صحيح أن وزارة المالية التزمت بسداد مستحقات العاملين بالتلفزيون القومي (القطع والسقوفات) لمدة الثمانية أشهر الماضية، والتي ناضل العاملون من أجل الحصول عليها كثيراً، حتى بلغ بهم الأمر إلى تسيير وقفات احتجاجية يومية لمدة أسبوعين، وهي ظاهرة غريبة لم يشهدها تلفزيون السودان منذ تأسيسه، نعم انفرجت أزمة الاستحقاقات السابقة، ولكنها فتحت الباب لأزمات قادمة، تنذر باستمرار الوقفات الاحتجاجية بعد قرار الاجتماع الذي ضم السيد وزير المالية الوطني، والدكتور أحمد بلال عثمان وزير الثقافة والإعلام، والدكتور فرح مصطفى وزير الدولة برئاسة الجمهورية، والأستاذ محمد حاتم سليمان مدير التلفزيون القومي، حيث قرروا إيقاف نظام القطع إعتباراً من شهر يناير إلى حين إيجاد المعالجة المناسبة، ضمن ميزانية التلفزيون المعتمدة من وزارة المالية، فكما قلت سابقاً هذا القرار العجيب يهدد وينذر بعدم توقف الوقفات الاحتجاجية للعاملين بالتلفزيون القومي، لأن (القطع والسقوفات) حقوق يصرفها العاملون لأكثر من خمسة عشر عاماً، فكيف يتم إيقافها الآن لحين إيجاد معالجة لها، وماهي المعالجة، فكأن القطع والسقوفات هي منحة أو هبة أو عطاء، وهذا القرار سوف يشكل أزمة جديدة لأنني ببساطة شديدة لا أعتقد بأن نقابة العاملين بالتلفزيون سوف توافق على هذا القرار، لأن قانون الخدمة يدعم الرفض للقرار، لأن القطع والسقوفات أصبحت حقاً مكتسباً، لأنها تصرف للعاملين لعدة سنوات وفقاً لطبيعة عملهم الخاصة، لذلك لا توجد صيغة لإيقافها بدون وضع البديل، بالإضافة إلى أن مطالب العاملين شملت جوانب أخرى تم تهميشها في الاجتماع، مثل تحسين بيئة العمل المتردية، ورفعوا الشعارات التي تؤكد ذلك في وقفاتهم الاحتجاجية مثل (لا تكييف لا أسبيرات قروشنا ضاعت في الحفلات)، بالطبع يقصدون حفلات الخمسينية السابقة، والتي قاطعها العاملون ولم يشاركوا فيها، وتم الاستعاضة عنهم بطالبات الداخليات لملء جنبات المسرح القومي وقاعة الصداقة - حاجة تكسف - فبيئة العمل- كما قلت وقال العاملون بالتلفزيون- متردية للحد البعيد، فأبسط شيء لا توجد به شرائط جديدة للتسجيل الذي يتم عبر الأشرطة القديمة، ويسمح بذلك تاريخ الأمة وحضارتها، ومشاكل عديدة في المعدات والأجهزة المعطلة، وتردي صالة قسم الأخبار التي أصبحت تدار من ممر ضيق- قمة البؤس والعناء وعدم الاهتمام- حتى اكتملت القصة قبل أيام وتوقف الاستوديو الرئيسي بالتلفزيون عن العمل بسبب تهرد (المكسر) الموجود فيه جراء عدم الصيانة، وبعد كل ذلك يحدثنا الأستاذ محمد حاتم سليمان عن مشروع الرقمنة، الذي لا يملك الحق للحديث فيه- كما قال سعادة اللواء خليل إبراهيم مدير هيئة البث- وإذا توجهت بسؤال مهم أود الإجابة عليه.. ماهي انجازات الأستاذ محمد حاتم سليمان في التلفزيون.. وماهي البصمة التي تركها فيه حتى الآن؟!!.. هذا بالطبع بعيد عن أحلامه الخيالية بالاستوديوهات العائمة والكباري الطائرة. فيا سيدي محمد حاتم تلفزيون مازالت تعمل إدارة أخباره بالكربون لعدم وجود (حبر) في طابعته، هل هو جدير بالتحول للبث الرقمي.. بل هل حتى نستطيع أن نحتفل بخمسينية في ظل تردي بيئة عمله بهذه الصورة، أو أي احتفال آخر قال الزميل الأستاذ الطاهر ساتي في تحقيقه المدهش والمثير يوم الأحد الماضي في فاصله الإعلاني بصحيفة السوداني الغراء والذي قال فيه: (نظمت إدارة التلفزيون- منتصف الأسبوع الفائت - ليلة جهادية بلا مناسبة.. لم تسقط مدينة ولم تحرر أخرى، ولم يعلن الناطق الرسمي باسم الجيش إعلان الحرب على دولة جارة أو غير جارة، ومع ذلك كانت ليلة جهادية ذات أشعار وحماس ودموع.. وبقربها - أي على بعد أمتار في ذات الحوش- كانت ولا تزال دموع العاملين تبكي استحقاقاتهم..).. لماذا نحتفل ونحن لا نمتلك الجاهزية للاحتفال بدواخل مكاتبنا المتردية في بيئتها، والمنعكسة على مستوى شاشة تلفزيوننا القومي الذي هرب منه المشاهدون. ولا أدري سبب تمسك القيادات العليا ببقاء الأستاذ محمد حاتم سليمان في موقعه هذا، بدون أن تطاله رياح التغيير بعد أن رفضه العاملون بالتلفزيون ورفعوا شعار (بلا تحقيق بلا استهتار التغيير رافعنوا شعار)... والأهم من كل ذلك لماذا يتمسك الأستاذ محمد حاتم بهذا المنصب رغم رفض العاملين له، فلو كنت مكانه لتنحيت فوراً وقدمت استقالتي. والشيء المحزن حقاً والذي ظهر في وقفات العاملين بالتلفزيون الاحتجاجية هو الدور الميت والهزيل الذصي يقوم به السادة أعضاء المكتب الصحفي فيه، ففي قمة الاحتجاجات أنبرى بعض أصحاب الولاء الخارق فيهم من حملة الدفاع عن محمد حاتم إلى شتم وسب المحتجين بالتلفزيون بطريقة أو بأخرى بعدم مهنية تفوق الحد، وتدعو للشفقة على إنحطاط وتدني مستوى الصحافة السودانية بأمثال هؤلاء (ال......) فهل هم أعضاء المكتب الصحفي المنتمين للتلفزيون أم أنهم أعضاء المكتب الصحفي للأستاذ محمد حاتم سليمان والمدافعين عنه!!، سوف أعود لهم على مهل، خاصة وأن أحدهم حسابه في التردي زاد كثيراً، فليستعد منذ الآن لمعركته معنا، فقد أجلناها كثيراً وحان وقت الحساب. - ونواصل -