الصديق الحبيب حسين.. وهذه كلمات لك.. وقبلها أشواقي لك لم تفتر.. لمجالسك العامرة.. لأنسك الرفيع.. لسلاسة.. وجداول الحكي المترفة.. ومبروك المساء.. وكلمات يجب أن تقال.. وشكراً شاسعاً لتاج السر الحسن.. وشكراً وابلاً لكابلي.. وشكراً بهيجاً لك.. وأنت تتحدث في إبهار في تلك الساعة من «دغش الرحمن» مع الحلنقي.. تحكي عن آسيا وأفريقيا يا ألطاف الله.. ويا لروعة اللحظة وأنت تفتح أمام عيوننا النوافذ لنطل على تلك الأيام المزهوة.. وليالي الفرح الخضراء في الوطن البهيج.. والكابلي ينشد.. يا صحابي صانعي المجد لشعبي.. ويا للمتعة.. ويا لبلاغة الدرس الذي يجب أن يستوعبه «إخوانك» الذين طفقوا يرددون بل يتخيلون إن السودان ذاك المقاتل المثقف النبيل قد ولد يوم 30 يونيو ليلة إعصارهم ذاك المخيف.. علهم يستمعون جيداً إلى تاج السر وهو يغني نيابة عن الشعب السوداني النبيل لطاغور.. وغابات كينيا.. وجومو وحراب الماوما و.. لناصر الذي ناصبوه العداء حياً وميتاً.. للملايو التي ما عاد اسمها الملايو.. لروسيا.. ليس هذه الآن.. بل روسيا «الكرملين» روسيا نيكيتا خرتشوف.. روسيا «الدوما» روسيا «قصر الشتاء» روسيا البارجة «أفرورا» روسيا السوفيتية التي كم كم انحازت في شرف إلى الشعوب المقهورة.. والتي كم.. كم بثت الرعب في أوصال البنتاجون والحجرة البيضاوية ذاتها.. وأحمد سوكارنو.. وهو وسط الملايين في الميدان الأحمر في قلب جاكارتا.. قبل أن يطيح به ذاك الدموي الذي أجرى دماء الشرفاء أنهراً وبحاراً في استاد جاكارتا.. حسين.. بالله عليك.. دع المساء تنهل بل «تغرف» من بحيرة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات التي عاشها شعب السودان في ترف وأناقة وبسالة وذكاء.. دع المساء تستدعي في الحاح.. بدائع حمدي بولاد وروائع حمدي بدر الدين.. ودروس الطيب محمد الطيب.. ونهر الغناء ذاك المترف البديع.. استدعوا مرة أخرى.. النجمة الزاهرة والساهرة.. الفاتنة التي كانت تضيء شاشة تلفزيون «بيروت» ليلى رستم.. وهي تصطاد النجوم من السماء وتجلسها على كرسي الاعتراف وبرنامجها الشاهق.. نجوم على الأرض.. ولن ننسى صفحات التاريخ التي تقلبها «ليلى» وتكسوها لحماً وشحماً.. لتتحاكم أمام التاريخ في قاعة التقاضي «محاكمات أدبية».. نعم أنا أعرف أنها برامج تلفزيونية.. ولكن لأنك «فنان وماهر» ولأن معاونيك مبدعين ومهرة.. دعهم يحولون تلك العظمة إلى أعمال إذاعية حتى تعود لنا الروح وحتى تمتليء رئات الشعب.. بالنقي من الهواء الذي كنا نتنفسه في فضاء الوطن الجميل.. حسين ولأن «الوصية بالمهلة» بالله عليك دع الإذاعة تعيد لنا مرة أخرى «خطوبة سهير» و «المقاصيف» و«الدهباية».. وروائع وبدائع.. حمدنا الله عبد القادر ومكي سنادة وصلاح الدين الفاضل.. حسين.. ولأن شعبك أنيق ومرهف.. خصص في اذاعتك كل يوم نصف ساعة أو ساعة كاملة.. فقط لمقطوعات الموسيقى التي ابتدعها وألفها.. خواض.. وبرعي محمد دفع الله وبشير عباس وإسماعيل عبد المعين وحافظ عبد الرحمن.. حتى تطرح وتفك تلك «التكشيرة» التي رسمها أبالسة وشياطين على وجوه وجباه شعبك المدهش الفريد.. حسين.. ولأن الوصية بالمهلة.. بالله عليك دع «المساء 101» تكون خالية تماماً من أي نشرة أخبار.. يكفينا كثيراً تلك الأمطار من نشرات الأخبار التي تطرق رؤوسنا كالشواكيش رغم انها مصنوعة من الزبدة التي «تسيح» مع أول شعاع من الشمس.. حسين.. ولأن الوصية بالمهلة.. «عليك الله» حاور لنا الذين وهبوا الوطن ظلاً وظلالاً من الجمال والدهشة وهم الآن في الظل.. حاورهم- أنت شخصياً- ليعرف أبناؤنا وبناتنا.. كم كان جيلنا رائعاً ومبدعاً.. حاور سيف الدين الدسوقي والجنرال الطاهر إبراهيم والجنرال عوض أحمد خليفة.. والأنيق «الحنين» والذي أبداً «دمعتو» في طرف عينو «السني الضوي» حاور ود الحاوي.. وذاك الذي أبكانا وأشجانا وهو يستعطف الزمن أن يتوقف شوية إبراهيم الرشيد.. حسين.. مع السلامة وحفظ الله المساء من المغول والتتر وكل جنكيز خان..