يقول المفكر الدكتور/ خير الله حسيب في إحدى محاضراته.. (الديمقراطية ضرورية للتغيير والإصلاح، لكنها شرط ضرورة لا شرط كفاية أي أنها لا تكفي وحدها لتحقيق الإصلاح). وفقاً لتعريف الموسوعة البريطانية فإن الديمقراطية تعني حكم الشعب، وهذا المصطلح يتضمن ثلاثة معانٍ رئيسية: الأول نوع من الحكومة يمارس فيه المواطنون جميعاً حق إتخاذ قرارات سياسية مباشرة، ويعمل من خلال إجراءات حكم الأغلبية ويعرف عادة باسم الديمقراطية المباشرة، والثاني نوع من الحكومة يمارس فيه المواطنون الحق نفسه، ولكن ليس شخصياً، وإنما من خلال ممثلين مختارين منهم ومسؤولين تجاههم وتسمى الديمقراطية التمثيلية، والثالث شكل من الحكومة تمارس فيه حقوق الأغلبية من خلال إطار من المحددات الدستورية التي تهدف الى ضمان تمتع جميع المواطنين بحقوق معينة فردية أو جماعية، مثل حرية التعبير والذي يسمى الديمقراطية الليبرالية، أو الديمقراطية الدستورية، والديمقراطية هي وسيلة لحياة أفضل وقيمة في حد ذاتها، ولكنها شرط ضرورة وليست شرط كفاية.أجهزة الإعلام موكول لها إحياء معاني الديمقراطية وحفز المواطنين على ممارسة حقهم الطبيعي في الإنتخاب والإختيار، ومساعدتهم في تكوين رأي حول المرشحين عبر عكس البرامج المختلفة للأحزاب، وقد يتداول الإعلام كلمة الديمقراطية أو الشورى وقد حسم ذلك بعض المفكرين الإسلاميين منهم فهمي هويدي في كتابه (الإسلام والديمقراطية)، ومنهم الدكتور حسن الترابي الذي أفتى لمجلة المستقبل العربي أنه من الممكن أن تسمى الشورى ديمقراطية، ولا ضرورة للتمسك بتعبير الشورى.. والصحافة التي يشارك في تحريرها النخب المثقفة بوجه عام مسؤولة من أن تلعب دوراً مفتاحياً في قيادة المجتمع وتبصرته بالأخطار المحدقة بالبلاد، وبالفرص المتاحة وكيفية مجابهة هذه الأخطار عبر الإختراق الإقتصادي والسياسي والإستثماري، والسير نحو خلق قدرة على تنمية موارد البلاد الذاتية، والتأكيد على أن المثقف السوداني عليه أن يسمو فوق المشاكل التي يعيشها، ويأبى عن خلط الذاتي بالعام وينبغي أن تؤكد أجهزة الإعلام أهمية الإعتماد على التغيير من الداخل، مهما كانت الصعوبات وعدم الإستعانة والإستنصار بالقوى الخارجية، بهدف خلق إرادة وطنية مستقلة وقوة وطنية حاشدة تتخلى عن المصالح الشخصية، ولا تنظر للسلطة كهدف للتملك، وإنما كوسيلة لحشد الموارد وتوحيد الجبهة الداخلية. الإنتخابات القادمة ينبغي أن تؤكد أن الحق في التنمية العادلة مكفول لكل فرد أو جماعة تنتمي الى الوطن، ويجب أن تقوم على العدل والمساواة والإختيارات المفتوحة، ويشير تقرير التنمية الإنسانية العربية الثاني في الفصل الخاص بالحكم الراشد الى أن القصور التنموي في البلدان العربية يتبدى في ضعف إكتساب القدرات البشرية، وقلة توظيف هذه القدرات البشرية العربية في مجالات النشاطات البشرية الإقتصادية والإجتماعية، وهذا التقرير يؤكد ضرورة تقرير الحقوق التي تؤدي نشأتها الى المسؤولية الديمقراطية والتي تنبني عليها الحريات الأساسية.. ويؤكد التقرير أن التنمية الإنسانية ترتبط بحرية الإنسان، ويؤكد التقرير خمس حريات وسائلية لضمان الديمقراطية وهي الحرية السياسية والتسهيلات الإقتصادية والفرص الإجتماعية، وضمانات الشفافية والأمن الحمائي، وهي كلها تعني وجود الخيارات لدى الفرد، الأمر الذي يعزز من كرامة الإنسان وتوسيع الحرية هي غاية نهائية للتنمية الإنسانية. من القضايا التي ينبغي أن يكرس لها الإعلام حيزاً مناسباً هي عنصر المشاركة في إتخاذ القرار مما يعني المساواة القائمة على أساس الحرية والتخلص من السيطرة المركزية، بإعتبار ذلك يمثل أهمية قصوى في التنمية، الأمر الذي يفضي الى إعادة النظر في النسق الإجتماعي القائم بما يناسب خطط التنمية والتغيير المطلوب يتطلب خلق المجتمع الذي يمتلك أفراده الخيارات التي توصل الى الرفاهية الإقتصادية بعيداً عن السيطرة المركزية. إن المناخ المتاح نحو التعددية الحزبية ينبغي على الأجهزة الإعلامية أن تصوب أسهمها عليه بالتزكية أو التعديل، حيث أن الأجهزة الإعلامية في ظل قصور اللقاءات الجماهيرية المباشرة هو الذي يفتح أعين الشعب على مجالات الإصلاح التي حدثت والمجالات التي تتطلب مزيداً من الإصلاح، كما أن من واجبها تبيان التطور الذي حدث في مناخ الحريات وما هو المطلوب في المرحلة القادمة في ظل الإستقطاب السياسي والإقتصادي الذي يواجه البلاد، حيث تجتاح العالم الآن موجة عاتية من المراجعات الإستراتيجية تحت ضغوط الضرورة والحاجة للإفلات من الأزمة المعولمة، والحاجة لخلع الولاءات الضيقة الى الولاء للوطن.. وعلى أجهزة الإعلام العمل على ترميم ورتق العلاقات المجتمعية وإفشاء سياسة السلام والرأي الآخر، ورتق النسيج الإجتماعي، وتحريك المجتمعات المستبعدة، وعكس صوت الأمة للحكام والتعبير عن طموحات وآمال عامة الشعب، والذود عن الوحدة الوطنية وتعزيز وتدعيم وحدة الأمة.وبالله التوفيق ،،،،