محادثات مع مختلف مجموعات الثوار السابقين ومع الأممالمتحدة والمؤتمر الوطني العام وتم "التوصل إلى تفاهم"، مؤكدا أن "الحكمة قد انتصرت"، لكنه لم يقدم أي إيضاحات حول طبيعة هذا التفاهم. وفي وقت سابق، قال رئيس بعثة الأممالمتحدة في ليبيا طارق متري لوكالة الصحافة الفرنسية إنه التقى قادة ثوار سابقين لإقناعهم "بإعطاء فرصة للحوار السياسي". من جانبها أكدت كتيبة القعقاع على صفحة فيسبوك أنها عقدت اجتماعا ضم قادة الثوار الذين أعلنوا المهملة ووفدا من الأممالمتحدة وقد "تم الاتفاق على إعطاء مهلة 72 ساعة لجميع الأطراف على أن يجدوا حلا نهائيا وجذريا للأزمة التي تمر بها البلاد". وكانت البلاد قد شهدت حركة احتجاجية منذ نهاية الشهر الماضي ضد قرار المؤتمر العام تمديد ولايته التي كان من المقرر أن تنتهي في السابع من الشهر الجاري. وقد أبدت قطاعات واسعة تأييدها التام للمؤتمر العام باعتباره الممثل الشرعي للبلاد وتوعدت بالتصدي لأي تهديد من قبل الكتائب المسلحة التي أمهلت المؤتمر العام خمس ساعات لتسليم السلطة إلى الشعب. وحذر ثوار معظم المدن الليبية في بيان مساء الثلاثاء كتيبتي القعقاع والصواعق من عواقب الانقلاب على الشرعية، مؤكدين أنهم سيواجهون بكل قوة أي عملية انقلاب مماثلة تقوم بها أي جهة. وأفاد موفد الجزيرة نت إلى طرابلس شاهر الأحمد بأن معظم الأحزاب السياسية والعديد من كتائب الثوار أكدت رفضها للتهديد العسكري ضد المؤتمر. من جهته، أصدر حزب الجبهة -وهو حزب رئيس المؤتمر السابق محمد المقريف ومن الأحزاب المهمة الممثلة في المؤتمر - بيانا أعرب فيه عن رفضه ما جاء من تهديد موجه من كتيبتي الصواعق والقعقاع ضد المؤتمر الوطني. واعتبر ما جاء فيه "تصعيدا غير مسؤول ومحاولة للقفز على المطالب الشعبية المشروعة والسلمية". وبدوره، اعتبر رئيس تحالف القوى الوطنية محمود جبريل أن بيان كتيبتي الصواعق جاء كردة فعل لتخبط المؤتمر وقرارته وفشله في تسيير المرحلة الحالية، إلا أنه أشار إلى أن هذا التخبط لا يبرر أي استخدام للقوة. وفي هذا السياق أيضا، خرج المئات من أهالي مدينة بنغازي احتجاجا على تهديد كتيبتي الصواعق والقعقاع بإسقاط المؤتمر الوطني. وطالب المتظاهرون الحكومة المؤقتة والمؤتمر الوطني باتخاذ الإجراءات الصارمة لردع تلك التحركات التي وصفوها بالمشبوهة. وكان المؤتمر الوطني العام قد أصدر عقب إعلان المهلة أوامر إلى رئاسة الأركان بصد أي محاولة لمهاجمة مقره. وأكد رئيس المؤتمر نوري بوسهمين أن المسار السياسي السلمي الذي سيترجم بانتقال للسلطة خيار لا رجعة عنه, مشيرا إلى أن المؤتمر الوطني وافق على إجراء انتخابات برلمانية مبكرة ستحدد المفوضية العليا للانتخابات خلال الشهر المقبل موعدها. ويشار إلى أن هذه التطورات تأتي بعد يوم من توافق الكتل السياسية في المؤتمر على انتخابات مبكرة, في خطوة تلبي تطلعات الرافضين لتمديد ولاية المؤتمر حتى نهاية العام. ويستعد الليبيون للتوجه إلى صناديق الاقتراع غدا الخميس لانتخاب لجنة صياغة الدستور في ظل وضع أمني مضطرب. وشكلت الحكومة قوات مشتركة من وزارتي الدفاع والداخلية لتأمين هذه الانتخابات ولبث جو من الطمأنينة بين المواطنين لتشجيعهم على المشاركة فيها. من جانبها أهابت بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا الأطراف السياسية والثوار والقوى الحية والشخصيات الليبية كافة لإعلاء الأهداف الوطنية العليا فوق المصالح والحسابات الفئوية والظرفية، وأعربت عن قلقها حيال كل الممارسات التي تنتقص من حق الليبيين في التعبير عن آرائهم ومواقفهم السياسية.وحثت البعثة الجميع على العودة بسرعة إلى حوار سياسي يستجيب لإرادة الليبيين ويضمن الانتقال السلمي لسلطة المؤتمر الوطني العام إلى هيئة منتخبة. كما تؤكد أهمية الحفاظ على الشرعية وعدم تعطيل المؤسسات. س ص