الصديق منذر.. مرة أخرى سلام وود واحترام.. وبالأمس أصطحبتك وعدت بك القهقرى.. ونحن في قلب كبسولة الزمن.. وهي تسبح عكس شارات الساعة.. وتوقفنا في زمن زاهي.. أنيق وبديع وكيف كان هذا الوطن قبل ستين عاماً وتزيد.. وروعة الصور.. وبهاء اللوحات.. والمرأة في ذاك الزمان.. كانت معقل الآمال ومحور الأفكار.. يضعها الناس عامة والشعراء خاصة في قمم الطهر والنقاء ومرتفعات التقدير والاحترام.. توقفنا بالأمس مع أمير العود حسن عطية.. واليوم أعود بك إلى ستينات القرن المنصرم.. والكابلي يدهش الدنيا بحروف منحوته من عود الصندل.. مرشوشة بماء الورد.. مطلية بدفقات المسك.. وهو يشدو.. أي صوت زار بالأمس خيالي طاف بالقلب وغنى للكمال وأذاع الطهر في دنيا الجمال وأشاع النور في سود الليالي إنه صوتي أنا.. أو تدري من أنا أنا أم اليوم أسباب الهنا أنا من دنياكم أحلى المنى كل حب في الورى رجع حناني كل نبع دافق بالخير من ينابيع يغذيها اهتمامي أنا نصف قد حوى كل المعاني.. وتمطر عيوننا دمعاً فرحاً ودهشة.. وكان لابد أن نعود وليتنا ما عدنا نعود إلى هذا الطقس والذي هو دنىء جداً.. نعود إلى عصر تبدل فيه الحال.. وأكوام من الرماد والتراب(تردم) المرأة في قسوة وحشية.. ومدفعية تقيلة يمطر بها بعض المشائخ المرأة في قسوة وبغير رحمة.. وبالله عليك.. أين كلمات ولوحات(كابلي) تلك الفاتنة والتي كتبها على قشر البرتقال تكريماً للمرأة من كلمة صادمة متوحشة.. يقذف بها الرجل المرأة عندما يقول عنها في خفة وإهمال.. إنها(عفنة) يا ألطاف الله.. بالله عليكم أليس باطن الأرض خير من ظاهرها.. المرأة التي كرمها وأوصى على إكرامها نبي الرحمة.. تصير عند بعض الذين وجدوا أنفسهم فجأة تحت هالات الضياء وعند أنوار الكشافات.. أرأيت صديقي كيف كنا وكيف أصبحنا.. وهاك صورة من صور البرلمان في ذاك الزمن الزاهي.. لتقارن وتبكي..وتقلب صفحات من ذاك الماضي البديع.. وكيف كان الفرقاء يتحاورون برصين العبارات.. وبديع المفردات وأحياناً برفيع الشعر وباهي الأبيات.. يقف الصادق المهدي ليقول في بلاغة إذا أقتربت وسالت دماؤها. تذكرت القربى ففاضت دموعها وأحدهم - أحد النواب- يعدد في إطالة انجازات وإبداعات حزبه وكيف أن حزبه لم يترك شاردة ولا واردة إلا وكان له فيها بصمات.. وقبل أن يجلس لم يجد تعبيراً عن إنجازات حزبه غير بيت الشعر ذاك الذي أنشده عنتره وصدح الرجل بالبيت قائلاً.. هل غادر الشعراء من متردم؟؟ والمعروف أن الإجابة التي عرفتها الدنيا هي.. لا لم يغادر الشعراء متردم إلا وطرقوه.. جلس الرجل فنهض المحجوب قائلاً.. نعم غادر الشعر من متردم.. فدوت القاعة بالتصفيق.. وواصل المحجوب وهو يعدد ألواناً من الإخفاق وعشرات من المهام التي لم ينجزها حزب النائب الذي استشهد ببيت عنترة.. والآن يا صديقي.. هل عرفت لماذا أنا حزين.. ولماذا أبكي وأنا أرى إنحداراً مفزعاً في لغة حكامنا.. وبالمناسبة هل سمع هؤلاء النواب المحترمين.. بعنترة شاعراً وليس مقاتلاً؟. مع السلامة صديقي. إعتذار وتصحيح: ورد بالأمس بيت من أغنية الأستاذ حسن عطية خطأ (هبي ياعديلة وتقبلي سلامي) والصحيح .. هبي يا عديلة وقبلي سلاحي.. لكم وللشاعر ولأمير العود أسفي وإعتذاري..