الشيخ الجليل، والداعية المؤثر الدكتور عبد الحي يوسف، رجل له اسهاماته المقدرة في مجال الدعوة، وله رؤيته الشاملة في كثير من القضايا، إلى جانب نظرته الفاحصة والثاقبة للأمور، وإقتران كل ذلك بالفطنة والمنطق الديني والدعوي المقنع. إلتقيت بالرجل كثيراً، وجمع بيننا العمل في عدة لجان موسمية، وترافقنا ذات يوم من أيام العام الماضي في رحلة إلى جمهورية الصومال، ضمن وفد قاده السيد مساعد رئيس الجمهورية الدكتور نافع علي نافع. أتابع من خلال الإذاعات أو محطات التلفزة السودانية- خاصة قناة طيبة- البرامج التي يقدمها الدكتور عبد الحي يوسف، أو تتم استضافته فيها للإجابة على أسئلة واستفسارات المشاهدين أو المستمعين، وأجد إلى جانب المعرفة والعلم والاستزادة في المعلومات، أجد متعة كبيرة في متابعة الفتاوى والآراء الفقهية النيّرة التي يقدمها فضيلة الشيخ الجليل الدكتور عبد الحي يوسف. بالأمس سأله سائل من خلال برنامج (اسألوا أهل العلم) عن الأسباب التي دفعت بجهات الاختصاص في السودان للإفتاء بأن السجود لله عز وعلا في مباريات كرة القدم، لا غبار ولا إثم عليه، عقب إحراز هدف، أو تحقيق فوز في المباراة. وهاجم السائل المتشدد- على الهواء مباشرة- هيئة علماء السودان التي قال إنها افتت بذلك، مهاجماً في ذات الوقت الأندية والفرق الرياضية، والقائمين بأمرها. الأمر كان سيصبح امتحاناً عسيراً إذا ما دُفِعَ به في وجه أيٍ منا، من غير أهل الفتوى، لكنه ما كان كذلك أمام الشيخ الجليل الدكتور عبد الحي يوسف، الذي قال لصاحب السؤال إن الفتوى المشار إليها لم تصدر عن هيئة علماء السودان، بل من مجلس الافتاء الشرعي، وهو الجهة المخول لها رسمياً باصدار الفتاوى الملزمة، ثم أشاد بأعضاء المجلس ووصفهم بالعلماء الذين لا شك في علمهم، وذكر ملاحظة مهمة، وهي أنه لم يعرف أي إهتمام لأي منهم بكرة القدم، أو تشجيعها.. وهذا قطعاً يعني عدم وجود المصلحة في إصدار مثل تلك الفتوى. وتحدث الشيخ الجليل عبد الحي حديثاً طويلاً عن بعض الظواهر في ميادين كرة القدم، مثل رسم علامة الصليب باليد لدى لاعبي فرق كرة القدم الأجنبية عقب إحراز الأهداف، وتقليد بعض لاعبي كرة القدم من المسلمين برسم تلك الشارة دون وعي أو فهم لمغزاها.. لذلك لا يرى الشيخ الدكتور عبد الحي مانعاً من أن يسجد اللاعبون المسلمون لله عقب إحراز هدف أو تحقيق نصر، أو فوز في ميادين كرة القدم، وتلك السجدة هي سجدة الشكر، وقد عرف عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أنه كان يسجد شكراً لله عقب كل نعمة أو فضل يناله. وأشار الدكتور عبد الحي إلى اللاعب المصري (أبو تريكة) دون أن يسميه بالاسم، عندما خلع (فانيلته) الخارجية عندما أحرز هدفاً في إحدى المباريات، ليظهر في (الفانيلة) الثانية التي كانت تحت الأولى عبارة (أدعموا غزة)، إبان حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وأثناء حصار غزة. الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف قال إن كرة القدم الآن أصبحت جزءاً من اهتمامات الناس في ممارستها أو متابعتها، وليس في ذلك غضاضة، طالما أنها لا تصرف عن عبادة الله أو تستغرق كل وقت المؤمن. أخي الدكتور عبد الحي يوسف، لك الشكر الجزيل على هذه الإضاءات المهمة، لك ولأمثالك من علمائنا من أصحاب العقول المستنيرة والمتفتحة، الذين يعيشون عصرهم ويتمسكون بدينهم في ذات الوقت.