سؤال تاج وشمس الرواية والقصة السودانية والعربية الطيب صالح «من أين أتى هؤلاء؟» كان في تلك الأيام العاصفة والانقاذ كانت في أيامها الأولى.. وهويتها كان يلفها الغموض وتنهض حول حوافها غابة ضخمة من الطلاسم.. وكانت شفرة «رئيساً وحبيساً» لم تحل وتفك بل لم تظهر في سماء الوطن في تلك الأيام.. وطبعاً الرجل لم يعرف من أين له أن يعرف.. إن هذه هي حكومة الإخوان، لأن الرجل لو علم لما أطلق سؤاله ذاك المدوي في الأفق.. لأن الرجل يعرف جيداً الإخوان منذ «طيران» الكرسي الشهير في جامعة الخرطوم إيذاناً ب«فرتقة» حفل «أبا دماك» وإيقافاً فورياً ل«رقصة العجكو».. الرجل يعرف- ونحن نعرف.. إن الأحبة الإخوان ليس لهم في الطرب والغناء والوتر ورزيم الطبل.. وذبح القوس لأوتار الكمان.. وغزل الغناء السعيد والبهيج.. ليس للإخوان في كل ذلك اهتمام أو «نصيب» وقبل أن نرصد صوراً من مجافاة «الإخوان» لضروب شتى من أنشطة وليالي الناس في هذا الوطن الجميل.. نقول إنه ليس افتراء ولا تجنياً ولا هو بالبهتان.. فقد جمعتنا بالإخوان الجيرة والمدارس والفصول والمدرجات.. عرفنا عنهم أنهم يفرون من الحفلات- أي حفلات- حتى تلك التي تضاء فيها الثريات و«تنفخ» فيها المكرفونات يفرون منها فرار الصحيح من الأجرب.. وحتى في ميادين الكرة بأشكالها وأنواعها وفي مضامير الرياضة بأشكالها وتنوعها، كانوا يكتفون فقط بالجلوس على «خطوط» الملاعب يجلسون مع «بعض كويمات.. كويمات» لا يتفرجون بل يتهامسون وهم يناقشون أمور «الأسرة» وهو الاسم للخلية يتعارف به الإخوان المسلمون.. بالمناسبة يا «ناس» بالله عليكم ومن «الله خلقكم» هل سمعتم بمطرب واحد «أخ مسلم» راجعوا تاريخ الغناء في السودان من عهد «الطمبارة» مروراً «بالحقيبة» واجتيازاً لروض وحدائق الغناء الحديث.. وحتى تصلوا عصر «ناس طه سليمان وأولاد الصادق وشكرالله عز الدين» بالمناسبة إذا استطاع «أي واحد» من أفراد هذا الشعب العظيم الحصول على اسم فنان (أخ مسلم) في كل تلك العهود أهديه جائزة فاخرة احتفالاً به وتكريماً له على هذا الاكتشاف العظيم.. ونذهب إلى كرة القدم معشوقة الملايين ونفس السؤال.. ونفس الامتحان ونفس الجائزة.. وراجعوا كشوفات الأندية الرياضية السودانية منذ عام 1927 وحتى يوم الناس هذا.. وقلبوا كشوفات الأندية وراجعوا كروت اللاعبين وأمسحوا الملاعب من درجة رابعة مروراً بالثالثة.. والثانية والأولى وحتى الدرجة الممتازة هل تجدوا لاعباً واحداً «أخ مسلم»؟ بالمناسبة.. في تلك الأيام المفزعة وفي قلب وأحشاء تلك «الهيجة» فقد كنت أنا عضواً في اتحاد كرة القدم في ولاية الخرطوم.. وفي نفس تلك الأيام التي أطلق فيها الأديب «الطيب صالح» سؤاله المدوي «من أين أتى هؤلاء؟» في تلك الأيام خرج علينا أحد «الإخوان» برأي عجيب.. فقد كان هدف «الرجل» أن يمسح من خريطة الوطن شيئاً اسمه كرة القدم.. لم يسلك الرجل المسلك الوعر وهو الدعوة لتحريمها توافقاً مع المشروع الحضاري بل التف الرجل حول ذلك وصرح علناً إن كرة القدم تشيع التعصب بين الناس، وإن دور الرياضة تشطر المتفرجين والذين هم «الناس» إلى شطرين، وهذا نوع من العصبية لا يجوز.. علماً بأن جوهر كرة القدم هو التنافس بين الأندية اجتاحتنا «خوفة» ولفنا الهلع.. وكان الفرح على أيدي دكتور شداد الذي أتى برموز الرياضة السامقة والشاهقة مثل دكتور حليم ورموز باهرة من الوسط الرياضي.. ونظم البروف «شداد» ندوة في دار الزمالة الأولمبية وأتى بالمتحدث الوحيد والذي كان هو الدكتور عصام أحمد البشير.. وأبطلت هذه الندوة قنبلة أحد «الإخوان» التي كانت ترمي إلى شطب «الكورة» من السودان. بكرة نواصل