أصبحت مشكلة ارتفاع الأسعار ظاهرة تعاني منها مختلف بلدان العالم، وتسببت الرسوم والضرائب المفروضة على القطاعات الإنتاجية من قبل مستويات الحكم المحلي، في تعطيل عجلة الإنتاج، ولم يكن السودان استثناء من هذه الظاهرة بسبب آثار الأزمة العالمية وانتهاج سياسات اقتصادية كلية على ارتفاع المستوى العام للأسعار «تزايد معدلات التضخم»، ومن ثم ارتفاع تكلفة المعيشة فيه بارتفاع أسعار السلع والخدمات متمثلة في الازدواج الضريبي المفروض على سلع السكر والوقود، بجانب ارتفاع ضريبة القيمة المضافة من 10% إلى 12% على كل السلع والخدمات، كل هذه أدت إلى الارتفاع المخيف في الأسعار. وفي هذا الإطار نظمت الهيئة النقابية لعمال المصارف والأعمال المالية والحسابية والتجارة والتأمين، ندوة بعنوان غلاء المعيشة وأثرها على العمال تحت شعار «أفكار جديدة لمواجهة غلاء المعيشة»، حيث أكد رئيس المجلس التشريعي بولاية الخرطوم أحمد دولة أن البلاد تمر بضائقة من العملات الصعبة، مشيراً لوجود الجبايات المزدوجة، مطالباً بتخفيضها.. الشيء الذي يؤدي إلى خفض الأسعار، داعياً إلى ضرورة تفعيل قانون حماية المستهلك وطالب دولة التجار بوضع الديباجة والصلاحية على السلع، منتقداً سياسة بنك السودان في التمويل الأصغر حيث عمل على تخفيض نسبة الودائع من 12% إلى 6%، موضحاً أن الأرباح تصل إلى 20%، منادياً بضرورة إيقاف استيراد السلع غير الضرورية بجانب زيادة المخزون الإستراتيجي مما يؤدي إلى زيادة أرصدة المحفظة. من جانبه طالب مساعد الأمين العام للثروة الحيوانية عوض التوم الحاج بضرورة إيجاد معالجات جذرية فورية لقضايا الأجور وتحسين ثقافة البائع والمستهلك، بجانب إيجاد إصلاحات هيكلية للاقتصاد الكلي مما يؤدي لتحريك الصادرات وتفعيل قطاعات النقل المالي للأسواق المالية والتأمين والمعاشات، داعياً لوجود هيئة رقابية لمراقبة الأسواق، داعياً الدولة إلى الحصول على قروض نقدية من البنوك من الدول الصديقة، بجانب وجود برتوكول لتفعيل التجارة بين الشمال والجنوب. من جهة أخرى قال الخبير الاقتصادي د. أبو القاسم النور إن التضخم والبطالة هما شيطان هذا الزمان بارتفاع معدلات التضخم والبطالة، مشيراً إلى أن السوق غير تنافسي وأن الأجر الحالي هو أجر إعاشي فقط وليس إنتاجي، داعياً إلى إلغاء الاحتكار من الأسواق وترك الفرصة للمنافسة لخلق بيئة إنتاجية استثمارية لضمان المنافسة، منتقداً السياسات النقدية التي لا تتمتع بآلية المؤسسية والوعي الاستثماري. من جهة أخرى أكد الخبير الاقتصادي د. محمد عبد القادر أن السياسة الحالية أثرت على وضعية التضخم وارتفاع الأسعار، وأن الجانب الانفاقي في السياسة ساهم في رفع معدلات التضخم من خلال التوسع في التمويل المصرفي في ظل تزايد عدد المصارف، مشيراً إلى أن الانفاق في الاستحقاقات التي واجهت الأمن القومي والنزاعات الداخلية في دارفور وجنوب كردفان واستحقاقات أبناء الجنوب لأن معظمها استهلاكي وغير موجه نحو الإنتاج، إلى جانب كثرة الجبايات المحلية لتمويل نشاط أجهزة الحكم المحلي «الولائي». وفي ذات السياق أرجع د. علي محمد مكاوي مدير الثقافة العمالية، ارتفاع الأسعار إلى سياسة التحرير ووصفها بأنها من أكثر السلبيات، وأضاف أن السياسة المتبعة في المجال الزراعي متخلفة جداً، داعياً إلى إنشاء بنك للبذور، مشيراً إلى أن قطاع الزيوت متدهور ولا يتعدى إنتاج البذور 90 ألف طن، وقال إن التوسع الضريبي أدى إلى اختفاء السلع وظهور الباعة المتجولين، مطالباً بوضع آلية للإصلاح الضريبي بين القطاع الخاص والضرائب، وأوصى مكاوي بإدخال ثقافة الجودة الشاملة والتدريب التطبيقي في المؤسسات مما يؤدي إلى رفع كفاءة العمال، مطالباً بإيقاف تصدير المواد الخام قبل تصنيعها.