بعض الخطاب الرسمي الذي تُصدّره الحكومات على لسان (رجال الدّين) ، يدين داعش، دون الخوض في أصلها المكنوز داخل كتب التراث.. والسبب في ذلك، أن الدّعشنة عند أهل السنّة والجماعة، بمثابة (عُوَّارة الضّرا) التي لا يراها صاحبها، ولا الآخرين..! ولمّا كان الأمر كذلك، فإن الخطاب الرسمي يعتمد نظرية المؤامرة في تفسير أفاعيل الدّعشنة، على اعتبار أن داعش ما هي إلا صنيعة استخباراتية غربية صليبية، تستهدف (الأُمّة)..! فإذا كان هذا صحيحاً، وإذا كان زحف الدّواعش سيتواصل نحو عواصم المنطقة، فمن الرّاجح أن يتطور تفسير الظّاهرة مع تفاعل فصول المؤامرة أيضاً، لتتخذ المؤامرة ذريعة أخرى، من ذات التراث.. هذا بينما يمضي الزحف في تحطيم كل شيء من حضارة وتاريخ الشرق، فلا يونسكو يمكنها أن تحمي أثراً تاريخياً، ولا أمم متحدة، أو ولايات متحدة، تستطيع التدخل عن طريق البر، لحماية المدنيين.. والحال هذه ففي حُكم المؤكد، أن تتخذ الدّعشنة سبيلها سرباً، نحو الحواضر العربية، كي تلتحم هناك، بطابورها الخامس، ممثلاً في فُقهاء الأُمّة..! وهناك ملاحظة جديرة بالتأمُل، هي أن النّاس في هذا العالم، ينتظرون مِن داعش، ما هو أسوأ، فلا يلقون بالاً، ولا يتوقفون كثيراً عند تحطيمها لتماثيل مدينة نينوى النّادرة، التي يعود تاريخها إلى ما قبل ميلاد المسيح..! لا يتوقفون كثيراً عند ذلك، لأن هناك ما هو أهم من تُحف يُقال أن أصولها نُقِلت الى بغداد... ما هو أهم، أن بغداد ليست بعيدة، وما هو أهم أن داعش اختطف عشرات الآشوريين ما بين الرِّقة في سوريا، والموصل فى العراق.. وما هو متوقع من داعش، أن يذبحهم ذبح الخِراف، مثلما فعل مع الاقباط المصريين في ليبيا..! وما هو أهم من هذا الحدث الذي سيكون رهيباً، أن الفقهاء الرسميين في البلاد العربية، يراوغون الحكومات فوق المنابر، فيدينون داعش (دون أن يميلوا عليها كل الميل)، لأنها باختصار تطبِّق ما يؤمنون به من قطعيات التُراث... فالفقهاء يمكن أن يتحدّثوا (حتى مطلع الفجر)، عن التطرُّف والجنوح، دون الإشارة الى مصادر الدّعشنة.. كما أن الحكومات كل الحكومات العربية لن تذهب بعيداً، فتُحاول دحرجة ثوابت (الأمّة) ممثلةً في أزهرها وفتاويه السلطانية، لأن حال كل الحكومات هو من حال (أفندينا)، وحال إنقاذنا، التي لن تستغني، الآن وهكذا، من (أهل الحل والعقد)، لكن يمكنها دمغ التنظيم الدولي، بأنه مأفون وإرهابي، أو نحو ذلك، ممّا يُمكن أن يكون مادة دسمة لعبد الوهاب الأفندي وأمثاله، فى سياق تنصلهم مِنْ (عُوَّاررة الضّرا) التي سيعتمل تأثيرها على المدى الطويل ما لم يتوفر البديل.. و لا شيء يمكن أن يأتي مُنساباً كماء النهر، فالدّعشنة التي نراها بعيدة، انطلقت من هنا، إن كان (أفندينا) يتذكر تمثال المهاتما غاندي فوق صينية مستشفى أُم درمان،، فأين ذهبتم بذلك التمثال، يا أفندي..!؟.. لقد نزعتموه، قبل تحطيمكم لتماثيل البوذيين والآشوريين..! ولمزيد من التحري، في هذا الأمر الذي (دُبِّر بليلٍ)، تأمّل معي هيئة الدواعش، الذين جاهدوا تماثيل نينوى بالشواكيش، إنّهم يلبسون شيئاً أشبه بسربادوق بلاد السودان، أو الأفغان، وإذا اعتمدنا نظرية المؤامرة، فإن الخطوة المنتظرة لداعش يُمكن أن تكون فرض الزّي الإسلامي المُوحّد، على كل الأُمّة، بما فيهم (أفندينا).. وكيف يكون شعور (أفندينا) في لندن، إن رأى المُتدعشِن جون، قاطع الرؤوس، مُعتمِراً للعُمامة السودانية، بدلاً عن ذلك القِناع...؟! سؤال طريف، أليس كذلك....!؟